عادل توماس يكتب: كيف يتحقق السلام فى الشرق الأوسط؟ (٢)
يتحقق السلام فى الشرق الأوسط بوقف العدوان الإسرائيلي المستمر والإنسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة والإعتراف بالهوية الوطنية الفلسطينية وحقوقهم، فذلك هو الطريق الأمثل للوصول إلى تسوية عادلة وشاملة ودائمة بين إسرائيل وفلسطين، والاقتناع أن المدخل الصحيح لإقرار السلام الحقيقي مبني على أساس من العدل والكرامة، ويعتبر قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 242 الذي ينص على الإنسحاب الكامل من الأراضي التي احتلت منذ عام 1967 في الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة ومرتفعات الجولان السورية أساس مفاوضات السلام في الشرق الأوسط.
ويعتبر أيضاً الإعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني هو الضمان الأول للتعايش السلمي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بل ومع العرب جميعاً في كافة أوطانهم، فالعرب والفلسطينيين ليس من طبيعتهم التنازل عن حقوقهم، خاصة أنها تحظي بقبول وإقرار وتأييد في ظل قواعد القانون الدولي ومبادئ العدالة وميثاق الامم المتحدة وقراراتها.
ولابد أن يعى الإسرائيليون أن الوضع القانوني للشعب الفلسطيني لا يقبل الطعن، فالشعب الفلسطيني ليس مجرد سكان أو قاطنين أراضي مفتوحة، بل شعب له تاريخ وحضارة وشخصية قومية متميزة لها كل خصائص الشعوب الأخرى، والضفة الغربية وغزة أراضي فلسطينية تخضع للتطبيق الكامل لقرار مجلس الامن رقم 242، وهي أيضاً ليست أراضي موعودة لشعوب اخرى بل أن لها أصحابها الشرعيين، وأن الادعاءات القائمة على غير مبادئ الشرعية والقانون الدولي لا مكان لها الآن.
كما أن بناء المستوطنات فى الأراضى المحتلة بصفة عامة والقدس بصفة خاصة منذ عام 1967 هو السبب الرئيسي لعدم الوصول إلى أى تقدم ممكن نحو السلام الحقيقي، ويلقي بالظلال من الشك على مصداقية عمليات السلام السابقة، ولابد من إيقاف تلك العمليات في المستقبل حتى لا تعرقل مسيرة السلام وتقوض أساس أى مفاوضات حول المستقبل النهائي للاراضي المحتلة، فهى التي تفتت إرادة التعايش وتنهى عملية السلام.
يتعين أن تظل مدينة القدس حرة مفتوحة مقدسة لكل المسلمين والمسيحيين واليهود، ولا تمارس قوة الإحتلال أي احتكار أو سيادة غير مشروعة على المدينة المقدسة، كما أن تكريس القرارات المنفردة التي اصدرتها سلطة الإحتلال بضم المدينة قرارات لا تتمتع بأي مصداقية أو مشروعية، ومن ثم يجب ان يخدع وضع المدينة للتفاوض حتى يتحقق السلام المنشود، ويتقرر بالاتفاق في إطار الشرعية التي صاغتها قرارات أجمع عليها المجتمع الدولي.
والتاريخ يشهد أن مصر في ساعة من أروع ساعات تاريخها عام 1973 دعت إلى السلام، وفي عام 1977 كانت الرائدة في مسيرة السلام، وفي عام 1979 صادقت على السلام مع إسرائيل، وإن مصر فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى تبذل جهود دؤوبة وجسورة من أجل السلام وتلتزم بالشرعية الدولية وبميثاق الأمم المتحدة وقراراتها واليوم مصر أشد ما تكون التزاما بنفس المبادئ التي لا تبديل فيها ولا مساومة عليها.
وفى النهاية نؤكد أن ملايين الأشخاص فى كافة أنحاء العالم وآلاف الآباء والأمهات الفلسطينيين والإسرائيليين تنطوى مشاعرهم على آلام لأبناء فقدوا، ولأزواج غابوا وأعزاء ذهبوا ولم يعودوا، هؤلاء يتطلعون وتجمعهم بوارق الأمل لتحقيق السلام ووقف الحرب ورفع غصون الزيتون.