عادل توماس يكتب: لماذا يشعر الشعب الفلسطينى بالظلم؟
يشعر الشعب الفلسطينى بالظلم لأنه طال حلمهم بالعدالة والحرية، وعانوا طويلًا من عدم إصغاء الآخرين إلى صوتهم، ومحاولة إسكات صوتهم وإنكاره، بل وتم إنكار هويتهم الوطنية بسبب اعتبارات سياسية، وشوه نضالهم العادل ضد الظلم، كما تم إخضاع وجودهم الحاضر ليلبى اعتبارات خلقتها مأساة حلت في الماضي بشعب آخر.
على مدار حوالى قرن وقع الشعب الفلسطيني ضحية لأسطورة تقول "هناك أرض بلا شعب" ووصفهم بكل صلافة بأنهم "الفلسطينيين غير المرئيين" ولذلك يرفض الشعب الفلسطينى تشويه هويته، وجاءت الانتفاضات شهادة على صموده وتصميمه، والشعب الفلسطينى شعب واحد أحزانهم وأفراحهم مشتركة، وتجمعهم وحدة الهدف والرؤية، واغانيهم ومووالهم وحكاياتهم الشعبية وقصص أطفالهم ونكاتهم، ماهى إلا مسحة من الحزن تلون أسعد لحظات حياتهم.
الشعب الفلسطينى شعب مضطهد من خلال الحرمان والتشريد في المنفى والشتات، ومن خلال وحشية الاحتلال وقمعه ومنعهم من التجوال لفترات طويلة، وعن طريق أسر منهم الآلاف الذين يقبعون فى سجون الاعتقال الإسرائيلية ومعسكراته، واحتجاز معظمهم من دون دليل أو لائحة اتهام أو محاكمة، ويتم التنكيل بالكثيرين منهم ويعذبوا أثناء التحقيق لا لذنب اقترفوه سوى تطلعهم إلى الحرية وتجرؤهم على تحدى الاحتلال، إلى جانب وجود عشرات الألوف من الجرحى والمعوقين، وأسر لشهداء صرعهم رصاص جيش الاحتلال، وآلاف من الأشجار تقتلعها جرافات الجيش المحتل بعد مصادرة الأراضى من أصحابها بوسائل وأساليب لاحصر لها بهدف بناء مستوطنات يزيلها الإسرائيليين بالأسلاك الشائكة، إلى جانب قيام الإسرائيليين بقطع المياه التى تمنح الحياة لفترة طويلة عن الشعب الفلسطينى.
وبالرغم من ذلك كله قبل الشعب الفلسطينى قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة الذى منح الولادة للدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، وغير التاريخ من المواجهة والصراع الحتميين إلى إتجاه السلام والاعتراف المتبادل، وتجاوب بكل إيجابية وجدية مع كل مبادرة للسلام، وبذل كل ما في وسعه لضمان نجاح مسائر السلام، في الوقت الذي وضعت إسرائيل فى طريق السلام كل العراقيل والحواجز لإسقاط هذه المسائر كلها صدقيتها، وأسطع دليل على موقف الرفض الذي تتبناه إسرائيل استمرار سياسة الاستيطان.
لقد آن الأوان أن يقر المجتمع الدولي بوجوب أن يكون إلى الشعب الفلسطينى دولة، وأن تولد على أرض فلسطين تكفيرا عن الظلم الناشئ عن تدمير حقيقتها التاريخية، ويجب تحرير شعب فلسطين من أغلال معاناته كضحية، خاصة أن الوطن لن يتوقف أبدا عن وجوده داخل عقول وقلوب الشعب الفلسطينى بصفة خاصة والشعوب العربية بصفة عامة، ولا بد ان توجد تلك الدولة فوق كل الاراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب 67 وتكون عاصمة هذه الدولة القدس الشريف لتميزها ومكانتها التي لا تقبل التفرد.