رئيس التحرير
خالد مهران

عادل توماس يكتب: لماذا يعتقد الإسرائيليون أنهم على حق؟

عادل توماس
عادل توماس

يعتقد الإسرائيليون أنهم على حق ويدعون كذبًا في كل مناسبة انهم اليهود الذين استمروا في ترحال لمدة الفي عام، ثم كانت لهم هذه الأرض لمئات السنين حتى طردوا قبل خمسمائة سنة، وجرت ملاحقتهم عبر التاريخ في كل قارة تقريبًا، ويشيرون إلى أنهم في بعض البلدان تقبلوهم بصعوبة، وفي بلدان أخرى اضطهدوهم وعذبوهم وذبحوهم وجلدوهم، ويستدلون على ذلك بخطة الإبادة التي نفذت بأيدي النظام النازي الذي قضى على ثلث الشعب اليهودي، معتبرين أن أحدًا لم يدافع عنهم لأنهم كانوا بلا وطن وكذلك من غير حماية، وردًا على هذه الأقاويل تقول الكتب السماوية أن اليهود استمروا في الشتات لأنهم عصوا الله فهم كانوا فى ترحال بأمر من الله، ويقول التاريخ أن اليهود طردوا من أغلب الدول بسبب أفعالهم السيئة، لأنهم خانوا وثاروا على حكامهم، كما أن كثير من اليهود الذين كانوا يقيمون فى أرض فلسطين اعتنقوا المسيحية والإسلام، ويقول التاريخ أيضًا أن النازيين لم يقتلوا اليهود فحسب، بل قتلوا أيضًا الغجر وذو الاعاقه والمثليين والمعارضين السياسيين للنازية وغيرهم، وغير صحيح إدعاءات الإسرائيليين بأنهم كانوا بلا وطن لأن الذين قتلوا منهم كانوا يحملون الجنسيات الألمانية والنمساوية والمجرية والهولندية ويتمتعون بحماية جنسيات دولهم.

ويؤكد الإسرائيليون أن مطلبهم بوطن واحد طلب قديم جدًا، وأنهم الشعب الوحيد الذي عاش في أرض إسرائيل نحو أربعة آلاف سنة بلا انقطاع، ويذكرون الإسرائيليين فى إدعاءاتهم الكاذبة أيضًا انهم الشعب الذي تمتع بسيادة مستقلة في هذه الأرض، باستثناء فترة المملكة المسماة بالمملكة الصليبية ويقررون إنها كانت لفترة قصيرة وأنهم  الشعب الوحيد الذي كانت أورشليم عاصمة دولتهم، والتاريخ يذكر فى ذلك أن هذا المطلب حديث ولم يظهر إلا بعد الهولوكوست، وملك بني إسرائيل لم يشمل في أي يوم من الأيام كل فلسطين المعروفة بحدودها الحالية، وإن المدة التي حكموا فيها بشكل مستقل تمامًا هي مدة ضئيلة قياسًا إلى تاريخ فلسطين وأنهم حتى عندما كانت لهم مملكتان كانوا في كثير من الأحيان خاضعين لنفوذ قوى أكبر منهم، والحكم الذاتي الذي تمتع به اليهود بعد عودتهم من السبي البابلي كان ضعيفًا ومحدودًا بمنطقة القدس وضواحيها، ولم يتمتعوا بعد ذلك إلا باستقلال محدود في عهد المكابيين، واليهود بعد ذلك تشردوا في الأرض _ بسبب منكراتهم وأفعالهم- ولم تعد لهم صلة بفلسطين لفترة استمرت حوالي 1900 سنة متصلة، والدليل على ان أورشليم ليست يهودية خالصة كما يدعي الإسرائيليين أن هذه المدينة تحوي على مقدسات إسلامية ومسيحية إلى جانب المقدسات اليهودية.


ويعتبر الإسرائيليين الأرض التى يقطنونها حاليًا وطنهم الحقيقي، وكل دولة أخرى مهما بلغت ضيافتها لهم ليست سوى شتات ومحطة مؤقتة إلى منزلهم، ويوضحون فى كل مناسبة أن الحركة الصهيونية السياسية عبرت عن مطالبهم بأرض إسرائيل، ويستندون فى أحقية مطالبهم إلى اعتراف عصبة الأمم فى عام 1924، وإقرار الأمم المتحدة بهذا الإعتراف من جديد بعد الحرب العالمية الثانية، والسؤال الذي يطرح نفسه فى هذا الأمر، لماذا لم يلتزم الإسرائيليين بقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقمي 242 و338؟!، حيث ينصان على الإنسحاب الكامل من الأراضي التي احتلت منذ عام 1967 في الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية وغزة ومرتفعات الجولان السورية، وكذلك من جنوب لبنان تنفيذًا لقرار مجلس الأمن 425، خاصة أن هذه الأرض ليست أرض مفتوحة ولا هي أرض موعودة لشعوب أخرى، بل أن لها أصحابها الشرعيين، كما إن هذا الادعاءات القائمة على غير مبادئ الشرعية والقانون الدولي لا مكان لها في عالمنا اليوم.

 


ويقول الإسرائيليين أيضًا أنهم منذ استقلالهم في عام 1948 مدت إسرائيل يدها إلى جيرانها العربية، ودعت إلى إنهاء الحرب وإراقة الدماء، ويدعون أنه نتيجة لذلك غزت سبع دول عربية إسرائيل، وأن العرب قاموا باختراق قرار الأمم المتحدة لتقسيم البلاد ونتج عن ذلك ألغاء القرار عمليا، وهذا بالطبع غير حقيقي لأن الحقيقة كما يذكرها المؤرخين أن القوات اليهودية هى التى تحركت لإحتلال أراضي تتجاوز الحدود المبينة بخطة التقسيم المعدة من قبل الأمم المتحدة، وتصاعد القتال لتصبح الحرب الأولى بين العرب وإسرائيل، وفى الخامس من يوليو عام 1967 شنت إسرائيل حربًا مفاجأة عرفت بحرب الأيام الستة، وكانت إسرائيل قد خططت لها في السابق على كل من مصر وسوريا والأردن، واستولت على الضفة الغربية بأكملها وشبه جزيرة سيناء وقطاع غزة وعلى هضبة الجولان، وأخضعت حوالي واحد ونص مليون مواطن عربي في الأراضي المحتلة للحكم العسكري الإسرائيلي.

 

ويدعون الإسرائيليين على غير الحقيقة أن اسرائيل قد قامت وتكونت لأن الطائفة اليهودية الصغيرة التي كانت في فلسطين تحت الانتداب ثارت على الحكم الأجنبي الإمبريالي، والحقيقة أن هزيمة الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى أدت إلى وضع الأقاليم العربية العثمانية تحت سيطرة دول الحلفاء المنتصرة، وفي إتفاق سايكس بيكو لعام 1916 قرر الحلفاء توزيع هذه الأقاليم العربية العثمانية على مختلف مناطق النفوذ الأوروبية، وأخضعت فلسطين لسيطرة بريطانية بموجب تفويض بالانتداب من قبل عصبة الأمم في عام 1922، يتضمن شروط وعد بلفور لعام 1917 الذى أيدت فيه الحكومة البريطانية إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين.