كواليس إجبار الحكومة على تعويم جديد وكسر الدولار حاجز الـ40 جنيهًا
للمرة الثالثة بعد وكالتى «موديز وستاندرد آند بورز»، خفضت وكالة فيتش الدولية للتنصيف الائتماني، تصنيف مصر السيادي لإصدارات الديون طويلة الأجل بالعملة الأجنبية إلى درجة «- B» بدلا من درجة «B» مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وطرح هذا القرار عدة تساؤلات حول مدلول هذا القرار اقتصاديًا، وإلى أين يتجه الاقتصاد المصري خلال الأشهر المقبلة؟، وهل أصبحت الحكومة مجبرة على اتخاذ قرار بتعويم جديد للجنيه المصري وتثبيت سعر الدولار، وهو ما ستجيب عنه «النبأ» خلال السطور التالية.
وأرجعت وكالة موديز قرارها السابق بتخفيض التصنيف الائتماني لمصر، إلى عدة أسباب، على رأسها تدهور قدرة البلاد على تحمل الديون، واستمرار نقص النقد الأجنبي في مواجهة زيادة مدفوعات خدمة الدين العام الخارجي خلال العامين المقبلين -حسب الوكالة-.
وأضافت الوكالة، أن عملية تغطية خدمة الدين من خلال الاحتياطيات الحالية البالغة نحو 27 مليار دولار قد تضعف بشكل كبيرة خلال العامين المقبلين خاصة في غياب تدابير لتعزيز احتياطي النقد الأجنبي.
وتوقعت موديز، أن تساعد عائدات بيع الأصول (برنامج الطروحات الحكومية) في استعادة احتياطي السيولة من العملة الصعبة للاقتصاد، وحددت النظرة المستقبلية لمصر عند «مستقرة»، ما يعكس سجل الحكومة الخاص بقدرتها على تنفيذ الإصلاح المالي وإطلاق استراتيجية بيع الأصول الحكومية.
وتزامن مع إصدار الوكالة تصنيفها، تحذير المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجييفا، من أن الحكومة المصرية سوف «تستنزف» احتياطياتها الثمينة من النقد الأجنبي ما لم تخفض قيمة الجنيه مرة أخرى.
وقالت «جورجييفا»، إن مصر تؤخر أمرًا لا مفر منه عبر الامتناع عن القيام بخفض قيمة العملة مرة أخرى، متابعة: «كلما طال الانتظار، أصبح الأمر أسوأ».
وردًا على تخفيض موديز للتصنيف الائتماني، قال الدكتور محمد معيط، وزير المالية، إن الحكومة تنفذ إصلاحات هيكلية لمواجهة التحديات الاقتصادية ونتخذ إجراءات لتحفيز الاستثمار وتعزيز مشاركة القطاع الخاص.
وأضاف أن مصر قلصت الإنفاق في السنة المالية المنتهية في يونيو رغم الصدمات الخارجية ومن بينها الآثار غير المباشرة للحرب في أوكرانيا.
قرار متسرع
من جانبه، يرى الدكتور محمود الشريف الخبير الاقتصادى، أن وكالة موديز تسرعت بتخفيض التصنيف الائتماني لمصر، كنوع من الحذر بعد أزمة إفلاس البنوك الأمريكية السابقة، فالوكالة تخشى تكرار ذلك في دول أخرى، وبالتالي تكون جادة في تحذيراتها.
وأفاد بأن «موديز»، كانت قد وضعت، في وقت سابق، تقييم مصر تحت الدراسة والاختبار لمدة 3 أشهر، لكنها فاجأت القاهرة بهذا التخفيض قبل التوقيت المحدد، ويرجع ذلك لأسباب معروفة، لجهة التبعات المستمرة للأزمة التي تعانيها مصر ومختلف الدول بعد صدمتي جائحة كورونا ثم الحرب في أوكرانيا.
وأضاف الخبير الاقتصادي، أن تخفيض تصنيف مصر الائتماني لن يكون له تأثير وتداعيات سلبية كبيرة على الأنشطة الاقتصادية وبالأخص القطاع المصرفي المصري، موضحًا أن كل هذه الأمور اتخذ بشأنها إجراءات احتياطية استباقية، خاصة وأن موديز وغيرها من وكالات التصنيف حذروا البنوك والقطاع المصرفي والشركات التي لديها أصول بالنقد الأجنبي من قبل، وكانوا جميعًا بالفعل متوخين الحذر.
من جانبه، أكد الدكتور إبراهيم الشندويلي الخبير المصرفي، أن خفض التصنيف الائتماني تكلفة أعلى وصعوبة أكبر للوصول إلى الأسواق الدولية عند طرح سندات سيادية، مشيرًا إلى أهمية وجود رؤية اقتصادية محددة عند الحكومة مبنية على أسس اقتصادية سليمة؛ لكي تستطيع توفير السيولة الدولارية لمجابهة الأخطار التى تواجه الاقتصاد المصرى.
وأكد أن خفض تصنيف مصر الائتمانى يعكس المخاطر المتزايدة على التمويل الخارجى لمصر، واستقرار الاقتصاد الكلى، ومسار الدين الحكومى المرتفع بالفعل، مشيرا إلى أن بطء التقدم فى الإصلاحات، بما فى ذلك تأخير الانتقال إلى نظام أكثر مرونة لسعر الصرف ومراجعات برنامج صندوق النقد الدولى، أدى إلى الإضرار بجدية سياسة سعر الصرف، وتفاقم قيود التمويل الخارجى فى وقت يتزايد فيه سداد الديون الحكومية الخارجية.
وتوقع الخبير المصرفي، حدوث تعويم جديد للجنيه، حيث إن ذلك أمر لا مفر منه خلال الفترة المقبلة في ظل تخفيض التصنيف، وعدم توافر العملة الصعبة وارتفاع قيمة الدولار في السوق السوداء؛ مما يعجل بتعويم جديد لتثبيت الدولار عند 40 جنيهًا على الأقل وأن كان الأمر يحتاج إلى أن يصل سعر الدولار إلى 50 جنيهًا لاستقرار السوق.
واختتم «الشندويلي»، أن ذلك سوف يتبعه تداعيات كبيرة جدًا في ارتفاع أسعار السلع مما يضع الحكومة في مواجهة كبيرة مع المواطنين.