كواليس مفاوضات الحكومة للحصول على قروض وودائع بـ 11.5 مليار دولار
في خطوة جديدة للحكومة للحد من أزمة ارتفاع سعر الدولار وندرته في السوق المصري، بدأت في المطالبة بأخذ قروض بقيمة تتخطى الـ5.5 مليار دولار من 6 بنوك ومؤسسات دولية، بالإضافة إلى التفاوض على ودائع تقدر 6 مليارات دولار من 3 دول خليجية.
ففي 26 أكتوبر الماضي، تفاوضت مصر مع قطر للحصول على وديعة تصل إلى مليار دولار، كان من المقترح إيداعها بالبنك المركزي المصري أواخر العام الماضي، ليتم إيداعها في شهر ديسمبر المقبل، تحت حساب صفقات مستقبلية، وفق ما نقلته وكالة أنباء العربي عن مصادر مطلعة على تفاصيل المفاوضات.
كما نقلت وكالة أنباء العربي، يوم 25 أكتوبر الماضي، سعي مصر في الحصول على ودائع من السعودية والإمارات بقيمة 5 مليارات دولار.
ومن المقرر أن تحصل مصر على ودائع خليجية بقيمة 6 مليارات دولار خلال العام الحالي.
وبحسب الوكالة، فإن الوديعة السعودية والإماراتية، التي يجري التفاوض عليها حاليا كانت تتعلق في الأصل ببعض الصفقات، على رأسها الاستحواذ على حصة الشركة المصرية للاتصالات -المملوكة للحكومة- في فودافون مصر والبالغة نحو 45%، أما بالنسبة للوديعة القطرية، عبر صندوق قطر السيادي ستكون استحواذات أخرى في قطاعات الموانئ والبتروكيماويات والسياحة.
أما بالنسبة للقروض، فحصلت مصر 31 أكتوبر الماضي، على قرض من بنك التنمية الصيني، بقيمة 7 مليارات يوان أى 956.6 مليون دولار وفقا لاتفاقية مع البنك المركزي المصري.
وكانت الاتفاقية، خلال المنتدى الثالث لمبادرة الحزام والطريق الذي عقد في بكين في وقت سابق من هذا الشهر، وتهدف إلى تمويل المشاريع التي جرى الاتفاق عليها خلال تلك القمة وكذلك خلال منتدى التعاون الصيني الإفريقي في عام 2021.
وخلال 13 أكتوبر الماضي، كشفت وكالة بلومبرج عن إجراء مصر محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن زيادة برنامج التمويل من 3 مليارات دولار إلى أكثر من 5 مليارات دولار للتغلب على العقبات التي تواجه حزمتها الحالية من خلال معالجة المخاوف بما في ذلك سعر الصرف.
وفي 30 أكتوبر، وافق مجلس النواب، على حصول وزارة المالية، تمويل بقيمة 500 مليون دولار بأجل 7 سنوات منها سنتين فترة سماح، من دويتشه بنك الألماني، بالإضافة إلى بنك المؤسسة العربية المصرفية، بواقع 250 مليون دولار لكل من البنكين.
ويكون القرض تحت سعر فائدة ثابت لـ«دويتشه بنك»، ومتغير لشريحة القرض الثانية البالغة 250 مليون دولار من المؤسسة العربية المصرفية.
وتستهدف الاتفاقية تمويل وإعادة تمويل مشروعات مدرجة بالموازنة العامة حتى نهاية العام المالي الجاري، لتتوافق مع المعايير البيئية والاجتماعية والاستدامة.
وفي 10 أكتوبر الماضى، تفاوضت الحكومة مع عدد من مؤسسات التمويل الدولية لتوفير قرض ميسّر بقيمة تتجاوز مليارَي يورو (2.1 مليار دولار) لتنفيذ الخط الثاني من شبكة القطارات السريعة التي تبنّتها مصر منذ عام 2021، حسب بلومبرج.
وجاءت المؤسسات التي تُجرى معها مصر المفاوضات حاليًا، هيئة تنمية الصادرات الإيطالية، وبنك كيه إف دبليو الألماني.
وفي هذا السياق، قال الدكتور خالد الشافعي، المحلل الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن الحكومة تتفاوض على الودئع الخليجية والقروض لسداد ما عليها من التزامات، خلال العام الجاري.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الأمر ليس لسداد القروض وأقساط القروض ولكن الأمر يخص، أيضًا، الاستيراد وتوفير السلع الاستراتيجية وتكملة المشروعات الاستثمارية، متابعًا: «في مقابل مصر سددت التزامات بـ52 مليار دولار، خلال العامين الماضيين».
وأشار «الشافعي»، إلى أن زيادة القروض لن تؤثر على الاقتصاد المصري لأنه يتم سداد الالتزامات في وقتها المحدد، لافتًا إلى أن ذلك رغم ارتفاع مستوى الأزمات في العالم كله بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، خلال العامين الماضيين وحاليًا بسبب الحرب على غزة.
وأوضح المحلل الاقتصادي، أن العالم كله يعمل على تلافي التحديات الاقتصادية الناتجة على الحروب الدائرة في المنطقة، قائلًا: «هناك تضخم عالمي وارتفاع في الأسعار بشكل غير مسبق وتباطؤ في النمو وليس على مستوى مصر فقط، بالإضافة إلى مشاكل الديون، فأمريكا وصل ديونها إلى 150% من الناتج المحلي الإجمالي».
ومن ناحيته، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد المساعد بالأكاديمية العربية للنقل البحري، إن الحكومة لجأت إلى القروض والودائع، خلال الشهر الماضي، لاقتراب موعد تحرير سعر الصرف والذي سيجب أن يقابله زيادة في الاحتياطي النقدي، والمعروض من الدولار.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الودائع والقروض، ستساهم في عدم حدوث انفلات في سعر الصرف، وخاصة مع توقعات وصول سعر الدولار إلى 39.50 جنيها في البنوك بعد تخفيض سعر العملة.
وأشار «الإدريسي»، إلى أن القروض والودائع ستساعد، أيضًا، في سد الفجو التمويلية، والتي وصلت إلى 6 مليارات دولار حتى نهاية العام المالى الحال، حسب تصريحات وزير المالية الدكتور محمد معيط.
وتابع: «هذا بالإضافة إلى تأثر مصادر مصر الدولارية من الحرب على غزة، حيث تراجعت إمدادات الغاز والطاقة المتجددة، بجانب انخفاض حجم السياحة والصادرات، والاستثمارات الأجنبية المباشرة، ولن ننسى إيرادات قناة السويس، نتيجة ما يحدث في اليمن والبحر الأحمر، ومع تأخر قرار تحرير سعر الصرف ستهرب تحويلات المصريين في الخارج إلى السوق الموازي».
وحول زيادة القروض على مصر وتأثيره على الاقتصاد، أوضح أن الدولة لن تتخلف عن سداد ديونها، ولكن المشكلة الكبرى، في الاقتراض لسداد الديون، وهو ما يصعب الأمر ويجعلنا في حلقة مفرغة.
وأكد أستاذ الاقتصاد، أن الدولة تتعامل في ظل تحديات صعبة ومشهد مظلم، وخاصة الصراع مع غزة لم يصبح مع إسرائيل وفلسطين بل وصل إلى دول الاتحاد الأوروبي الداعمة، مقابل دول غير داعمة مثل إيران هو الأمر الذي سيمد الصراع ومدته إلى سنوات.
ولفت إلى أن الأزمات الاقتصادية الحالية ستستمر لفترة طويلة، وعلى المواطن توجيه أمواله لأفضل فرص للاستثمار، والحفاظ على جزء من السيولة المالية لديهم، للسلع الأساسية وليس الترفيهية.