العالم السرى لـ«بيزنس» سرقة البطاريات وإطارات السيارات وبيعها «خردة»
انتشر، فى الآونة الأخيرة، نوع جديد من السرقات يتعرض لها أصحاب السيارات تمثلت فى سرقة البطاريات وإطارات السيارات، وبيعها مستعملة لآخرين إما عن طريق مواقع التواصل الاجتماعى أو من خلال أسواق البطاريات المستعملة المخصصة لبيع وشراء الخردة، ولأن أسعار البطاريات مرتفعة للغاية، يلجأ البعض إلى هذه الأسواق بين الحين والآخر لتوفير احتياجاته بغض النظر عن المصدر، فمن يتحمل الذنب من وجهة نظر الزبون؟ هو الشخص المسئول عن بيع شيء مسروق وليس المشترى، وذلك حتى يطمئن ضميره.
وتكشف «النبأ»، فى السطور التالية، العالم السري لعصابات سرقة البطاريات وإطارات السيارات بعدما تحولت الحوادث الفردية إلى ظاهرة يعاني منها 60% من أصحاب السيارات فى ضوء البلاغات التى تقدموا بها ولم يتوصلوا إلى شيء.
السرقة «عيني عينك»
كانت البداية مع بعض الضحايا ممن تعرضوا لتلك السرقات، إذ أوضح محمد محسن موظف ومقيم بشبرا الخيمة، أنه تعرض لسرقة البطارية من سيارته ذات الموديل الحديث، حيث قام شخص بالتسلل للمنطقة ليلا وسرق إطارات السيارة الخاصة به وفوجئ أثناء ذهابه لعمله بأن سيارته تقف على طوب بدلا من الكاوتش وذهب على الفور لتقديم بلاغ بقسم شرطة شبرا الخيمة دون جدوى.
وقال إبراهيم سامي، مندوب بشركة تجميل، إنه تعرض لسرقة البطارية من سيارته، حيث استيقظ صباحًا وجهز نفسه للذهاب إلى العمل كما هو الحال يوميًا.
وتابع: «ما إن دخلت السيارة أقوم بتشغيل المحرك لتسخينه قبل التحرك فكانت الصدمة اختفاء البطارية، فحاولت استيعاب الأمر لكن دون فائدة فكيف يسرق لص البطارية دون أن يخدش السيارة أو يفتح الكبوت بالقوة، وكيف لم تطلق السيارة إنذارا، ولكن عرفت فيما بعد أن شركات تصنيع السيارات تجاهلت وضع صمام أمان وإنذار للجزء الأمامي من السيارة».
وأضاف: «قمت بعمل محضر واستعنت بكاميرات المراقبة المثبتة لدى المحال التجارية القريبة من المنزل لكن دون فائدة، إذ يتعمد اللصوص سرقة البطاريات فى الظلام لتجنب رصدهم من جانب كاميرات المراقبة، وبالتالي لم تظهر ملامح اللص حتى نتوصل إليه، وللأسف لم أكن الحالة الوحيدة فى الشارع فقد تعرض قبلى 3 حالات لنفس الأمر».
والتقط أطراف الحديث المواطن محمد أشرف، قائلا: «لم يكن مر على البطارية التى اشتريتها من التوكيل سوى 24 ساعة لتتعرض إلى السرقة وكأن اللص يعلم أنها جديدة تمامًا، وهو ما جعلنى أبحث كالمجنون عن البطارية واللص الذي قام بسرقتها، خاصة أن سعرها لم يكن بالهين حتى أتنازل عن الأمر بسهولة، ومن خلال حديث مع أحد الأصدقاء فى الأمن أخبرنى بأن هناك سوقا للخردة فى طرة، وآخر فى المطرية ويمكن التوجه إلى هناك والبحث عن البطارية، فاللص لن يجد سوى أسواق الخردة بدلا من المحال التجارية التى تشتري بأسعار بخسة».
وأضاف: «توجهت إلى سوق طرة وهناك وجدت قسما كاملا فى سوق الخردة للبطاريات وبعضها لا يزال بشهادة الضمان الملصقة على واجهة البطارية، والسعر يبدأ من 200 جنيه وحتى 600 على حسب الحالة، وبعضها سعودى الصنع وأخرى تركى، وهما من أجود أنواع البطاريات، وبالفعل اضطررت لشراء واحدة وحالتها ممتازة، وربما لم يمر عليها سوى ساعات مع صاحبها قبل أن يتم سرقتها وسعرها 500 جنيه وتركى الصنع، ومثيلتها فى التوكيلات تباع بـ1200 جنيه وتصل فى توكيلات أخرى إلى 1300 جنيه».
حيلة مواطن لخداع اللصوص
بينما اضطر مينا صادق بعدما تعرض لسرقة بطارية سيارته، إلى إزالة بطارية السيارة ليلا وتركيبها نهارًا حتى لا تتعرض للسرقة، قائلا: «سرقة البطاريات انتشرت بقوة وتحولت إلى ظاهرة، وهو ما دفعنى إلى القيام بهذا الإجراء بشكل يومى ورغم أنه مرهق نوعًا ما، إلا أنه أفضل بكثير من التعرض لسرقة وشراء بطارية جديدة، خاصة أن البلاغات التى نتقدم بها فى سرقة البطاريات تصل دائمًا إلى طريق مسدود».
وتعددت البلاغات أمام إدارة البحث الجنائي بجميع المحافظات والتي تفيد بتعرض أصحاب السيارات لسرقة إطارات وبطاريات سياراتهم، وضجت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بمئات الشكاوى تتحدث عن سرقة إطارات السيارات في مناطق متفرقة من أنحاء البلاد،
وسجلت الفترة الأخيرة وقوع العديد من حوادث سرقة السيارات التي تم ضبطها من قبل وزارة الداخلية، وكان أحدثها ضبط تشكيل عصابي تخصص في سرقة السيارات بهدف تقطيع أجزائها وبيعها، يعمل ما بين محافظات الجيزة، القليوبية، المنوفية.
وفي منطقة المرج، تم ضبط تشكيل عصابي مكون من 3 أشخاص تخصص في سرقة إطارات السيارات، وبمواجهتهم اعترفوا بمزاولة نشاطهم الإجرامى في مجال سرقة إطارات السيارات بأسلوب الفك، وارتكاب 3 وقائع سرقة بذات الأسلوب، باستخدام الأدوات المضبوطة بحوزتهم.
وفي التجمع الأول، تلقت أجهزة الأمن بالقاهرة إخطارا مفاده سرقة جنوط سيارة بدائرة القسم، وعلى الفور انتقلت أجهزة الأمن وتبيّن سرقة جنوط سيارة وبعمل التحريات وتفريغ كاميرات المراقبة تبيّن توقف سيارة ملاكي فجرا بجوار السيارة المسروقة، وقام شخصان بالنزول منها ووضع قطع بلاط أسفل العجل وفكه.
كما رصدت كاميرات المراقبة وضعهم الإطارات المسروقة بسياراتهم ولاذوا بالفرار، ويقوم رجال المباحث بتحديد هوية المتهمين؛ تمهيدا لضبطهم، وحُرر المحضر اللازم وتولت النيابة التحقيقات.
وفي القليوبية انتشرت عصابة سرقة إطارات السيارات، حيث كون 4 متهمين "لأحدهم معلومات جنائية" عصابة تخصصت في سرقة إطارات السيارات المتوقفة أسفل المساكن بأسلوب "الفك"، وبإرشادهم تم ضبط 16 إطار سيارة.
كما انتشرت صور على عدة صفحات خاصة بالسيارات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لسيارات دون إطارات، مصحوبة بشكوى أن لصوص إطارات السيارات انتشروا بطريقة مرعبة، خاصة في الأماكن النائية.
وأوضحت الصور المنشورة، أن السيارات التي تم سرقة الإطارات منها باهظة الثمن منها "هيونداي وشيفروليه"، إذ يتم تفكيكهم بكل سهولة، ومن ثم بيعها كإطارات مستعملة
وربط العديد من الأشخاص عمليات السرقة الجديدة، بالوضع الاقتصادي الحالي في مصر، حيث يلجأ العديد لهذه الحيلة لبيع الإطارات دون سيارة لعدم التوصل إليه والكشف عنه، حيث يصبح من السهل بيعها.
كما تمكنت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية، من ضبط شخص بالجيزة لقيامه بمزاولة نشاط إجرامي في مجال سرقة إطارات وجنوط السيارات، حيث أكدت معلومات وتحريات قطاع الأمن العام بمشاركة الإدارة العامة لمباحث الجيزة، قيام أحد الأشخاص مقيم بدائرة قسم شرطة الأهرام، له معلومات جنائية، بمزاولة نشاط إجرامي في مجال سرقة إطارات وجنوط السيارات من الطريق العام باستخدام سيارة ملك شقيقه، مطلوب التنفيذ عليه بالحبس بمدد بلغت أكثر من 110 سنوات في 70 حكما قضائيا في قضايا شيكات.
وأوضحت التحريات الأولية، أنه عقب تقنين الإجراءات تم استهدافه وأمكن ضبطه والسيارة المستخدمة فى ارتكاب نشاطه الإجرامى، وبمواجهته اعترف بارتكاب 4 وقائع سرقات جنوط سيارات بنطاق مديريتى أمن الجيزة والقاهرة، وبإرشاده تم ضبط 8 إطارات بجنوطها - بعض الأدوات المستخدمة فى ارتكاب وقائع السرقة، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية.
أرقام صادمة وارتفاع جنوني
من جانبه، كشف مصدر أمني لـ«النبأ»، عن أن معدّل سرقة السيارات ارتفع ارتفاعًا جنونيًا هذا العام، حيث كشفت التقارير، عن أن نسبة ارتفاع معدّل سرقة السيّارات في مصر وقطع الغيار والكاوتش والبطاريات ارتفع إلى 500%.
وأضاف أنه خلال الأشهر الـ10 الأولى من العام الحالي مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2022، ارتفع عدد السيارات المسروقة بنسبة 200%، كما ارتفعت جرائم السرقة بنسبة 365% إذ سجلت خلال شهر أكتوبر 1260 جرائم سرقة مقارنة بـ750 جريمة سرقة في شهر سبتمبر، أي بمعدل 40 جريمة سرقة يوميًا.
فيما يرى الدكتور إيهاب يوسف، الخبير الأمني في حديثه لـ«النبأ»، أن الظروف الاقتصادية ألقت بأعبائها على الجميع، كما أنها أدت بضعاف النفوس إلى ارتكاب العديد من الجرائم وليست السرقة فقط، موضحًا أن ذلك يعد أحد أهم الأسباب وراء ارتفاع معدل سرقات السيارات في الفترة الأخيرة.
وأكد أن أجهزة الأمن تبذل قصارى جهودها للحفاظ على أمن وأمان المواطنين، وكذلك الحفاظ على ممتلكاتهم، كما لفت إلى أنها تسعى في ذلك إلى استخدام أحدث التقنيات في ضبط الجرائم وتتبع منفذيها.
علاقة الاقتصاد بالجريمة
وفي السياق ذاته، قال اللواء محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية الأسبق، في تصريح خاص لـ«النبأ»، إن هناك علاقة عكسية بين أوضاع الاقتصاد والجريمة، فكلما زادت معدلات النمو الاقتصادي قلت معدلات الجريمة.
وأضاف أنه في ظل ارتفاع أسعار بعض أجزاء السيارات مثل الإطارات التي تبدأ من 3 آلاف و4 آلاف جنيه، وكذلك في ظل عدم وجود الإمكانيات اللازمة لبناء العديد من الجراجات، ووضع العديد من الكاميرات في الشوارع أمر طبيعي أن تزيد معدلات سرقة السيارات.
آليات الردع القانونية
وكشف المستشار القانوني هشام الجابري، عن عقوبة السرقة بأسلوب المغافلة أو التي لم تقترن بجناية طبقًا للمادة 318 من قانون العقوبات والتي تنص على أنه يعاقب بالحبس بمدة لا تزيد عن سنتين إذا لم تقترن السرقة بظرف من الظروف المشددة، وهي السرقات التي تحدث فى مكان مسكون، أو معد للسكن، والسرقات التي تحدث فى مكان مسور بحائط أو بسياج من شجر بواسطة كسر من الخارج أو تسور أو باستعمال مفاتيح مصطنعة.
وأكد أن المادة «323 مكرر» من قانون العقوبات تنص على أن يعاقب بموجب القانون كل من استولى بغير حق، ودون نية التملك على سيارة مملوكة لغيره، بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه، ولا تجاوز خمسمائة جنيه، وتعتبر من الجرائم الملحقة بجريمة السرقة.
وأضاف: «أما المادة 314 من قانون العقوبات فقد جاءت مفسرة لعقوبة السرقة، بحيث يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة، كل من ارتكب سرقة بإلاكراه، سواء في الطرق العامة، أو وسائل النقل، وفى حالة إصابة مالك السيارة بجروح، فتتحول الجريمة من جنحة سرقة إلى جناية».
وأوضح أن المادة «318» تنص على أن يعاقب المتهم بالحبس مع الشغل مدة لا تتجاوز الثلاث سنوات من ارتكب جريمة سرقة، لم يتوفر فيها أي جروح أو إصابات أو تكون بالإكراه.