رئيس التحرير
خالد مهران

مفهوم إدارة الجودة الشاملة

 الجودة الشاملة
الجودة الشاملة

يُعد تقديم منتجات وخدمات جيدة للعملاء، هو مسعى جميع المؤسسات التي تعمل في مختلف الصناعات، فهذا ما يجعلها تكسب ثقة عملائها وتتبوأ مكانة متميزة في السوق التنافسي، ولأجل تحقيق هذا الهدف تُتخذ العديد من الإجراءات، أبرزها تنفيذ عملية إدارة الجودة الشاملة، والتي تلعب دورًا في تطوير وتقديم منتج أو خدمة، من خلال الاستعانة بفرق مخصصة للتصميم والهندسة والتسويق وغير ذلك، وفي هذا المقال نوضح مفهوم إدارة الجودة الشاملة ومبادئها ومهامها وخصائصها وأنواعها وأهدافها ومراحل تطورها، والمعوقات التي تواجه تطبيقها.

مفهوم إدارة الجودة الشاملة:

يشير مصطلح إدارة الجودة الشاملة Total Quality Management إلى النهج الإداري الذي تتبعه المؤسسات تعمل من خلاله على التحسين المستمر للعمليات التجارية والالتزام بمتطلبات العملاء، وذلك من أجل تلبية تلك المتطلبات وتمكين موظفي جميع الأقسام من الحفاظ على أفضل المعايير وتحسين جودة المنتجات أو الخدمات، وتعزيز عملية الإنتاج أو تقديم الخدمات، والهدف منها زيادة رضا العملاء إلى أقصى حد.

مراحل تطور ادارة الجودة:

مرت إدارة الجودة بعدة مراحل تاريخية وهي:

الأصول المبكرة

تُعد الثورة الصناعية بداية ظهور مفهوم إدارة الجودة، إذ استُخدم التفتيش والتحليل الإحصائي في العمليات الحرفية.

حركة مراقبة الجودة

ظهرت حركة مراقبة الجودة مطلع القرن العشرين، والتي خلقتها الحاجة إلى عمليات تصنيع أكثر كفاءة، بعد تزايد الطلبات على السلع المنتجة.

مراقبة الجودة الإجمالية

 تبنى المصنعون اليابانيون في أربعينات القرن الماضي مراقبة الجودة وطوروا أساليبهم الخاصة، وفي الخمسينات وُضعت مراقبة الجودة الشاملة على يد خبير الجودة الأمريكي دبليو إدواردز ديمينغ.

إدارة الجودة الإجمالية

خلال فترة الثمانينات، ظهرت إدارة الجودة الشاملة كنهج إداري شامل، يشتمل على كافة جوانب مراقبة الجودة.

النهج المعاصر

في الفترة الحالية، تطور نظام إدارة الجودة الشاملة ليشمل تقنيات ومنهجيات جديدة، مثل Lean Six Sigma وAgile.

تخصص إدارة الجودة ودورات الجودة:

نظرًا لزيادة الطلب على متخصصي إدارة الجودة في مختلف الصناعات؛ بات تخصص إدارة الجودة من أهم التخصصات التي تُدرس في الجامعات، إذ يتعرف الطلبة على المهارات المطلوبة لتخطيط وتطوير عمليات نظام الجودة، والتحسين المستمر وحل المشكلات الإبداعية لاحتياجات المنظمة.

وبعد الانتهاء من الدراسة، يُفضل الالتحاق بـ دورات الجودة في الرياض، من أجل الحصول على فرص وظيفية جيدة في هذا المجال.

خصائص إدارة الجودة:

هناك مجموعة من الخصائص التي تميز إدارة الجودة الشاملة في المنظمات وهي:

1- المرونة

تمتاز إدارة الجودة الشاملة بمرونتها، وهي قدرتها على التكيف مع تغيرات الشركات ومتطلباتها، إذ تسمح هذه المرونة بتعديل العمليات أو الاستجابة إلى التحديات الجديدة دون الحاجة إلى إصلاح النظام القائم.

2- الوضوح

تشتمل إدارة الجودة الشاملة على وجود تواصل واضح وفعال بين الإدارات والمشاريع، وأن تقوم العمليات التعاونية على الامتثال والتحسين.

3- تسهيل الإجراءات

يتيح نظام إدارة الجودة الشاملة تبسيط الإجراءات وتنفيذ المبادرات التي تزيد من القدرة على المنافسة وتساعد على اكتساب ولاء العملاء والاحتفاظ بهم.

4- المراجعة الداخلية

تتضمن إدارة الجودة الشاملة التدقيق المنتظم والتنظيم الذاتي، وهو ما يمكّن من تحديد المشكلات في وقت مبكر وإجراء التصحيحات عند الاقتضاء.

5- التفاعل مع العملاء

تتيح إدارة الجودة الشاملة التفاعل الجيد مع ملاحظات العملاء، وتضمن حل المشكلات المحددة بسهولة أو التخفيف منها.

مبادىء إدارة الجودة: 

تتمثل مبادئ ادارة الجودة الشاملة فيما يلي:

مشاركة الموظفين

يعتمد نجاح إدارة الجودة الشاملة في كسب رضا العملاء على وجود هدف مشترك لجميع الموظفين في كافة الأقسام، وعملهم على تحقيقه.

التركيز على العملاء

يجب أن تؤدي جميع الجهود المبذولة لإنجاح المؤسسة إلى تحقيق رضا العملاء وكسب ولائهم.

النظام المتكامل

يجب أن تعمل جميع أجزاء المؤسسة بصورة منظمة، بصرف النظر عن حجم المؤسسة أو عملياتها.

التحسين المستمر

تُعد عملية التحسين المستمر للجودة من العمليات التي لا تنتهي، والهدف منها حصول العملاء على منتجات أو خدمات على أعلى مستوى من الجودة.

النهج الاستراتيجي

تقوم إدارة الجودة الشاملة على استخدام التخطيط الاستراتيجي لإنشاء خطة استراتيجية لدمج الجودة كمكون أساسي للشركة.

التواصل الفعال

يتوقف نجاح إدارة الجودة الشاملة على وجود خطة اتصال فعالة، تضمن إدراك جميع أقسام المؤسسة بمسؤولياتها، حتى تتمكن من تنسيق العمليات لتحقيق الهدف المشترك.

أنواع إدارة الجودة الشاملة:

تتعدد أنواع إدارة الجودة الشاملة، والتي يمكن حصرها فيما يلي:

1- معيار ISO 9000

يُعد أكثر أنواع إدارة الجودة الشاملة المُستخدمة والذي أطلقته المنظمة الدولية للمعايير ISO 9001، وهو معيار دولي يحدد متطلبات نظام إدارة الجودة، ويساعد على تلبية مختلف متطلبات العملاء.

2- لين ستة سيجما

لين ستة سيجما هي منهجية تعتمد على البيانات في تحسين كفاءة العملية والقضاء على العيوب، بما يحقق أعلى مستويات الأداء ورضا العملاء.

3- معيار IATF 16949

تستعين الشركات بهذا المعيار من أجل تطوير نظام إدارة الجودة الذي يعزز التحسين المستمر، مع التركيز على الحد من العيوب والنفايات.

4- نشر وظيفة الجودة

وهي عبارة عن طريقة تستخدمها المؤسسات في ترجمة احتياجات العملاء وتوقعاتهم إلى ميزات منتج أو خدمة محددة، فتعطي الأولوية لعناصر التصميم والإنتاج لتلبية تلك الاحتياجات.

5- معيار ISO 200000

يُستخدم هذا المعيار في إدارة خدمات تكنولوجيا المعلومات، إذ يحدد متطلبات المنظمة لإنشاء وصيانة وتحسين نظام إدارة الخدمات الفنية باستمرار.

أهداف إدارة الجودة:

تعمل المؤسسات على تطبيق نظام إدارة الجودة الشاملة لتحقيق الأهداف التالية:

  • تحسين جودة الخدمات أو المنتجات المُقدمة للعملاء.
  • العمل على تحسين الجودة من أجل تقليل التكلفة وإلغاء العمل الذي لا يضيف قيمة.
  • الاستجابة السريعة في تلبية احتياجات العملاء.
  • التكيف مع متطلبات تحويل العملاء بشكل أكثر مرونة.

مهام إدارة الجودة:

تشمل مهام عملية إدارة الجودة الشاملة على الآتي:

  • تحديد سياسة الجودة ووضع خطط تنفيذها، مع اتخاذ تدابير لمراقبة الجودة وتحسينها.
  • وضع وتنفيذ عمليات وإجراءات قوية لضمان الالتزام المستمر بمعايير الجودة.
  • إجراء عمليات مراجعة وتفتيش منتظمة وتقييمات شاملة لتقييم الالتزام بعمليات الجودة، وتحديد مجالات التحسين، والتخفيف من المخاطر المحتملة.
  •  تنفيذ إجراءات تصحيحية ووقائية لمعالجة الأسباب الجذرية لمشكلات الجودة ومنع تكرارها.
  •  الرصد والإبلاغ المستمرين لمؤشرات الأداء الرئيسية، من خلال وضع مقاييس ونظم قياس لتتبع البيانات المتعلقة بالجودة.

مجالات تطبيق إدارة الجودة الشاملة:

يمكن تطبيق نظام إدارة الجودة الشاملة في عدة مجالات وهي:

إدارة الموارد البشرية

تطبق إدارة الموارد البشرية نظام إدارة الجودة الشاملة بهدف تطوير مهارات الموظفين وتعزيز الأداء العام للمؤسسة.

التعليم

يساعد نظام إدارة الجودة الشاملة عند تطبيقه في مجال التعليم على تطوير المناهج التعليمية وتحسين أداء العملية التعليمية.

الرعاية الصحية

من خلال تطبيق نظام إدارة الجودة الشاملة في قطاع الرعاية الصحية، يمكن تحسين الخدمات الصحية المُقدمة للمرضى لزيادة رضاهم.

الصناعة

يُطبق نظام إدارة الجودة الشاملة في الصناعة والإنتاج من أجل تحسين عمليات الإنتاج والذي ينعكس على جودة المنتجات.

الخدمات المالية

عند تطبيق نظام إدارة الجودة الشاملة في المؤسسات المالية، تتحسن جودة الخدمات المصرفية ويزداد رضا العملاء.

معوقات تطبيق إدارة الجودة الشاملة:

هناك عدة معوقات تواجه تطبيق عملية إدارة الجودة الشاملة وهي:

مقاومة التغيير

قد يجد الموظفون صعوبة في تنفيذ نظام إدارة الجودة الشاملة، نظرًا لاعتيادهم على طرقهم الحالية في العمل وعدم رغبتهم في تغييرها.

نقص الدعم الإداري

يصعب تنفيذ إدارة الجودة الشاملة بشكل فعال في حال عدم وجود دعم من إدارة المؤسسة وعدم التزامها بهذه العملية.

عدم كفاية الموارد

في حال عدم توفر الموارد المالية والتكنولوجية والبشرية؛ فلن تتمكن المؤسسة من تنفيذ نظام إدارة الجودة الشاملة بفعالية.

عدم مشاركة الموظف

لن تتمكن المؤسسة من تنفيذ إدارة الجودة الشاملة في حال عدم تحديد أدوار ومسؤوليات الموظفين وإشراكهم في هذه العملية.

الدورات والتدريب غير الكافي

يحتاج تنفيذ نظام إدارة الجودة الشاملة إلى إلحاق الموظفين بدورات من أجل تدريبهم على مبادئ وأدوات الجودة، ولا يمكن تنفيذه في حال عدم وجود التدريب الكافي.

الفرق بين ادارة الجودة وادارة الجودة الشاملة:

يتمثل الفرق بين إدارة الجودة وادارة الجودة الشاملة، فيما يلي:

  • إدارة الجودة: يركز هذا النهج على التنفيذ المنهجي لممارسات إدارة الجودة.
  • إدارة الجودة الشاملة: يركز هذا النهج على تحسين جميع جوانب المنظمة من المنتجات والخدمات والعمليات والثقافات.

وختامًا، فإن نظام إدارة الجودة الشاملة من أهم عناصر كسب رضا العملاء والاحتفاظ بهم، ولكن إذا تم تطبيقه في بيئة يوجد فيها دعم والتزام قويان من الإدارة.