هشام زكي يكتب: حكومة حرب … من أجل عيون الجنيه
بعد نكسة عام ٦٧ اتخذت القيادة السياسية مجموعة من القرارات الحاسمة والفورية لإعادة بناء الجيش، واختارت مجموعة من المتخصصين يقودهم الفريق محمد فوزي لإعادة بناء قواتنا المسلحة، فوضعوا خطة شاملة تبنت فلسفة تقوم على رفع كفاءة الجندي المصري إلى أكبر درجة ممكنة، واعتمدت تلك الفلسفة على العنصر البشري من حملة المؤهلات العليا، وبالفعل نجح الفريق فوزي ومنْ معه في رفع نسبة المجندين من ذوي المؤهلات العليا في الجيش من 7% قبل النكسة إلى 93% بعدها، واهتموا كذلك بإنشاء المعاهد التي عملت على رفع كفاءة الجنود وتسريع عملية إتقانهم لاستخدام الأسلحة والمعدات الجديدة، إلى جانب الجهود المبذولة لإعداد مجموعة كبيرة من الطيارين كنواة لسلاح الطيران، واستمرت القيادة السياسية في تطوير قدرات الجيش حتى تحقق النصر في اكثوبر ٧٣.
واليوم تواجه مصر نكسه ونكبه جديدة على مستوى الاقتصاد، تستدعي تدخل سريع من القيادة السياسية، وتشكيل مجلس حرب يضم مجموعة من المختصين الاقتصاديين المشهود لهم بالخبرة والكفاءة، وليس من أصحاب الثقة وذوي النفوذ، إلى جانب الاستعانة بأساتذة الاقتصاد في الجامعات المختلفة، والاقتصاديون المغتربون في أنحاء العالم، لإيجاد حلول سريعة ومنطقية لإنقاذ الاقتصاد المصري ووقف الإنهيار السريع للجنيه. على إن يصاحب مجلس الحرب الاستعانة بالشباب الذين تم تدريبهم وإعدادهم من قَبل الدولة لتولي المسؤولية وللتحرك من خلال رؤية جديدة لتحقيق المعادلة الصعبة ( ترشيد الإنفاق وتحقيق التنمية)، وفي الوقت ذاته تسريح كل المحافظين والقياديين ذوي الخلفية العسكرية من أجهزة الدولة المدنية، ومن الشركات الكبرى والاستعانة بذوي الخبرة في مجال إدارة الأعمال. الأ يستدعى التدهور السريع للجنيه التدخل لترشيد إنفاق الشركات الإعلامية التابعة للجهات السيادية، وإصدار قرارات تنفيذية لتحويل مليارات المسلسلات الرمضانية إلى قطاعي الزراعة والصناعة لعل وعسى نستطيع رفع نسب التصدير المصرية،ألا يستدعي إنهيار الجنيه التفكير خارج الصندوق لإيجاد حلول منطقية لإحياء قناة السويس والمنطقة المحيطة بها، بدلا من الوقوف مكتوفي الأيدي أمام ما يحدث في البحر الأحمر ؟ ألا يستدعي إنهيار الجنيه إيقاف الاستدانة لتسديد فوائد القروض؟ ألا ؟ وألا ؟ وألا ؟ اسئلة كثيرة تحتاج إلى منْ يجيب عليها، ولكن وللأسف لو كانت هناك جهات تستطيع الإجابة لتم الاستماع إلى الاقتصادي صلاح جودة الذي بح صوته في وسائل الإعلام كافة، ولم يستمع إليه أحد، وكأنه عدوا للشعب والحكومة، الحكومة ذات الرؤية الاُحادية التي لا تتعدى الفرد لتصل إلى المجموع، الحكومة التي لا تعترف بالرأي والرأي الاخر، فالرأي الاخر عندنا جريمة تستحق الرجم.
إننا اليوم في أحوج ما نكون ليسمع بعضنا بعضا، وأحوج مانكون لاستعادة روح الجماعة والتكاتف فيما بيننا لمواجهة التحديات الكبرى التي تواجهنا، إننا اليوم في أحوج ما نكون لتخلي الحكومة عن برجها العاجي وآرائها الصائبة دائما وأبدا، والاستماع لرأي الشارع الذي يئن من وطأة ارتفاع الأسعار وتدهور الجنيه لعلها تجد الوسيلة المثلى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.