فحص موبايل «إمبراطورالذهب» وراء سقوط الـ5 الكبار بسوق الذهب
يمر سوق الذهب في مصر بحالة من عدم الاستقرار والترقب، خلال الساعات القليلة الماضية، ويشهد ارتفاعا ملحوظا في الأسعار بشكل مبالغ فيه، ما دفع متعاملين إلى وقف البيع والشراء ووقف التسعير، خصوصًا مع تسارع عمليات القبض على كبار التجار وأباطرة السوق المتحكمين في الأسعار، ومداهمات أمنية لبعض محلاتهم.
وشنت الأجهزة الأمنية حملات تفتيشية موسعة بسوق الصاغة لضبط المتاجرين بشكل غير شرعي في الذهب، حيث أثرت هذه التجارة بالسلب على حركة البيع والشراء، وإحداث أزمة حقيقية نتيجة التلاعب في أسعار الذهب.
وتستعرض «النبأ» في هذا التقرير التفاصيل الكاملة وراء أزمة سوق الصاغة وكواليس القبض على مجموعة من أباطرة الذهب.
سبب حملات سوق الصاغة
تواصل الأجهزة الأمنية ضبط عصابة التلاعب في المعدن الأصفر، بعد القبض على مجموعة من تجار الذهب؛ لاتهامهم بالتنقيب غير الشرعي في خام الذهب.
وعن تفاصيل القبض على تجار الذهب، أكدت معلومات وتحريات قطاع الأمن العام بمشاركة مديرية أمن البحر الأحمر قيام تشكيل عصابي مكون من 11 شخصا، لعدد أربعة منهم معلومات جنائية، مقيمين بنطاق محافظات: «البحر الأحمر، والقاهرة، وقنا، وأسوان»، بسبك وإعادة معايرة خام الذهب المستخرج المتحصل عليه من التنقيب غير الشرعي.
وعقب تقنين الإجراءات، تم ضبطهم، وبحوزتهم «55 كجم من أحجار الكوارتز، و15.346 كجم ذهب «سبائك ومشغولات»، و282 جرام ذهب صيني، و76 جرام فضة، و4 كيلو جرامات سبائك لخام النحاس، وعدد من الأدوات المستخدمة في تشكيل وسبك ومعايرة الذهب، وكميات من مواد كيميائية مستخدمة في تشغيل المعادن النفيسة، وسيارة ربع نقل، ومبالغ مالية عملات محلية وأجنبية».
وبمواجهتهم أقروا بمزاولة نشاطهم غير المشروع على النحو المشار إليه، وتقدر القيمة الإجمالية للمضبوطات بنحو 97 مليون جنيه.
سقوط إمبراطور الذهب
وفي هذا الصدد، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على متهم اشتهر بـ«إمبراطور الذهب» والشهير بـ«روماني عيسى»، لممارسته نشاط الاتجار بالمشغولات الذهبية بصورة غير مشروعة بحي الجمالية بمحافظة القاهرة، وقيامه بتداول كميات كبيرة من الذهب دون دمغة بفواتير خاصة لضريبة الذهب.
يأتي ذلك في إطار جهود أجهزة وزارة الداخلية لمكافحة الجريمة بشتى صورها لا سيما ضبط القائمين على إدارة ورش سبك وإعادة معايرة خام الذهب المستخرج والمتحصل من التنقيب غير الشرعي.
وكشفت مصادر أمنية لـ«النبأ»، عن أن عملية القبض على إمبراطور الذهب الشهير بـ«روماني عيسى» كشفت عن عدد من كبار التجار ورجال الأعمال يتشاركون معه في عمليات تسعير الذهب وربطه بسعر الدولار في السوق السوداء، وكانوا يحددون سعر الجرام من المعدن الأصفر على سعر يحددونه بأنفسهم للدولار الذي وصل إلى 61 جنيها في السوق السوداء.
وكشفت المصادر، عن أن هاتف إمبراطور الذهب كشف قائمة بأسماء من يتعاملون معه في القاهرة والمحافظات، كما كشف عدد من «الدهابة» في محافظة أسوان ثبت أنهم يعملون معه ولصالحه في تهريب الذهب الخام، والتنقيب عنه دون ترخيص من السلطات، حيث يتولى إمبراطور الذهب إخفاءه بعد ذلك في مخازن تابعة له في مناطق بالجيزة والقاهرة ويتولى حراستها عشرات من العاملين معه بينهم أشخاص من جنسيات أجنبية.
وعقب القبض على عدد من كبار التجار والتحقيق معهم، شنت الأجهزة الأمنية حملات ومداهمات على محالهم في منطقة الصاغة والجمالية والحسين، للتأكد من عدم الغش، خاصة بعدما ترددت معلومات عن وجود ذهب مغشوش في الأسواق مطلي بالنحاس، والتأكد كذلك من الموازين والأدمغة والأعيرة.
وبيّنت المصادر، أن هناك عددا آخر من شركاء مافيا وأباطرة الذهب يقيمون خارج البلاد، وساهموا جميعا بممارساتهم في وصول الأسعار لأرقام قياسية دفعت شعبة الذهب لتحذير المواطنين من الشراء، كما أدت لوقف عمليات التسعير.
غلق محلات الذهب
ومن جانبه، كشف سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة» لتداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت، أن الأزمة الحالية في سوق الصاغة، تعد من أعنف وأقوى الأزمات التي يتعرض لها سوق الذهب، بفعل توقف حركة البيع والشراء لأجل غير مسمى.
وأعلن إغلاق سوق الذهب ووقف التعاملات منذ الأسبوع الماضي، وذلك بفعل غلق محلات بعض تجار الذهب الخام والقبض على آخرين، نتيجة التلاعب في الأسعار.
التلاعب في أسعار الذهب
وأكد أن بعض كبار تجار الذهب الخام استغلوا آلية العرض والطلب، للتلاعب في الأسعار، مضيفًا أن تأثير تداعيات أزمة غلق السوق ووقف التعاملات، إهدارًا لقطاع اقتصادي كبير، وتقليص حجم الصادرات، ويعيق الشركات المحلية من التعاقد مع مماثلين بالأسواق الخارجية، بفعل الدعاية السلبية، للتلاعب في الأسعار بالسوق المحلي.
بدورها، قالت شعبة الذهب التابعة لغرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية، إن أسعار الذهب الحالية المتداولة بالأسواق غير حقيقية، وذلك بعد أن شهدت الأسعار ارتفاعات كبيرة، خلال الأيام الماضية.
ووفق بيان الشعبة، فإن الأسعار الحالية للذهب لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن الأسعار التي يجب أن تكون عليها في الحقيقة، والتي جاءت بسبب تدافع المواطنين لشراء الذهب، مطالبة بتوخي الحذر في عمليات شراء الذهب في التوقيت الحالي، والتي تشهد عمليات مضاربة خارجة عن قواعد السوق.
من جانبه، قال نادي نجيب، عضو شعبة الذهب، إن هناك توقفًا في عملية تسعير الذهب وحركة البيع والشراء في سوق الصاغة، مؤكدًا أن توقف تسعير الذهب يرجع لتذبذب سعر الدولار أمام الجنيه في السوق الموازية ووجود مضاربات بالسوق، وهو ما يضطر الجميع لوقف حركة البيع والشراء لعدم معرفة السعر الحقيقي ولحين استقرار سعر الدولار.
وفي نفس السياق، أعرب هاني ميلاد، رئيس شعبة الذهب والمجوهرات في اتحاد الغرف التجارية، عن قلقه من المداهمات الأمنية على بعض التجار في سوق الذهب، مؤكدًا أن ذلك سبب حالة من عدم الاستقرار في أسواق الذهب.
وأكد «ميلاد»، أن الشائعات حول تداول ذهب مغشوش بالنحاس لم تثبت حتى الآن، مطالبًا بضرورة توفير الشفافية في الإعلان عن نتائج التحقيقات لضمان الثقة.
الأزمة تصل إلى البرلمان
على الجانب الآخر، تقدم محمد الجبلاوي عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة إلى المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس مجلس النواب والحكومة، بشأن الارتفاع الجنوني لأسعار الذهب، مؤكدًا أن السبب يعود لتهريب الذهب رغم وجود المناجم والاتفاقيات الكثيرة لاستخراج الذهب في مصر.
وتساءل «الجبلاوي» عن طرق وآليات الرقابة في استخراج الذهب والرقابة في ضبط الأسعار والالتزام بالسعر العالمي، وكيفية الرقابة على التجاوزات في الأسعار والبيع الذي أصبح خارج السيطرة.
وكانت الحكومة المصرية وعقب ضبط أباطرة وحيتان سوق الذهب قد أعلنت إنشاء صندوق للاستثمار في الذهب والتحكم في أسعاره.
واستعرض الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، تقريرًا أعدته الهيئة العامة للرقابة المالية حول إطلاق أول صندوق للاستثمار في الذهب، بشكل يسهم في التحوط ضد مخاطر تقلبات الأسعار من خلال المشاركة في استثمار منظم وآمن.
وقال رئيس الوزراء المصري، إن إطلاق هذه الصناديق يأتي في إطار توجه الدولة نحو تمكين القطاع الخاص، وسيكون بداية فقط لإطلاق المزيد من صناديق الاستثمار وأدوات مالية أخرى، حيث سيسهم في جذب المزيد من الاستثمارات الجديدة، وربط السوق المصرية بالأسواق العالمية.
عقوبة التلاعب في أسعار الذهب
وحدد القانون عقوبات لمواجهة التلاعب في أسعار الذهب أو الدمغات أو فواتير الذهب، وأبرزها قانون الرقابة على المعادن الثمينة، وقانون العقوبات والذي حدد عقوبات رادعة تصل إلى الحبس 5 سنوات و500 ألف جنيه غرامة في حالات التلاعب في أسعار الذهب أو التلاعب في الفواتير أو الدمغات.
وينص قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 بالمادة 345 على أن كل من تسبب في علو أو انحطاط أسعار الغلال أو البضائع أو البونات أو السندات المالية المعدة للتداول عن القيمة المقررة لها في المعاملات التجارية بنشرهم عمدًا بين الناس أخبارًا أو إعلانات مزورة أو مفتراة أو بإعطائهم للبائع ثمنًا أزيد مما طلبه أو بتواطئهم مع مشاهير التجار الحائزين لصنف واحد من بضاعة أو غلال على عدم بيعه أصلًا أو على منع بيعه بثمن أقل من الثمن المتفق عليه فيما بينهم أو بأي طريقة احتيالية أخرى يعاقبون بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.