عواقب وخيمة.. سيناريو تعليق مصر لمعاهدة السلام مع إسرائيل
هددت مصر إسرائيل من أن أي اجتياح لمدينة رفح سيمثل انتهاكا من شأنه أن يعلق فعليا معاهدة السلام لعام 1979 بين البلدين.
وذكر تقريران لصحيفتي "نيويورك تايمز" وول ستريت جورنال" أن مصر حذرت من أن أي سيناريو إسرائيلي من شأنه أن يؤدي إلى تدفق سكان غزة إلى أراضيها، يمكن أن يعرض للخطر معاهدة كامب ديفيد للسلام التي وقعها البلدان في عام 1979.
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن دبلوماسي غربي كبير في القاهرة القول إن المسؤولين المصريين حثوا نظراءهم الغربيين على إبلاغ إسرائيل بأنهم سيعتبرون أي تحرك لإجبار سكان غزة على العبور إلى سيناء بمثابة انتهاك من شأنه أن يعلق فعليا معاهدة السلام لعام 1979.
وقال مسؤول غربي كبير آخر ومسؤول أمريكي ومسؤول إسرائيلي إن الرسالة كانت أكثر مباشرة، حيث هددت مصر بتعليق المعاهدة إذا دفع الجيش الإسرائيلي سكان غزة إلى مصر.
بدوره قال المسؤول الإسرائيلي إن الحكومة المصرية أبلغت هذا التحذير لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يوم الأربعاء، عندما كان في زيارة للقاهرة التقى خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وأكد المسؤول الأمريكي أن مصر أوضحت أنها مستعدة لنشر المزيد من قواتها على الحدود، بما في ذلك الدبابات، في حال دفعت إسرائيل بالفلسطينيين إلى سيناء.
في السياق ذاته تشير صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن العلاقة بين مصر وإسرائيل تنتقل من حالة من التوتر إلى نقطة الانهيار.
وتلفت الصحيفة إلى أن المسؤولين المصريين وغيرهم من المطلعين على الوضع يقولون إن العلاقات بين البلدين عند أدنى مستوياتها خلال العقدين الماضين على الأقل.
الصحيفة ذكرت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لم يتحدثا مطلقا خلال الأسابيع الأخيرة.
ونقلت عن مسؤولين مصريين القول، إن السيسي رفض عدة اتصالات من الزعيم الإسرائيلي في الفترة الماضية.
وتقول الصحيفة، إن نتنياهو واصل الضغط على مصر لقبول أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين، وفقا لمسؤولين مصريين.
وأكد مسؤولون مصريون، أن السيسي والقادة العسكريين في البلاد شعروا بالقلق من حديث السياسيين ووسائل الإعلام الإسرائيلية في نوفمبر عن ضرورة نقل سكان غزة قسرا إلى مصر.
وقالت مصر إن أي محاولة لنقل ملايين النازحين الفلسطينيين من شأنها أن "تمزق" العلاقات بين البلدين، حسبما قال المسؤولون المصريون، وهو أول تحذير من هذا النوع، وفقا للصحيفة.
وتقول الصحيفة، إنه في الأسابيع الأخيرة، حاولت إسرائيل دفع مصر لقبول شن عملية عسكرية لتأمين السيطرة على الحدود المصرية مع غزة، بعد أن اتهمت القاهرة بالفشل في منع حماس من تهريب الأسلحة إلى غزة.
ودحضت مصر هذا الاتهام، وقال ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر إنه "يجب التأكيد بشكل صارم على أن أي تحرك إسرائيلي في هذا الاتجاه سيؤدي إلى تهديد خطير للعلاقات المصرية الإسرائيلية".
وجاء التهديد بتعليق اتفاقيات كامب ديفيد، التي تمثل حجر الزاوية في الاستقرار بين البلدين منذ ما يقرب من نصف قرن، بعدما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه أمر الجيش بالتحضير لعملية في المدينة.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه يتعين على بلاده أن تسيطر بشكل كامل على محور فيلادلفيا لضمان "نزع السلاح" في المنطقة، مضيفا: "يجب أن تكون تحت سيطرتنا. يجب إغلاقه. من الواضح أن أي ترتيب آخر لن يضمن نزع السلاح الذي نسعى إليه".
وأشار نتنياهو، إلى أن الجيش الإسرائيلي "سيوفر ممرات آمنة للمدنيين" قبيل الهجوم المحتمل على رفح، معتبرا أن المدنيين في رفح يمكن أن يفروا شمالا إلى "الكثير من المناطق" التي طهرها الجيش.
وكان رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي قد كشف في وقت سابق، عن موقف مصر من اتفاقية كامب ديفيد، والسلام مع إسرائيل في ظل الهجوم الذي ينفذه الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة.
وقال رئيس الوزراء المصري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب، أثناء الرد على 16 طلب إحاطة بشأن التدابير والإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمنع محاولات التهجير القسري للفلسطيين من قطاع غزة، إن موقف مصر ثابت من الالتزام باتفاقية السلام، ولكن في المقابل إسرائيل وما تقوم به في فلسطين يمثل تهديدا للأمن المصري.
وشدد رئيس مجلس الوزراء، أن أي تهجير قسري لأهالي قطاع غزة يمثل تهديدا واضحا للدولة المصرية.
وأكد مدبولي، أن مصر تتمسك برفض التهجير لأهالي فلسطين، مشيرا إلى أن كافة المسؤولين في مصر وجهوا رسائل لكل المسؤولين على المستوى الدولي ورسالة تحذير من التصعيد في فلسطين.
وأشار إلى أن تهجير أهالي فلسطين معناه تصفية القضية الفلسطينية، وهو أمر غير مقبول تماما، مؤكدا أن مصر تتمسك بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
ويوضح خبير القانون الدولي المصري، أيمن سلامة، أن معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، المبرمة في مارس 1979، هي الصك الدولي الوحيد الذي ينهي حالة الحرب ويرسي حالة السلم بين الدولتين المتحاربتين السابقتين، مصر وإسرائيل.
ومعاهدات السلام بشكل عام ليست اتفاقات عادية تحقق بها الدول منافع اقتصادية أو تجارية أو غيرها من المنافع الذاتية المصلحية، ولكنها الأسمى بين سائر المعاهدات الدولية، وفق تعبير سلامة.
لكن يمكن لمصر، الدولة الطرف في المعاهدة الثنائية أن تعلق التزاماتها بموجب المعاهدة لفترة مؤقتة (التعليق وليس الإلغاء) مما يعني التحلل المؤقت من التزاماتها الواردة في المعاهدة إن قامت إسرائيل بخرق جسيم لالتزاماتها فيها.
ويمكن أن تقوم إسرائيل بأفعال محددة تشكل خرقا للمعاهدة أو الملحق الأمني لها أو خرق للملحق المعدل للمعاهدة الذي أبرم في عام 2005 الخاص بمحور فيلادلفيا، وأيضا التعديل الثاني للملحق الأمني الذي أبرم أيضا عام 2021 الخاص بزيادة وتعظيم قدرات حرس الحدود في المنطقة "ج"، وفق الخبير.
وتقول المادة السادسة من المعاهدة: "يتعهد الطرفان بأن ينفذا بحسن نية التزاماتهما الناشئة عن هذه المعاهدة بصرف النظر عن أي فعل أو امتناع عن فعل من جانب طرف آخر وبشكل مستقل عن أي وثيقة خارج هذه المعاهدة"
ووفقا للمادة السابعة، "تحل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير هذه المعاهدة عن طريق التفاوض"، وهذا يعني في حالة رفح، وفق خبير القانون الدولي، أن على الدولتين التفاوض المباشر لتسوية أي نزاع بينهما بشأن التفسير، وذلك بالنسبة لما إذا كانت الإجراءات العسكرية في رفح تمس معاهدة السلام.
ويقول سلامة إن أبرز الخطوات الإسرائيلية التي تعدها مصر انتهاكا "المساس بالوضع القانوني والواقعي لمحور فيلادلفيا الذي تم إرساؤه عام 2005، ومساس إسرائيل بالمنطقة "د" وهي المنطقة مخفضة التسليح في صحراء النقب في إسرائيل وفقا للملحق الأمني للمعاهدة.
ويشير كذلك إلى "إنشاء أي ممرات إنسانية بشكل قصري من جانب إسرائيل في محور فيلادلفيا لدخول ونقل سكان غزة من قطاع غزة ورفح إلى داخل سيناء".
وكانت مصر، قد جددت أمس، "رفضها الكامل" لأي عملية عسكرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، محذرة من "عواقب وخيمة"، وسط مخاوف من تأثير أي تحرك إسرائيلي في المنطقة الحدودية على مستقبل العلاقات بين القاهرة وتل أبيب.
وأشارت وزارة الخارجية المصرية في بيان، إلى "التصريحات الصادرة عن مسؤولين رفيعي المستوى بالحكومة الإسرائيلية، بشأن اعتزام القوات الإسرائيلية شن عملية عسكرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة"، لافتة إلى "ما يكتنف ذلك من مخاطر تفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة".
وطالبت مصر بضرورة تكاتف جميع الجهود الدولية والإقليمية للحيلولة دون استهداف مدينة رفح الفلسطينية التي باتت تأوي ما يقرب من 1.4 مليون فلسطيني نزحوا إليها لكونها آخر المناطق الآمنة بالقطاع.
واعتبرت أن استهداف رفح، واستمرار انتهاج إسرائيل لسياسة عرقلة نفاذ المساعدات الإنسانية، بمثابة إسهام فعلى في تنفيذ سياسة تهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته، "في انتهاك واضح لأحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة".
وأكدت مصر أنها "ستواصل اتصالاتها وتحركاتها مع مختلف الأطراف، من أجل التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، وإنفاذ التهدئة وتبادل الأسرى والمحتجزين".
ودعت وزارة الخارجية القوى الدولية المؤثرة إلى تكثيف الضغوط على إسرائيل للتجاوب مع تلك الجهود، وتجنب اتخاذ إجراءات "تزيد من تعقيد الموقف، وتتسبب في الإضرار بمصالح الجميع دون استثناء".
ما هى اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل؟
هى اتفاقات كامب ديفيد وقعها الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيجن في 17 سبتمبر 1978، شهدهما الرئيس جيمي كارتر، فى منتجع كامب ديفيد الأمريكى.
المفاوضات والتوقيع على اتفاقية "كامب ديفيد"، تمت تحت إشراف الرئيس الأمريكى السابق جيمى كارتر، استمرت المفاوضات قبل التوقيع لمدة 12 يوما، حيث وصل الوفدان المصرى والإسرائيلى إلى كامب ديفيد يوم 5 سبتمبر 1978، وتم التوقيع يوم 17 سبتمبر.
بداية مفاوضات السلام بين الجانبين المصرى والإسرائيلى، كان خلال افتتاح البرلمان فى 1977، وفي هذه الجلسة الشهيرة أعلن السادات استعداده للذهاب للقدس بل والكنيست الإسرائيلى، وقال: "ستُدهش إسرائيل عندما تسمعنى أقول الآن أمامكم إننى مستعد أن أذهب إلى بيتهم، إلى الكنيست ذاته ومناقشتهم".
ومن أهم بنود الاتفاقية بين مصر وإسرائيل، تم التوصل إلي "للسلام الدائم في الشرق الأوسط" وتنص على ضرورة حصول مفاوضات بين إسرائيل من جهة ومصر والأردن والفلسطينيين من جهة أخرى، كما نصت على التفاوض المباشر بين مصر وإسرائيل من أجل تحقيق الانسحاب من سيناء التي احتلتها إسرائيل في عدوان العام 1967م، وتنص الاتفاقية على إقامة علاقات طبيعية بين مصر وإسرائيل بعد المرحلة الأولى من الانسحاب من سيناء.