الشعراوي يجيب عن أخطر سؤال يشغل بال الإنسان منذ خلقه
قال الشيخ محمد متولي الشعراوي، إن مقتضى أن يرسل الله رسلا إلى العالم، أن يكون الحق سبحانه وتعالى قد خلق الخلق غير مكرهين على فعل ولا مسخرين كما تسخر بقية الأجناس في الكون، والإنسان جنس رفيع في هذا الكون، هذا الجنس دونه مباشرة الحيوان الذي ينقصه عنه العقل وبعد الحيوان النبات الذي ينقص عنه الحس والحركة، والجماد الذي ينقص عن النبات وهكذا.
وتابع: تلك هي أجناس الوجود، والإنسان هو سيد هذه الأجناس والسيادة جاءت له من ناحية أن الأجناس كلها مسخرة لخدمته لا بالاختيار ولكن بالقهر والقصر فلم تأتِ الشمس مرة وتقول لم يعد الخلق يعجبني ولم تشرق اليوم، والإنسان هو الوحيد الذي مهمته فيها اختيار إن شاء فعل كذا وإن شاء لم يفعل كذا.
وأكمل الشعراوي: ولكن الله لم يدعك هكذا على إطلاقك بل فيه أمور تصير رغم أنفك، وأنت مقهر ومسخر وفيها، فلا تستطيع أن تتحكم في يوم ميلادك ولا في يوم وفاتك ولا فيما ينزل عليك من الأحداث الخارجة عنك ولا فيما يجول من الحركة في بدنك، لذلك أنت مسخر فيه حتى لا تنفلت مرة واحدة من قبضة ربك
وأضاف الشيخ الشعراوي، أن الحق سبحانه وتعالى زاول قدرته في أنه قهر أجناسا على أن تكون كما يريد وكما يحب، وتلك صفة القدرة صفة القهر صفة السيطرة، إنما لا تثبت لله صفة المحبوبية من مخلوقه، فإذا ما ترك جنسا يختار أن يؤمن ويختار ألا يؤمن، وإن آمن يختار أن يطيع ويختار أن يعصي، ثم يوجد مؤمن في الكون رغم إن له قدرة على أنه يكفر ويوجد طائع في الكون رغم أنه قادر أنه يعصي، فهذا يثبت المحبوبية لله.
وأردف الشعراوي: فالحق سبحانه وتعالى يترك لنا الإيمان بالاختيار ويترك لنا الطاعة والمعصية اختيارا؛ ليعلم من يأتيه حبا ومن يأتيه قهرا، فضرب الشيخ مثالا ولله المثل الأعلى وقال: إن إنسان عنده خادمين أحدهم مقيد بحبل فعندما يطلب منه المجيء ويجره إليه هل يستطيع أن لا يجيء، إنما الآخر غير المقيد عندما يدعوه ليأتي إليه فيأتي بإرادته، فالذي يحبه هو من جاء بالمحبة لا بالقهر.
وأتم الشيخ الشعراوي: إذن فالإنسان من كرامته أنه يثبت للحق صفة المحبة إن آمن بالله، إذا فالله سبحانه وتعالى لو شاء أن يهدي الناس جميعا ما استطاع أي واحد أن يكفر به ولو شاء أن يكون مطاعا دائما ما استطاع واحد أن يعصيه.