أسرار استغلال مصر ورقة ضغط جديدة على إسرائيل لوقف عملية اقتحام رفح
أعلنت مصر التقدم بمذكرة لمحكمة العدل الدولية حول الممارسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، في تحرك قوي تجاه انتهاكات العدوان الصهيوني داخل قطاع غزة ونية الاحتلال لشن عملية عسكرية موسعة في مدينة رفح الحدودية.
وأثار تحرك مصر بالتقدم بمذكرة لمحكمة العدل الدولية، بشأن الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، تساؤلات بشأن جدواها قانونيًا، ودلالتها سياسيًا، في خضم استمرار الحرب في غزة لليوم الـ135 على التوالي، وسط مخاوف مصرية من اجتياح مدينة رفح الفلسطينية.
وقال ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، إن مصر ستشارك في الرأي الاستشاري الذي طلبته الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية حول السياسات والممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وقدمت مصر مذكرة للمحكمة، وستقوم بتقديم مرافعة شفهية أمام المحكمة.
وأضاف «رشوان»، أن المرافعة الشفهية تتضمن تأكيد اختصاص محكمة العدل الدولية بنظر الرأي الاستشاري، باعتبار الجمعية العامة للأمم المتحدة أحد الأجهزة المخولة وفقا لميثاق المنظمة بطلب رأي استشاري من المحكمة، ونظرا لأن الأمر يتناول الأبعاد القانونية للمستوطنات الإسرائيلية غير المشروعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، المخالفة لمبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
وأوضح أنه فيما يتعلق بموضوع الرأي الاستشاري، تشمل المذكرة المصرية تأكيد عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي الذي دام أكثر من 75 عاما بالمخالفة لمبادئ القانون الدولي الإنساني، وكذلك سياسات ضم الأراضي وهدم المنازل وطرد وترحيل وتهجير الفلسطينيين، بالمخالفة للقواعد الآمرة للقانون الدولي العام، ومنها حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وحظر الاستيلاء على الأراضي من خلال استعمال القوة المسلحة.
كما تتضمن المذكرة رفض سياسات الاضطهاد والتمييز العنصري وغيرها من الممارسات الإسرائيلية، التي تنتهك بشكل صارخ مبادئ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وذكر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، بأن المذكرة والمرافعة المصرية تطالبان المحكمة بتأكيد مسئولية إسرائيل عن كافة تلك الأفعال غير المشروعة دوليا، بما يحتم انسحاب إسرائيل بشكل فوري من الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك مدينة القدس، وتعويض الشعب الفلسطيني عن الأضرار التي لحقت به نتيجة لتلك السياسات والممارسات غير المشروعة دوليا، فضلا عن مطالبة كافة دول العالم والمجتمع الدولي بعدم الاعتراف بأي أثر قانوني للإجراءات الإسرائيلية والكف عن توفير الدعم لإسرائيل، واضطلاع المنظمات الدولية والأمم المتحدة بمسئولياتها في هذا الصدد.
الحد من الدعم الغربى
ومن جانبه، قال الدكتور رجب عبد المنعم أستاذ القانون الدولي، إن تقديم مصر مذكرة لمحكمة العدل الدولية ضد إسرائيل تعنى أن مصر تساند جنوب إفريقيا فى الدعوى أمام محكمة العدل الدولية، ضد إسرائيل بسبب ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية التى تقوم بها ضد الفلسطينيين.
وأضاف، أن مصر تساند دعوى جنوب إفريقيا بما لديها من أدلة ومستندات ووقائع، متابعًا: «سنقدم ما لدينا والأمر متروك للمحكمة، بتقدير ما قدمته مصر ليدخل فى دائرة الدعوى وهى الإبادة البشرية التي ترتكبها إسرائيل».
وأشار إلى أنه يجب على المجتمع الدولى التخلى عن مرحلة الإدانة والاستهجان أمام الجرائم الإسرائيلية وإصدار قرارات ملزمة لإسرائيل.
وأكد الخبير الدولي، أن الموقف المصري سيكون له تأثير إيجابى على تحركات جنوب إفريقيا التى طالبت بمحاكمة إسرائيل بجريمة الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، بل إن هذه الخطوة سوف تشجع دولا أخرى على اتخاذ نفس المنحى لوضع حد للجرائم الإسرائيلية وربما يدفع بعض المنحازين لإسرائيل للتوقف عن دعمها خشية تعرض مصالحها للخطر فى منطقة الشرق الأوسط مثلما تتعرض المصالح الأمريكية والبريطانية فى المنطقة.
وتابع أن تدخل مصر لإدانة الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين من شأنه توثيق جديد للجرائم الاسرائيلية وكشف الأكاذيب الإسرائيلية التى تروج بأنها فى حالة دفاع شرعي، وأن العقلية التى تحكم فى إسرائيل هى عقلية متطرفة تميل للعدوان بدليل استمرار العدوان على الشعب الفلسطينى والتهديد باجتياح رفح وتوسيع نطاق الحرب مع جنوب لبنان وسوريا رغم أن قرارات محكمة العدل الدولية طالبت إسرائيل بالتوقف عن الممارسات التي من شأنها إبادة الشعب الفلسطيني.
فضح الكيان
من جانبه، أكد أحمد فؤاد أباظة، رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس النواب، أهمية التحرك المصري أمام محكمة العدل الدولية من أجل كشف الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية منذ عام 1967.
وأشار «أباظة»، إلى أن مصر من أوائل الدول الداعمة للقضية الفلسطينية، وبهذا التحرك ستنجح في فضح استمرار الكيان الإسرائيلي في الممارسات المخالفة لقرارات الشرعية الدولية في حق الشعب الفلسطيني الأعزل.
مصر لاعب أساسى بالمنطقة
ومن جانبه، قال الدكتور هشام عبد المنعم أستاذ القانون الدولي الإنساني، إن تقدم مصر بمذكرة ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، يؤكد أن مصر الدولة الرئيسية الكبرى التي تبذل كل الجهود في سبيل دعم القضية الفلسطينية الشرعية والمشروعة على كافة الأصعدة سواء السياسية أو الدبلوماسية أو القانونية أو القضائية.
وأشار إلى أن هذه المذكرة تأتي في إطار الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بتاريخ 29 ديسمبر 2023، وهي الدعوى القضائية الوحيدة التي تنظرها المحكمة ضد دولة الاحتلال حتى الآن.
ولفت «عبد المنعم»، إلى أن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية يحدد القانون الواجب التطبيق على المسألة المعروضة على المحكمة، وإذا كانت الجمعية العامة طالبة الرأي لها الحرية في عدم الالتزام بالرأي، لكنها ودول الأمم المتحدة يدركون أن أي موقف يتخذونه مخالف لهذا الرأي لن يكون له فاعلية في المجال القانوني.
وأوضح الخبير القانوني، أنه بالرغم من أن الآراء الاستشارية التي تصدرها محكمة العدل الدولية غير ملزمة قانونا وذات طبيعة استشارية لكن لا يعني ذلك تجريد هذه الآراء من آثارها القانونية والأدبية، مشيرًا إلى أن هذه الآراء تحوز مكانة وقيمة أدبية وقانونية كبيرة نابعة من الرسالة السامية للمحكمة ذاتها.
ورقة ضغط
وتابع: «الرأي الاستشاري للمحكمة غير ملزم حتى للمحكمة ذاتها، حيث يمكن للمحكمة مستقبلا أن تفصل قضائيا بقرار مخالف لرأي المحكمة الاستشاري الذي سبق أن أدلت به في المسألة المشابهة».
ويرى الخبير الدولي، أن تدخل مصر من أجل استغلال هذه المرافعة ورقة ضغط على إسرائيل لمنع اقتحام غزة والتفاوض حول القرار، حيث تريد مصر اللعب سياسيا بهذه الورقة تجاه تل أبيب استغلها داخليا للضغط على نتنياهو عن طريق المظاهرات الداخلية، بما يعني زيادة الانقسامات الداخلية داخل إسرائيل تجاه الحكومة، وهو يعتبر التدخل المصري في محكمة العدل سوف يمنع اقتحام رفع أو تأجيل الخطة.
وأشار الخبير الدولي، إلى أن مصر تلعب بكافة الأوراق السياسية والقانونية والعسكرية لمنع اقتحام مدينة رفح، لافتًا إلى أن تدخل مصر لدى العدل الدولية سيكون له مردود قوي دوليا تجاه إسرائيل، خاصة وأن مكانة القاهرة تختلف عن جنوب إفريقيا في القضية الفلسطينية، لا سيما وأن القاهرة تحافظ على اتفاقية السلام مع العدو الصهيوني، وهذا التحرك المصري بالعدل الدولية له منظور سياسي كبير يدركه العالم وإسرائيل جيدا.