بعد اشتعال نار الخلافات بين قيادات الجيش..
تشكيل كتائب إخوانية فى السودان يُهدد حدود مصر الجنوبية
تضاربت الآراء داخل السودان حول الحديث عن محاولة انقلاب أو مخالفة للأوامر نتج عنها اعتقال عدد من قيادات الجيش، في الوقت الذي ينفى فيه قيادات الجيش وعلى رأسهم عبد الفتاح البرهان وجود انقلاب.
ولكن تتحدث الصورة في الواقع عن وجود خلافات في أوساط الجيش لا سيما مع طول المعارك وظهور ميليشيات محسوبة على جماعة الإخوان تقاتل بجوار الجيش مثل كتيبة «البراء»، مما يفتح باب التساؤلات حول تأثير تلك الخلافات وظهور تلك الميليشيات الإخوانية على حدود مصر الجنوبية.
ونفى رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وجود انقلاب، وهو ما سبقه مصادر من الجيش بنفي تفسير ما حدث بأنه محاولة انقلاب في منطقة وادي سيدنا العسكرية شمال مدينة أم درمان.
وشملت الأسماء المعتقلة قائد المتحرك الاحتياطي في معسكر سركاب، ومدير الإدارة الفنية بالدفاع الجوي ومسؤول الرادارات وأجهزة التشويش المضاد للمسيرات، ومسؤول عمليات الدعم والإسناد الاستراتيجي لمواقع المدرعات والشجرة.
ويزيد الصورة تعقيدًا زج جماعة الإخوان كتائب جهادية من شباب الجماعة أبرزها كتيبة «أبو البراء» وتتكون من مجموعات شبابية تتراوح أعمارها بين 20 و35 عامًا كانوا ينتمون إلى الأمن الطلابي والاتحاد العام للطلاب السودانيين، وهي من أجنحة الجماعة الطلابية، مع وجود تسجيلات لقائد تلك الكتيبة في زيارة إلى مدن الولاية الشمالية المتاخمة لمصر مثل دنقلا.
وفي هذا السياق، كشف أحد قادة الحركات العسكرية في السودان، والقيادي السابق في الجيش السوداني، أن ما يدور في أم درمان، ومنطقة وادي سيدنا بوجه الخصوص، هو صراع داخل ضباط الدفعة 40 بالجيش السوداني، مبينًا أن الصراع لأخذ مجهود ضباط شرفاء شجعان لتلميع قادة أمثال أحمد الطيب قائد الفرقة الأولى في ولاية الجزيرة والذي يخضع للتحقيق بسبب سقوط مدينة ود مدني.
وأكد القيادي، الذي رفض ذكر اسمه، أن الكثير من التفاصيل تمس ما يحدث من العمليات على الأرض، وحساسية المعارك، وإمكانية تأثيره على الضباط والأفراد، مبينًا أن آخر ما توقعه أن يتحول الصراع إلى هذه المحطة المؤسفة.
بينما كشف شهاب إبراهيم، المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، أن ما حدث مؤخرًا في الجيش ليس انقلاب، ولكنه نتيجة لإطالة زمن الحرب حتى أن القوتين العسكريين سواء الجيش أو الدعم السريع تأثروا بما يدور بالمعارك مما تسبب في تصدعات، معقبًا: «واضح أنه يوجد تحرك داخل الجيش كان على خلاف مع قيادته، وهي واحدة من المشاكل التي ظهرت وستظهر ما دام استمرت هذه الحرب وتطول».
وأكد «إبراهيم»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن قيادة الجيش لا زالت متحمكة في قرارها بغض النظر عما إذا كانت هناك مجموعات من خارج الإسلاميين، الواضح جدا أن الإسلاميين متحكمين في مفاصل القوات المسلحة، ولكن المشكلات تتكرر بسبب عدم وجود مركز اتخاذ قرار عسكري واحد داخل الجيش، وهو وضع غير طبيعي بصرف النظر عن التقارير التي تحدثت عن وجود تململ، لكن هو في حقيقة الأمر ناتج عن وجود أكثر من مركز سواء من العمليات العسكرية أو الموقف من العملية التفاوضية، وهي مسألة خطر جدًا ويمكن أن تؤثر على كل الحلول التفاوضية.
وأضاف المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، أن وجود قوات تقاتل حاليًا بجوار الجيش السوداني مثل كتيبة أبو البراء، هي نتيجة أن الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني تم التعويل على قدرتهم في إنشاء الكتائب المسلحة، وهذه هي واحدة من القنابل الموقوتة إذا ما تم إيقاف الحرب.
وأشار المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي إلى أن الانقسامات الأخيرة ووجود حركات وتشكيلات تابعة للإسلاميين تقاتل بجوار الجيش السوداني سيصل مداها إلى مصر، معقبًا: «جماعات الإخوان المسلمين في مصر والسودان بينهم علاقات وتنسيق كامل في كثير من الأحوال وكثير من القضايا، نفس المنهجية وجودهم في الدولتين خطير كبير على مستقبل أمن البلدين، وفي القريب العاجل سيحاولون استغلال أي أوضاع سواء في مصر أو السودان ويبدأون بعد ذلك تحركاتهم متوقع أن يكون في شكل تهديد وتوتر كبير في مصر وفي السودان».
فيما يرى محمد حسن حلفاوي، الصحفي والإعلامي السوداني من الخرطوم، أن ما حدث مؤخرًا ليس انقلاب بالمعنى الواضح، ولكنه رغبة لدى بعض ضباط الجيش في تغيير خطط المعارك بالخرطوم والاعتماد على التكتيك الهجومي بدل الدفاعي، وقيادة الجيش بقيادة الفريق البرهان ترى أن الوقت غير مناسب، للتحول من الحالة الدفاعية للحالة الهجومية.
وأكد «حلفاوي»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن رغبة القيادة أدت إلى احتجاج بعض الضباط في بعض المناطق والعمليات العسكرية في أم درمان، وربما استخدمت الاستخبارات العسكرية بعض الإجراءات في حق هؤلاء الضباط، هذا ما أطلقوا عليه انقلاب، وهو في حقيقته ليس انقلاب ولكنه حالة احتجاجية وسط الضباط الذين يقودون المعارك الحربية.