الدكتور محمد حمزة يكتب: نداء لرئيس الوزراء بوقف ما يجري على أرض قرافة القاهرة
سوف نناقش في هذا المقال القرار الذي كان سببا رئيسا في مايجري الآن على أرض قرافة القاهرة وجبانتها الرئيسة المتفردة بمحور صلاح سالم ؛ وكانت البداية كتاب محافظة القاهرة رقم 2455بتاريخ 19 أكتوبر 2021 إلى السيد وزير التنمية المحلية بشأن التوجيهات الصادرة بقيام الهيئة الهندسية بتطوير شارع صلاح سالم وطلبها إضفاء صفة النفع العام على المشروع؛ وكتاب السيد اللواء أركان حرب أمين عام وزارة الدفاع رقم 52319/14 لمحافظ القاهرة يتضمن إحداثيات بنود نزع الملكية؛ وبعد اطلاع الهيئة الهندسية على خريطة المشروع تبين أن مساره تتخلله منطقة الجبانات بالإضافة إلى بعض العقارات بحي الخليفة؛ وبالتالي تم تكليف الأحياء المختصة بحصر العقارات التي تتعارض مع المشروع؛ وفي حالة وجود ملكيات خاصة يتم حصرها لعرضها على لجنة التثمين المشكلة بقرار من وزير الري لتقدير قيمة التعويض؛ أما الجبانات التي تعترض المشروع فعلي إدارة الجبانات حصر المدافن بهذه الجبانات لاتخاذ اللازم نحو تعويض منتفعيها؛ ولذلك يجب تقرير صفة النفع العام على المشروع لتنفيذه؛ ومن ثم قام السيد وزير التنمية المحلية بإعداد مذكرة إيضاحية اعتمادا على قانون الإدارة المحلية رقم 43لسنة1979م والقوانين المعدلة له ولائحته التنفيذية؛ وقانون نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة رقم 10 لسنة 1990م ولائحته التنفيذية؛ وعلى ذلك صاغ الوزير مشروع القرار للعرض على السيد رئيس الوزراء لإصداره؛ وبالفعل أصدر دولته القرار رقم3504لسنة2021م بتاريخ 10 جمادى الاولي1443 هجرية 14ديسمبر 2021 م باعتبار مشروع تطوير شارع صلاح سالم من تقاطعه مع متحف الحضارة حتى محور جيهان السادات( الفردوس سابقا) بمحافظة القاهرة من أعمال المنفعة العامة والمبين موقعه وحدوده بالمذكرة والرسم التخطيطي الاجمالي المرفقين؛ وينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية؛ وبالفعل نشر في العد 49 مكرر (ب) ديسمبر 2021م؛ ومما له دلالته أن رئيس الوزراء قد اعتمد في اصدار هذا القرار على الدستور والقوانين السابق الإشارة اليها؛ وعلى قرار رئيس الجمهورية رقم 279 لسنة 2018م بالتفويض في بعض الاختصاصات؛ وعلى ما عرضه السيد وزير التنمية المحلية؛ وملحق بهذا البوست، ما يؤكد كل ما ذكرناه.
مما تقدم يتضح من الوثائق والأوراق الثبوتية المرفقة حتى صدور القرار ونشره في الجريدة الرسمية عدم الإشارة ولو مجرد ذكر لوزارة السياحة والآثار من جهة ولا لوزارة الثقافة على اعتبار أن الجهاز القومي للتنسيق الحضاري تابعا لها من جهة أخرى؛ وبالتالي لم يتم النظر إلى ما تضمه قرافة القاهرة وجبانتها الرئيسة بمسمياتها المختلفة بمحور صلاح سالم من أثار تخضع لحماية الدستور والقانون 117لسنة1983م وتعديلاته من جهة و مقابر تراثية مسجلة على قوائم الحصر بالتنسيق الحضاري كطراز معماري متميز طبقا للقانون144لسنة 2006م من جهة أخرى.
ولهذا السبب تم تكليف إدارة الجبانات بحصر المدافن لتعويض منتفعيها ولم تدخر هذه الإدارة جهدا في حصر الكل (أثار وومدافن واحواش تراثية ومدافن عادية) في ظل غياب الآثار والتنسيق الحضاري؛ كما تم تكليف الأحياء بحصر العقارات زي حي عرب يسار أسفل القلعة الذي هدم عن بكرة ابيه.
اما عن قانون نزع الملكية للمنفعة العامة رقم 10 لسنة 1990م فالغرض منه هو تسهيل تطوير المشروعات التي تخدم مصلحة الجمهور والمجتمع؛ ويهدف إلى تحقيق التوازن بين المصلحة العامة وحقوق الملكية الخاصة؛ مع تقديم التعويضات المناسبة لأصحاب العقارات المتأثرة. ومن ثم فهذا القانون يجيز نزع ملكية العقارات في 8 حالات وهي:
1_ إنشاء وتوسيع الطرق والشوارع
2_ مشروعات المياه والصرف الصحي
3_ مشروعات الري والصرف
4_مشروعات الطاقة
5_ إنشاء الكباري والممرات السفلية
6_مشروعات النقل والمواصلات
7_مشروعات التخطيط العمراني وتحسين المرافق العامة
8_وغيرها من أعمال المنافع العامة حسب القوانين الأخرى
ولا تخفى على أحد أهمية تلك المشروعات في تحديث البنية التحتية وتطوير المجتمع وهو ما حدث ويحدث بالفعل في المدن الجديدة والأحياء والدائري والإقليمي والمحور لخلق مسارات جديدة وهو الأمر الذي نفتخر به فشبكة الطرق الحديثة ووسائل النقل المتطورة هما مفخرة الجمهورية الجديدة بحق.
أما قانون نزع الملكية في القاهرة التاريخية عامة والقرافة وخاصة فلا يجوز فيها تطبيق هذا القانون دون دراسة دقيقة لكل الحلول والبدائل الممكنة والتفكير خارج الصندوق عامة وهي كثيرة ومتنوعة؛ وهذا هو عين ما وجه إليه السيد الرئيس في اجتماعه التاريخي في 7 يوليةطو 2021م بضرورة تدقيق الدراسات والبيانات في محور صلاح سالم وذلك حفاظا على أهمية المنطقة بأبعادها التاريخية والتراثية والأثرية ومقومات تفردها؛ ولكن شيئا من هذا لم يحدث؛ حتى اللجنة التي وجه الرئيس أيضا في 12 يونيو بتشكيلها لتقييم الموقف وتحديد كيفية التعامل مع حالات الضرورة التي أفضت إلى مخطط التطوير الشامل قد إنسحبت في27يونية2023م؛ كما قدم استقالته رئيس وبعض أعضاء لجنة الحصر بالمنطقة الشرقية بالمحافظة وهي استقالة مبررة؛ والقرافة هي في حد ذاتها منفعة عامة لدفن موتى المسلمين ووقف لدفنهم من قبل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عقب فتح مصر وإنشاء الفسطاط والوقف كما هو معروف صدقة جارية لاتباع ولا تشتري ولا توهب ولا تورث حتى إن قانون الاثار117لسنة 1983م ينص على أن الآثار تعتبر ملكا للدولة عدا ما كان منها وقفا؛؛؛ فكل ابنية القرافة وقف وهذا يفسر تبعيتها لوزارة الاوقاف سواء ما كان منها
مسجلا في عداد الآثار أو مسجلا كطراز معماري متميز؛ وبالتالي كيف نفسر ماحدث؛؛؛ ولو اضفنا إلى ذلك أن القرافة هي جزء اصيل متمم للقاهرة التاريخية ويصعب ان
نفصله عنها فهما كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعي له سائر الأعضاء بالسهر والحمى؛ وبسبب هذه الوحدة العضوية والنسيج العمراني والمعماري والبصري وبانوراما القاهرة التاريخية المسجلة في ذاكرة العالم بأسره وليس المصريين والمسلمين فحسب من خلال لوحات وصف مصر وفيفان دينون ورسومات ولوحات الرحالة والمصورين والفنانين الأجانب خلال ال300 سنة الأخيرة قامت اليونسكو بتسجيلها على قائمة التراث العالمي منذ عام 1979م؛ كما قامت الايسيسكو بتسجيلها على قائمة التراث الإسلامي منذ عام2019م؛ ويضاف إلى هذا وذاك إن القرافة هي التاريخ المتجدد للقاهرة فهي تربط ماضيها بحاضرها الحي لاستشراف أبعاد مستقبلها الزاهر في ظل الجمهورية الجديدة التي أرسى دعائمها ووضع أساسها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ فعلي أرضها اعلثام ورموز ونخب وقامات من كل المراحل التاريخية لمصر الإسلامية في عصرها الوسيط والحديث والمعاصر فهل يعقل ويتصور أن نقضي على كل هذا بجرة قلم من أجل شارع وكوبري وحديقة عامة بحجة التطوير؛ ومن خلال ما تقدم يتضح أن السبب فيما وصلنا إليه هو القرارات الفقيه دون التنسيق بين الجهات المختلفة ذات الصلة؛ فلو قامت المحافظة من البداية هي والهيئة الهندسية ووزارة التنمية المحلية مع وزارتي السياحة والآثار والثقافة والاوقاف والخبراء من اهل التخصص قبل الشروع في وضع الخرائط والأحداثيات بمسار المشروع المقترح لكنا قد تجنبا كل المشاكل التي قامت ولم تقعد حتى الآن على كافة المستويات بإستثناء السكوت التام من قبل المسؤولين في الاوقاف والثقافة والسياحة والآثار؛ وإذا إضطروا للرد فيكتفون بالحل الاضعف وهو أن هذه المقابر ليست مسجلة في عداد الآثار مع ان القانون يجيز لهم تسجيلها طبقا للمادة 2 وبالتالي فإن عدم تسجيلها هو اهمال وتقصير من قبل الوزارة وليس لعدم توافر معايير التسجيل في تلك المقابر التراثية من جهة والوجود خلل في القانون من جهة ثانية وهي إن فترةال100 سنة المحددة للتسجيل تكون من تاريخ صدور القانون وتطبيق عام 1983م ومن ثم لا يتم تسجيل الأبنية والعقارات بعد عام 1883م والي عام 1953م لإنه لم يمر عليها 100عام من تاريخ صدور القانون وبالتالي صار تطبيق المادة 2 حسب المزاج وحسب الظروف والدليل ان هناك ما سجل من تلك الفترة وما لم يسجل مع ان اللي لم يسجل معايير أقوى من اللي سجل وهكذا ولذلك يجب إجراء تعديل على ما يؤكد بالقانون من خلل وثغرات كثيرة.
وعلى ضوء ما تقدم اناشد السيد رئيس الوزراء بوقف مايحدث بمحور صلاح سالم على أرض القرافة فورا؛ وتنفيذ البدائل والحلول الأخرى الممكنة التي تتسق مع مخطط التطوير وتحافظ في ذات الوقت على تراث القرافة وأثارها ومحيطها وبيئتها ونسيجها العمراني والمعماري وكنوزها المعمارية والفنية النادرة التي قل ان تجتمع في صعيد واحد؛ كما أناشده بل اناشد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي إدخال تعديل بسيط على القانون 10لسنة1990م ؛ وهو ان أعمال المنفعة العامة لا تجوز في المواقع التاريخية والتراثية والأثرية؛ الابعد دراسات دقيقة وبيانات وخرائط مفصلة بحيث لا تؤثر على أهمية المنطقة التاريخية ومقومات تفردها الأثرية والتراثية؛ والتي إن فقدت فلا نستطيع تعويضها باي حال من الأحوال؛ وسوف تبقى غصة في حلق كل المصريين بل العالم العاشق لتاريخ مصر وتراثها لقرون عديدة؛ بل حتى آخر الزمان.
حفظ الله مصر أرضا وشعبا وهوية وقيادة وجيشا وشرطة وحكومة رشيدة وقوة ناعمة وعلماء وخبراء وتاريخا وأثارا وحضارة وثقافة وتراثا إلى أن يشاء الله وحتى يرث الأرض ومن عليها اللهم أمين يارب العالمين.