رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

حسام صلاح الدين يكتب: الفلسفة والثورة الفرنسية الكبرى

حسام صلاح الدين باحث
حسام صلاح الدين باحث ومعيد بجامعة الأزهر

الثورة الفرنسية الكبرى..

قبل الحديث عن الثورة الفرنسية الكبرى لا بد من إيضاح بعض النقاط الأساسية التي تتعلق بتلك الثورة الهامة، وأبرز تلك النقاط ما يلي:

1- تعد الثورة الفرنسية هي التي شكلت وعي ومفهوم الإنساني الأوروبي في مرحلة هامة وخطيرة من مراحل تكوين وعي الإنسان الفرنسي بشكل عام و"الأوربي" بشكل خاص.

2- ينسب إلى الثورة الفرنسية أنها ساعدت بطريق مباشر وغير مباشر في تكوين العديد من المذاهب والتيارات الفكرية التي كان لها الدور الأبرز والإسهام المباشر في جعل العالم بهذا الشكل الذي يبدو عليه الآن.

3- أن الثورة الفرنسية تخطت حدود بلدها فرنسا وانتقلت إلى أوربا بشكل عام ثم إلى الأمريكتين ثم إلى باقي دول العالم.
 
وبعد تلك النقاط ننتقل إلى الحديث عن الثورة الفرنسية بشكل أكثر تفصيلًا.

تعتبر الثورة الفرنسية التي انطلقت شرارتها الأولى في العام (1204هـ = 1789م) من أهم الأحداث ليس في تاريخ فرنسا فحسب بل في تاريخ أوروبا كلها، وثمة عوامل تضافرت مجتمعة في فرنسا أدت إلى حدوث هذه الثورة يمكن التعرف عليها من خلال إطلالة سريعة على أحوال فرنسا قبيل العام (1789م - 1204هـ).

على صعيد الأحوال الاجتماعية والسياسية كانت فرنسا تعيش حالة من الاستقرار النسبي في ظل حكم لويس الرابع عشر الذي اهتم بالفنون والآداب ونال حب الشعب واحترامه، ولكن بعد وفاته، وانتقال العرش إلى رجال أقل منه شأنًا، بدأ العبء ينزلق تدريجيًا عن كاهل الملك ووزراءه إلى كاهل الطبقة المتوسطة (البرجوازية) التي كانت قد بدأت تبرز للوجود، وبخاصة في عهد لويس السادس عشر الذي اتسم بضعف الشخصية، والذي قامت في عهده الثورة وتم إعدامه فيها في (8 جمادى الآخرة 1207هـ = 21 يناير 1793م)، وكان أفراد هذه الطبقة المتوسطة في معظمهم متعلمين وميسوري الحال، ومن ثم بدءوا يشعرون بعدم الرضا عن المكانة الدنيا التي يحتلونها بالقياس إلى طبقة النبلاء، وأصحاب المقام الرفيع في الكنيسة.

 فكان تذمرهم وتمردهم على هذه الأوضاع من العوامل التي أشعلت فتيل الثورة بالتحالف مع العامة أو من يسمونهم بالطبقة الثالثة التي كانت ترزح في أوضاع سيئة في ظل النظام الإقطاعي السائد آنذاك.

أما عن الأحوال الاقتصادية فقد بلغت غاية السوء للدرجة التي لم تستطع فيها الحكومة أن توفر للشعب الغذاء الكافي، وكان ذلك نتيجة الحروب الطويلة، والبذخ على المستويين العام والخاص، وضعف الملوك وعجز الوزراء عن التمسك بالسياسات الموحدة، كل هذا أدى إلى حالة من الفوضى الاقتصادية في البلاد، ولم يستطع أحد علاجها حتى تفاقمت الديون على فرنسا.

 

وقبل ذلك كان المجلس يجتمع ويعرض الملك عليه آراءه ثم ينصرف أعضاؤه إلى مدنهم قانعين؛ ولكن هذا المجلس طالب بأن المسائل التي تعرض عليهم يجب تنفيذها وألا يُفضّ المجلس بل يبقى بجانب الملك. أصر نواب العامة على تنفيذ مطالبهم التي رفضها الملك؛ فأضربوا عن دفع الضرائب، وكلما مر الوقت ازداد رجال العامة قوة بمن ينضم إليهم من أشراف ورجال الدين، وكلما زادت قوتهم تشددوا في مطالبهم.

وفي ذلك الوقت يظهر بين طبقة العامة نائب يدعى (سييس) وهو من رجال الدين الذين تولوا البحث في الدستور، وأعلن أنه إذا رفضت طبقة الأشراف ورجال الدين الانضمام إليهم فسيعلنون أنفسهم نوابًا للشعب ويطلقون على أنفسهم الجمعية الوطنية، وقد ووفق على هذا الاقتراح في (3 من شوال 1204هـ = 16 يونيو 1789م) ولكن الملك لم يوافق على اجتماع الطبقات في قاعة واحدة، وأصر نواب العامة على مطلبهم فاضطر الملك مرغمًا إلى الموافقة، ورأى رجال الجمعية الوطنية أن يضعوا دستورًا للدولة.

وتوالت بعد ذلك الأحداث حتى نجح الثوار في إسقاط سجن الباستيل رمز الطغيان في (2 من ذي القعدة 1204هـ = 14 يوليه 1789م) وبسقوطه زادت قوة الثوار حتى أصدروا الدستور الجديد الذي اتخذ من الحرية والإخاء والمساواة قواعد انطلق منها إعلان حقوق الإنسان والمواطن في (15 من ذي الحجة 1204هـ= 26 أغسطس 1789م) ثم إعلان الجمهورية وإلغاء الملكية في (5 من صفر 1207هـ= 22 سبتمبر 1892م). 

وقد سبق إعلان الجمهورية سجن لويس السادس عشر في (24 من ذي الحجة عام 1206هـ = 13 أغسطس 1792م) ثم إعدامه في (8 من جمادى الآخرة 1207هـ = 21 من يناير 1893م)، ثم إعدام زوجته “ماري أنطوانيت” في (10 من ربيع الأول 1408هـ = 16 أكتوبر 1793م).

شعارات الثورة الفرنسية:

اتخذت الثورة الفرنسية مبادئها من أفكار الفلاسفة: “جان جاك روسو” و”فولتير” و”مونتسكيه”، ورفعت عبارة: (الحرية – الإخاء – المساواة) كشعار لها، ولكن إلى أي مدى التزمت الثورة بهذا الشعار سواء على صعيد الداخل الفرنسي إبان الثورة أو على صعيد سياسة حكومتها الخارجية فيما بعد؟.

يعلق “روبرت دارنتون” أستاذ تاريخ أوروبا الحديث في جامعة “برنستون” في ذكرى احتفال فرنسا بمرور مائتي عام على قيام الثورة الفرنسية قائلًا: إذا كانت فرنسا تحتفل بمرور مائتي عام على سقوط الباستيل، وإزالة الإقطاع، وإعلان حقوق الإنسان والمواطن، فإن الوضع في فرنسا في الفترة التي قامت فيها الثورة لم يكن في حقيقة الأمر على كل ذلك القدر من السوء كما يعتقد الكثيرون.

 فالباستيل كان خاليًا تقريبًا من السجناء وقت الهجوم عليه يوم (14 يوليو 1789م = 2 من ذي القعدة 1402هـ) كما أن الإقامة فيه لم تكن سيئة تمامًا كما يتصور الناس، ولكن ذلك لم يمنع الثوار من أن يقتلوا مدير السجن لا لشيء إلا لأنه من النبلاء، ثم طافوا بعد ذلك بجثته في الشوارع.

 كذلك كان الإقطاع قد انتهى بالفعل وقت أن أعلنت الثورة إلغاءه أو لم يكن على الأقل موجودا بمثل تلك الدرجة الفاحشة.

ويضيف قائلًا: وإذا كانت الثورة قد أعلنت حقوق الإنسان والمواطن فإنها لم تلبث أن أهدرت هذه الحقوق بما ارتكبته من جرائم ومذابح وموجات إرهاب اجتاحت فرنسا كلها بعد 5 سنوات فقط من إعلان تلك الحقوق لدرجة أن بعض المؤرخين البريطانيين مثل “ألفريد كوبان” كان يصف هذه الإعلانات (حقوق الإنسان والمواطن) بأنها مجرد أسطورة.

ويقول المؤرخ الفرنسي “بيير كارون” الذي أصدر عام (1354هـ = 1935م) كتابًا عن المذابح التي حدثت في السجون الباريسية إبان عهد الثورة في (15 من محرم 1207هـ= 2 سبتمبر 1792م).. يقول عن هذه المذابح: إن هذه المذابح كان لها طابع (شعائري) جارف، وقد بدأت بالهجوم على بعض السجون بزعم القضاء على بعض المؤامرات التي كانت تدبر فيها للإطاحة بالثورة، وأقام “الدهماء” من أنفسهم محكمين وقضاة ومحلفين في فناء هذه السجون، حيث كان السجناء يقدمون للمحاكمة واحدًا بعد الآخر فتوجه إليهم التهم ويحكم لهم أو عليهم ليس تبعًا للأدلة والشواهد؛ وإنما تبعًا لمظهرهم العام وسلوكهم وشخصيتهم بل وتكوينهم الجسدي. كما كان أي تردد أو أي اضطراب يظهر على الشخص يعد دليلًا للإدانة وعلى ثبوت التهمة فيحكم عليه بالإعدام، وكان الذي يتولى المحاكمة وإصدار الحكم شخصًا عاديًا، كما كانت أحكامه تقابل بالتصفيق والصياح من الجماهير الذين تجمعوا من الشوارع المحيطة وأصبحوا بمثابة محلفين، وكان الشخص الذي يحكم ببراءته يؤخذ بالأحضان والتهنئة والقبلات ويطوفون به الشوارع، بينما كان الشخص الذي يحكم عليه بالإدانة يتم إعدامه طعنًا بالخناجر والسيوف وضربه بالهراوات الثقيلة ثم تنزع عنه ملابسه ويلقى بجسده فوق كومة من أجساد الذين سبقوه.

والغريب أن الذين كانوا يقترفون هذه المذابح كانوا يرتكبونها باسم الحرية وحقوق الإنسان و(المواطن والعدالة والمساواة)!

أما “سيرجو بوسكيرو” رئيس الحركة الملكية الإيطالية فيقول: إن الثورة الفرنسية كانت عبارة عن حركة معادية للشعب الفرنسي إبان قيامها، كما أن أسطورة السيطرة الشعبية على سجن الباستيل لم تكن سوى عملية سطو على مخزن الأسلحة في الباستيل الذي كان يستضيف 7 مساجين فقط، منهم 3 مجانين.

ويضيف قائلًا: إن الثورة الفرنسية بحق قامت بأكبر مجزرة في التاريخ أو على الأقل في الشعب الفرنسي، حيث قتلت 300 ألف فلاح، وهي بذلك تعد منبع الإرهاب العالمي؛ إذ ولدت “ظاهرة الإرهاب” من الثورة الفرنسية.
أما على صعيد السياسة الخارجية التي انتهجتها حكومات الثورة الفرنسية فقد جاءت متناقضة تمامًا مع ما أعلنته الثروة من مبادئ (الحرية والإخاء والمساواة) وبخاصة فيما يتعلق بشعوب آسيا وإفريقيا التي استعمرتها والتي تعاملت معها بمنطق السيد والعبد. ولم تمضِ فترة وجيزة من الزمن حتى جاءت الحملة الفرنسية على مصر عام (1213هـ = 1789م)، ثم بعدها بفترة جاء الاحتلال الفرنسي للجزائر والمغرب وتونس وغيرها من المناطق في آسيا وإفريقيا.

ومما يؤكد أسطورية المبادئ التي رفعتها الثورة الفرنسية من الحرية والإخاء والمساواة إلقاء نظرة سريعة على بعض أفكار الفيلسوف الفرنسي “مونتسكيه” الذي قامت الثورة على مبادئه وأفكاره، وفي ذلك تقول الدكتورة “زينب عصمت راشد” أستاذة التاريخ الحديث بجامعة عين شمس: إنه ليؤسفنا حقًا أن ينخدع العالم بوجود مفكرين راشدين بين من زعموا أنهم ثاروا لدعوة الحق والحرية والعدالة والإخاء والمساواة، وفيهم من استحل ظلم الإنسان لأخيه الإنسان لا لشيء سوى بشرته. ويعد مونتسكيه أشهر الأمثلة على ذلك، وهو من أئمة التشريع في الثورة الفرنسية، وصاحب كتاب “روح القوانين”، إذ يقول في تبرير استرقاق البيض للسود كلامًا لا يمكن صدوره من عقل مفكر، يقول مونتسكيه في بعض عباراته: “لو طلب مني تبرير حقنا المكتسب في استرقاق السود لقلت إن شعوب أوروبا بعد أن أفنت سكان أمريكا الأصليين لم تر بدًا من استرقاق السود في إفريقيا لتسخيرهم في استغلال تلك البقاع الواسعة، ولولا استغلالهم في زراعة هذه الأرض للحصول على السكر لارتفع ثمنه”.

ويمكن إجمال مراحل الثورة الفرنسية في النقاط التالية:

المرحلة الأولى:


تمتد المرحلة الأولى من عام 1789 حتى عام 1791، حيث تم استدعاء المجلس العام، لإعطاء الملك الموافقة على لتنظيم الأمور المالية، وكانت هذه هي المرة الأولى منذ مدة طويلة يتم فيها استدعاء المقاطعات الثلاثة في فرنسا (بالإنجليزية: the three estates) من أجل التصويت بشكل متساوٍ أو نسبي، وبدلًا من الخضوع للملك اتخذت هيئة المقاطعات إجراءًا متطرفًا، وأعلنت نفسها المجلس التشريعي (بالإنجليزية: Legislative Assembly) للبلاد، وتولت السلطة، والسيادة، وبدأت بهدم وتمزيق نظام الحكم القديم، وبدأت بخلق فرنسا جديدة، عن طريق إعلان سلسلة من القوانين الجديدة، التي جرّدت قرون من القوانين، والقواعد، والتقسيمات، وتعتبر هذه الأيام من أكثر الأيام اهتياجًا، وأهمية في تاريخ أوروبا.

المرحلة الثانية:

تمتد المرحلة الثانية من عام 1792 إلى عام 1794، حيث تم إنشاء أول جمهورية في صيف عام 1792، حيث إن الثورة أدت إلى مخطط تمثيلي أوسع، وتم انتخاب المؤتمر الوطني (بالإنجليزية: National Convention)، وظهرت مجموعة تتبع فكر خاص للوصول إلى السلطة، وقامت هذه الجماعة بتقديم الدعم لتخليص الآخرين من الاستعباد، وفي عام 1793 تم إعدام الملك، مما أدى إلى تأسيس لجنة السلامة العامة (بالإنجليزية: Committee of Public Safety)، وأصبحت الثورة قومية، وموحِّدة، وساعدت على تنظيم الجيش، وكان رد الحكومة أن وظفت سياسات العنف المنظم كطريقة للسيطرة على الأمور، وكان رد الفعل على هذه التجاوزات من الحكومة قادرًا على أن يُفقد الحكومة السلطة الشرعية.

المرحلة الثالثة:


تمتد هذه المرحلة بين عام 1795 وعام 1799، في الوقت الذي كانت فيه ثروات البلاد تتناقص وتتزايد بشكل متطرد، في ذلك الوقت كان الذي يحكم فرنسا المجلس الإداري (بالإنجليزية: The Directory) من خلال سلسلة من الانقلابات، والتي جلبت شكلًا من أشكال السلام، وشكلًا من أشكال الفساد المُسلّم به، وفي هذا الوقت حققت الجيوش الفرنسية نجاحات كبيرة خارج البلاد، لدرجة أن البعض فكر في الاستفادة من الجنرال في خلق نوع جديد من الحكومة،[٢] ومن الجدير بالذكر أنه تم انشاء دستور تمثيله ضعيف عام 1795.

 

المرحلة الرابعة:

ترنحت الثورة قليلًا بعد إعدام الزعيم روبسبيار، وأعيدت إلى مسارها من جديد بعد ظهور نابليون بونابرت الزعيم العسكري العظيم لفرنسا، والذي بدأ انقلابه في عام 1799، وأصبح إمبراطورًا على فرنسا في عام 1802، بالإضافة إلى سيطرته، وحكمه على مناطق كثيرة من القارة الأوروبية، إلى أن هزم في معركة واترلو عام 1815، وانتهت الثورة الفرنسية في نفس العام، واستعادت سلالة بوربون الحكم تحت سيادة لويس الثامن عشر، وعلى الرغم من رغبة الأخير بحكم فرنسا، إلا أن الثورة خلقت ثقافة سياسية جديدة تؤمن بأنّ الشعب هو مصدر السيادة.

بعد هذا العرض يمكن أن نقول أن الثورة الفرنسية قامت على عاملين أساسيين وهما، العامل الإقتصادي، والعامل الفكري الفلسفي الذي كان له الدور الأخطر في تلك الثورة وذلك من خلال ما يلي:

لقد كان لفرنسا الدور الأقوى والأشرس في معركة القضاء على فلسفة العصور الوسطى "المسحية" وبناء فلسفة جديدة تقوم على أسس مختلفة عرفت فيما بعد بأسم " الفلسفة الأوربية الحديثة".

لقد كان الإنسان الأوربي يعيش في واقع تسيطر عليه الكنيسة بأسم الله، وكان للكنيسة الدور الأكبر في تشكيل الوعي للإنسان الأوربي، وكانت الفلسفة حينها تدرس على شكل مدارس على يد رهبان الكنائس وكان الحق هو ما تقرره الكنيسة حتى لو كان ذلك مخالف لكل مبادئ العقل، وأقحمت الكنيسة نفسها حينها في شتى مجالات الحياة من الدين إلى الفلسفة إلى الطب إلى كافة العلوم الإنسانية والتجربية وكان لها الصوت الأعلى في تحديد مصائر تلك العلوم وما تؤال إليه من معارف جديدة.
فكان للكنيسة الصوت الأعلى في كل شيء فتأمر وتنهي وتحرق وتدمر كل شيء بأسم السلطة الإلهية.

وكان ذلك في الفترة الزمنية من القرن التاسع الميلادي إلى القرن الرابع عشر الميلادي.

مع بداية القرن الرابع عشر الميلادي نهض مجموعة من العلماء للوقوق وجهًا لوجه أمام الكنيسة والإعلان عن عن فلسفة جديدة تجريبة تقوم مقام فلسفة الكنيسة، وكانت هذه المحاولات أغلبها محاولات فردية أمام طغيان الكنيسة.
تتجلى أبرز تلك الأعمال عند الفيسلون الإنجليزي " روجر بيكون" والفيسلوف الإيطالي" دافنشي"
ويعرف هذا العصر بعصر النهضة الأوربية وذلك من خلال القرن الرابع عشر إلى القرن السابع عشر الميلادي.

عصر الثورة الفلسفية الكبرى:

ثم ننتقل إلى الحديث عن العصر السابع عشر الذي يعد الوقت الذي حان فيه الخلاص من سلطان الكنيسة الأوربية وإزاحت سلطانها عن الإنسان الأوربي إلى الابد.

كانت لفرنسا اليد العليا في ذلك العصر الفلسفي عن طريق فيلسوفها الأول الذي يعد الأب الشرعي لتلك الفلسفة "رينيه ديكارت" والذي ينسب إليه التيار العقلي.

وفي إنجلترا تلقت تلك الفلسفة ونهضت بها عن طريق الفيلسوف" فرنسيس بيكون" الذي ينسب إليه التيار التجريبي.

وفي ألمانيا أخذت شعلة تلك الفلسفة وأصلت لها عن طريق الفيلسوف " إيمانويل كانت" والذي ينسب إليه التيار النقدي.

هذه الثورة الفلسفية كانت لها العامل الأكبر في تكوين وعي مفهوم الإنسان الأوربي ومن خلالها قامت الثورة الفرنسية والتي صدّرت الثورات إلى باقي أنحاء العالم.

ومن رحم تلك الثورة الفلسفة نتج عنها تيارات كثيرة كانت لها الدور الأساسي في ثورات آخرى مثل التيار المذهبي الشيوعي الماركسي الذي كان له الدور الأكبر في الثورة البلشفية، والتيار الوجودي والتيار العدمي.

كذلك ينسب للفلسفة الحديثة الدور الأكبر لظهور الفلسفة المعاصرة التي تحكم العالم الآن في قبضتها بشكل صريح ومعلن من خلال القيم الأساسية لتلك الفلسفة مثل " التيار البرجماتي الأمريكي" و" التيار المادي" و" التيار الرأسمالي".

بعد ذلك العرض الموجز لأسباب الثورة الفرنسية يمكن أن نقول:
تعتبر الثورة الفرنسية أحد أهم الثورات في التاريخ الإنساني لما لها من دور أساسي في تشكيل وعي العالم الفكري والإقتصادي بشكل أساسي لما صدرته من قيم وأسس ما زالت تحكم العالم بشكل محكم، وعلى الجميع أن يعلم أن الفلسفة الأوربية الحديثة لها الدور الأكبر في تشكيل تلك الثورة وتكوين مفاهيم سياسية تغلغلت داخل وعي الإنسان إلى الآن، فهل هناك سبيل للهروب من تلك الفلسفة وتابعيتها وإنشاء فلسفة جديدة.؟!

هذا هو السؤال الذي لا إجابة له إلى الآن.!

حسام صلاح الدين باحث ومعيد بجامعة الأزهر