رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أحمد شيخو يكتب: من مانديلا لأوجلان نضالات الشعوب المحقة

أحمد شيخو
أحمد شيخو

يصادف خلال أيام، وتحديدًا في التاسع من أكتوبر الذكرى الـ 26 لبدء المؤامرة الدولية بحق أهم مفكر وقائد للشعب الكردي، وأحد أهم قادة  الفكر والسياسية والنضال في الشرق الأوسط، لأجل الحرية والديمقراطية للشعب الكردي وشعوب المنطقة.

لقد عاش الشعب الكردي مع الشعب العربي وباقي شعوب المنطقة، في المراحل المختلفة من التاريخ، بعلاقات تسودها الأخوة والعيش المشترك والاعتراف المتبادل، وكان للكرد اسهامات كبيرة في مختلف الحضارات الإنسانية، التي تم بنائها في المنطقة، بما فيها الحضارة الإسلامية، والحفاظ على المنطقة وشعوبها أمام مختلف التحديات.

ولكن مع تقسيم المنطقة وشعوبها من قبل القوى الدولية بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، تم تقسيم الشعب العربي إلى 22 دولة وكذلك تقسيم الكرد وجغرافيتهم التاريخية بين أربعة دول(تركيا، إيران، العراق وسوريا)، وهنا كانت المشكلة حيث أن هذه الدول لم تعترف بحقوق الكرد الثقافية والسياسية أو بإدارتهم لأنفسهم ضمن حدود هذه الدول.

كانت ومازالت أوضاع الكرد صعبة، وخاصة في إيران وتركيا، وقد حرموا من أبسط حقوقهم كشعب وأمة، ولقد تعرضوا لممارسات الإبادة الجماعية، ومازالوا، دون وجود موقف دولي يدين أو يردع هذه الممارسات.

قام الكرد بانتفاضات وثورات عديدة للمطالبة بحقوقهم ومن بين أهم القوى والشخصيات المؤثرة الكردية، يظهر عبدالله أوجلان، كأهم قائد ومفكر تجاوز البعد الأثني والديني إلى فضاءات أوسع مثل التحول الديمقراطي في دول المنطقة لأجل حل القضية الكردية وكذلك مختلف قضايا الشرق الأوسط، وذلك عبر طرحه مفهوم ومشروع الأمة الديمقراطية، التي تعتمد على الذهنية والإرادة المشتركة الحرة لشعوب المنطقة كموحد ومحافظ للبلدان الموجودة وكحل ديمراطي وسلمي للقضايا الوطنية وكبديل للدولة القومية في مبدأ حق تقرير المصير للشعوب.

إن وجود قضايا وطنية، كالقضية الكردية والقضة الفلسطينية دون حلول، هو من أسباب عدم الاستقرار والتوتر والفوضى في دول المنطقة، وما نلاحظه يظهر ذلك، حيث أن أوضاع الشعب الفلسطيني وما يحصل له، وكذلك أوضاع الشعب الكردي وما يحصل له، وتداعيات تلك الأوضاع السلبية على الأمن والاستقرار يوضح تلك الحقيقة.

نعتقد أن حل القضية الكردية عبر البناء والتحول الديمقراطي في البلدان الموجدة كما طرحه أوجلان، هو من أهم المداخل الصحيحة لتحقيق الأمن الإقليمي والأمن القومي العربي، بجعل الشعب الكردي من مقومات ذلك الأمن، بالتعاضد والوحدة والاتفاق الديمقراطي مع الشعوب والبلدان العربية.

لقد قضى زعيم جنوب إفريقيا، 27 عامًا في السجن لأجل حقوق شعبه، وخرج منتصرًا، وكذلك القائد أوجلان الذي يدخل سجنه عامه الـ26، ومن المفيد الإشارة هنا أن أوجلان، تم اعتقاله لأسباب عديدة منها هو فلسفته للحياة والنضال وعمله وبنائه لسياق مجتمعي نضالي ديمقراطي وحر يخرج الشعب الكردي وموطنه من بؤرة للتوتر وورقة ضغط إلى فاعل مؤثر في مستقبل المنطقة وقوة اضافية لأجل الحرية والحق والعدالة لكل شعوب المنطقة، وبذلك رأت القوى الدولية المهيمنة، أنه عائق وأن اعتقاله وسجنه سيكون مفيد لجهة اضعاف شعوب المنطقة وتفتيتها ونهبها، فتم تنفيذ مؤامرة دولية بقيادة أمريكا وإسرائيل وبريطانيا والقبض عليه في كينيا وتسليمه لتركيا، في 15 شباط عام 1999 بعد مطاردة حوالي أربعة أشهر بين اليونان وروسيا وإيطاليا وكينيا، بدأت منذ خروجها من سوريا في 9 أكتوبر عام 1998.

ولكن الملفت والمميز أن أوجلان جعل من سجنه الإنفرادي وحيدًا في جزيرة إمرالي إلى مدرسة فكرية وفلسفية حيث أنتج أوجلان، خمسة مجلدات، هي بحق فلسفة للحياة الحرة بعد أن قدم أوجلان وبرؤيته النقدية البناءة قراءة للتاريخ الإنساني الكوني وبالأبعاد المختلفة، وكذلك مراجعة للقضايا والاشكاليات العالقة وطرح حلول تفيد جميع الشعوب في المنطقة، يرتكز على بناء المجتمع الأخلاقي والسياسي وحرية المرأة وعلم البيئة(الأيكولوجيا)، ولكن المصيبة الكبرى أنه مازال حالة العزلة والتجريد عن العالم الخارجي هو المفروض على أوجلان منذ 26 سنة وخاصة العزلة المطلقة منذ 43 شهرًا حيث لم يسمح بمقابلة محامييه أو أهله.

في حياة الشعوب عادة يظهر قادة لهم كل الاحترام والتقدير ويكون لهم إسهامات فكرية وسياسية واجتماعية تتجاوز شعوبهم الأصلية، كجمال عبد الناصر وهوارين بومدين وياسر عرفات وعمر المختار وغيرهم، وكذلك هو المفكر والقائد أوجلان الذي وصل عمره لـ76، الذي نرى في فك عزلته وتحقيق حريته الجسدية كما تطالب به الحملة الدولية لحريته والحل السياسي للقضية الكردية من أهم المداخل لحل القضية الكردية سلميًا وسياسيًا وللحفاظ على وحدة شعوب المنطقة ودولها أمام مشاريع الهمنة والنهب للقوى الدولية والإقليمية، والتي تريد النيل والهيمنة ونهب الشعوب العربية والكردية.