هل السعر عادل؟..
حقيقة تدخل البنك المركزى فى تحديد قيمة الدولار أمام الجنيه
مع اشتعال الحروب الإسرائيلية مع لبنان وفلسطين والقصف الأخير على إيران والضغط على العملة الأجنبية، بدأ الحديث الأيام القليلة الماضية عن السعر العادل للجنيه أمام الدولار، وسبب استقراره في البنوك رغم الأحداث العالمية، حيث يرى البعض أن هناك تدخلا للبنك المركزي في سعر الصرف.
وجاء ذلك في الوقت نفسه الذي ارتفع فيه حجم الأموال الساخنة للاستثمار في أذون الخزانة المصرية التي تقدم عوائد قياسية، بعد تحرير سعر الصرف، هو ما يجعل المستثمرين الأجانب يحتفظون باستثماراتهم في أذون الخزانة بمصر.
وتعاني مصر منذ عام تقريبًا من انخفاض مصادر الدولار والتى أهمها قناة السويس والتي خسرت ما يقرب من 70% من إيراداتها؛ نتيجة الأحداث الجارية من الهجمات الحوثية في البحر الأحمر.
خسارة 7 مليارات دولار في أقل من عام
وقال الدكتور مصطفي مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إن مصر خسرت ما يقرب من 7 مليارات دولار في أقل من عام بسبب انخفاض إيرادات قناة السويس، هذا بالإضافة إلى العدد الكبير من ضيوف مصر من اللاجئين والمهاجرين الذي تخطى 9 ملايين شخص، ما يضع عبئًا وتكلفة كبيرة على الدولة المصرية.
وأضاف «مدبولي»، أن الدولة المصرية على الرغم من التحديات، مُستمرة في مسيرتها فيما يتعلق بالإصلاح الاقتصادي، وتحقيق التنمية الشاملة المستهدفة للدولة في مختلف القطاعات.
وأكد رئيس مجلس الوزراء، أن حركة النقد الأجنبي، واحتياجات الدولة المصرية تسير بانتظام شديد ولا يوجد أي تأخير، وذلك فيما يخص مستلزمات الإنتاج، والمواد الخام وجميع الاحتياجات الأساسية للدولة، كما لا يوجد أي طلبات مُرجأة في البنوك، فالأمور مستقرة وهناك مُتابعة بصورة يومية مع المجموعة الاقتصادية، ومع محافظ البنك المركزي، كما نتابع حركة السوق.
ويستقر سعر الدولار في البنوك لدي سعر 48.60 جنيهًا، مع هبوط وصعود بين 10 و20 قرشًا، هو ما أثار حالة من الجدل في الأوساط الاقتصادية ولا سيما مع التوترات الجيوسياسية التى تشهدها المنطقة.
مرونة تامة للدولار
وفي هذا السياق، قال محمد أنيس، الخبير الاقتصادي، إن الدولار بالبنوك حاليا قولا واحدًا عادل ومرن مرونة كافية، متابعًا: «أرى أنه منذ مارس 2024 إلى يناير 2025 السعر التوازني السليم للدولار هو 48 جنيها بهامش حركة 5% فوق أو تحت».
وأضاف: «مينفعش يبقى فيه مرونة تامة للدولار ولا بد أن تكون المرونة مدارة، نحن لن نطبع أي عملة أجنبية دون سقف مثل الدول الغربية، لأن اقتصادنا يعتمد بشكل أساسي على الاستهلاك المحلي الداخلي غير الاقتصاد التركي الذي يصدر بـ250 مليار دولار سنويا فإيراداته بالدولار بينما نحن نصدر بنحو 35 مليار دولار».
وأوضح الخبير الاقتصادي: «رغم أن لديه تضخما مرتفعا وانخفاضا دائما في سعر الليرة أمام الدولار، ولكن اقتصاده قوي بفعل التصدير الكبير بالدولار».
ومن ناحيته، قال الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصاي، رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، إن سعر الدولار في البنوك مرن ولا يوجد أي تدخل من قبل الحكومة لتحديد سعر الصرف.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن أكبر دليل على ذلك ارتفاع الاحتياطي النقدي، وتوفير الدولار للمستوردين، ولمستلزمات الإنتاج أيضًا ولأصحاب المصانع.
وأشار «الشافعي»، إلى أن السعر العادل للجنيه أمام الدولار يتحدد بناء على العرض والطلب، متابعًا: «السعر الحالي في البنوك هو العادل إذا لم يقل أيضًا إلى 45 جنيهًا؛ لأن قيمة الدولار المحددة أعلى من السعر الحقيقي».
وأكد الخبير الاقتصادي، أن ارتفاع حجم الأموال الساخنة في أذون الخزانة ـأيضًاـ يزيد المعروض من العملة ويخفف الضغط على الدولار، ولكن يجب أن تستغله الحكومة بطريقة تعود بالإيجاب على الاقتصاد المصري، وزيادة الإنتاج والصناعة.
السعر العادل 50 جنيهًا
بدوره، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد بأكاديمية النقل البحري، إن هناك نسبة لتدخل للبنك المركزي في سعر الدولار، ولكنها أقل من الفترات السابقة، بدليل عدم وجود سوق سوادء، بجانب مرونة الصرف في البنوك سواء بالهبوط أو الصعود.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه في حالة التدخل الكامل للبنك المركزي في سعر الصرف، سيكون ثابت مثلما حدث أثناء جائحة كورونا، عند ثباته لدى 31 جنيهًا لأكثر من عام ونصف.
وأشار «الإدريسي»، إلى أن التدخل الحالي للبنك المركزي، يخلق نوعا من الاستقرار النسبي، عن طريق ترشيد الإنفاق للدولار الذي يخرج من لديه، وعمليات التدبير تكون في أضيق الحدود.
وتابع: «الفترة الماضية بدأت البنوك الحكومية رفع العائد على الشهادات الدولارية، وهو ما يشجع على التخلي عن الدولار وخاصة ما الحصول على العائد بالدولار، وما يساهم في زيادة حصيلة البنوك من العملة».
وأكد خبير الاقتصاد، أن السعر العادل للجنيه أمام الدولار، يتغير بناء على العرض والطلب، وقبل التعويم الأخير، كانت قيمة الدولار في البنوك 31 جنيهًا وقيمته الحقيقية في الخارج تتجاوز 48 جنيهًا.
وأوضح أن الفترة الحالية تشهد ضغوطا كبيرة على الدولار، حيث خسرت قناة السويس، 70% من إيراداتها، والاعتماد على الاستيراد في كثير من السلع، مؤخرًا بدأت الحكومة في استيراد البيض والذي حققنا فيه اكتفاء ذاتيا.
وأكد أن هذا بجانب التوقعات السلبية لصندوق النقد الدولي، بالنسبة للاقتصاد المصري، والعالمي، لافتًا إلى أن الحكومة تحتاج إلى مرونة في تنفيذ شروطه وهو ما سيتم مناقشته خلال الزيارة المقبلة للصندوق.
وواصل: «السعر العادل للجنيه أمام الدولار، يصل إلى 50 جنيهًا، حيث من المتوقع تخطي حاجز الـ50 جنيهًا في البنوك مع بداية العام المقبل، مع الأحداث العالمية الجارية».
وحول استغلال الأموال الساخنة، قال إن الحكومة تستخدمها في سداد الديون الخارجية، والالتزمات والمديونيات لدى شركات البترول، وتوفير سلع أساسية، أبرزها الغاز، بالإضافة إلى مستلزمات الإنتاج، ودعم الاحتياطي النقدي أيضًا، ولكن في حالة استخدامه في الحصول على عائد، سيكون طويل الأجل وهذا صعب تنفيذه الفترة الحالية والبديل لذلك هو دخول القطاع الخاص والتخارج الحكومي، مع وجود رقابة صارمة.
ولفت إلى أن الحكومة تحافظ على المستثمرين في أذون الخزانة عن طريق تقديم فائدة مرتفعة، بالرغم من تخفيض الفائدة على مستوى البنك المركزي الأوروبي، والفيدرالي الأمريكي، مستبعدًا تكرار أزمة عام 2022 بعد خروج ما يقرب من 20 مليار دولار عقب الحرب الروسية الأوكرانية.