رئيس التحرير
خالد مهران

الدكتور وائل كامل يكتب: «الجودة والاعتماد الاكاديمي» فقاعة تسويق أكاديمي أم استراتيجية تطوير حقيقية؟

النبأ

عند الحديث عن منظومة الجودة والاعتماد في الجامعات، يجب ألا نتناولها بأسلوب تنظيري أو خيالي، ولا أن نركّز على جمع الأوراق فقط. نعم، الجودة مطلوبة، ولكن ليس بالشكل الذي يتم تطبيقه حاليًا. ما يحدث الآن عمليًا في مجال الجودة، من وجهة نظر العديد من أعضاء المجتمع الجامعي، هو مجرد جمع أوراق وإضاعة للوقت والجهود دون مردود حقيقي ونتائج ملموسة على مستوى قدرات الخريجين وجودة البحث العلمي وخدمته للمجتمع، أو قدرات أعضاء هيئة التدريس، أو نظام اختيار القيادات الجامعية، أو جودة أداء النظام الإداري.

إذن، ما هو الهدف؟ هل هو أن نحتفل بوجود عدد كبير من الكليات التي تحمل ورقة معتمدة بشعار الهيئة داخل إطار فخم يزين جدران أحد المكاتب؟

نرفع الاحتفالات، وتكثر التصريحات الفخرية حول الإنجازات التي تم تحقيقها على الورق فقط، ثم ماذا بعد؟

أين هو المردود على أرض الواقع؟

هل تم رفع معدلات القبول في الكليات التي تميزت وحصلت على الاعتماد بناءً على تأثيرها في سوق العمل؟ لماذا نكذب على أنفسنا ونصدق هذه الأكاذيب التي نتوارثها جيلًا بعد جيل، ويستمر معدل انتقال أثر الخطأ؟

أطالب مستشاري الجودة بالجامعات ورؤساء وحدات الجودة بالإجابة علينا إذا كان لديهم رد. أرجو أن يقدموا لنا كشف حساب علمي، مدعومًا بإحصائيات، يتضمن مقارنة في البنود التالية:

إقبال سوق العمل على خريجي الكليات قبل وبعد الاعتماد على مستوى كافة التخصصات العلمية: ما هي رواتبهم قبل وبعد الاعتماد؟ وهل مؤهلاتهم أصبحت أكثر ملاءمة لسوق العمل؟ وما هو التغير في معدلات القبول في مكتب التنسيق قبل وبعد الاعتماد؟

مستوى قدرات أعضاء هيئة التدريس قبل وبعد الاعتماد: القياس هنا ليس بعدد الدورات التدريبية الموثقة على الورق، والتي غالبًا ما تكون مجرد وسيلة للترقية بين الدرجات الوظيفية، ولكن المقصود هو الدورات التي تُحدث فرقًا حقيقيًا في القدرات التخصصية والتدريسية.

مستوى رضا الطلاب عن المناهج وطرق التدريس قبل وبعد الاعتماد: القياس هنا ليس مجرد جمع آراء الطلاب، بل يجب أن يكون هناك تحول حقيقي في المناهج، حيث إن بعضها لا يزال يتحدث عن عصر غير العصر، ولا يتماشى مع متطلبات سوق العمل. لا ينبغي أن نقتصر على التغييرات الشكلية أو التعديلات الصغيرة والتباديل والتوافيق بين محتوى المناهج التي عفا عليها الزمن.

مستوى رضا أعضاء هيئة التدريس عن نظام العمل قبل وبعد الاعتماد: يشمل ذلك رواتبهم قبل وبعد الاعتماد، القوانين واللوائح المنظمة، نظم اختيار القيادات الجامعية، وتأثير الاعتماد على وجود تغيير حقيقي ووجود آلية شفافة لمحاسبة القيادات على أخطائهم.

تطوير أداء وقدرات الهيكل الإداري والموظفين قبل وبعد الاعتماد: يشمل ذلك سهولة وسرعة الإجراءات، والشفافية، والدقة في الأداء، بدلًا من الحاجة إلى "تمغة في الدور الرابع عند مدام عفاف".

التحول من النظام الورقي البيروقراطي إلى النظام الإلكتروني: هل حدث هذا التحول بشكل حقيقي، أم أن السرعة والمرونة لا تزال خيالًا بعيدًا عن الواقع؟

مستوى التقدم في البحث العلمي وتطبيقاته الفعلية على أرض الواقع: هل هناك تطبيق فعلي للبحوث المنتجة سنويًا بهذا الكم لخدمة المجتمع والوطن، أم أنها مجرد أرقام على الورق، وأوراق يعلوها التراب داخل مجلدات مركونة على أرفف المكتبات؟ يجب ألا نبحث عن تصدير جهود علماء مصر للخارج ليتم تنفيذها والاستفادة منها هناك، ثم نفرح نحن بدخول جامعة ما في المركز الـ 999 من بين 1000 في تصنيف من التصنيفات الدولية الخادعة، لمجرد الاستشهاد بأبحاثنا التي لم يتم تطبيقها في مجتمعنا، ثم نستورد منهم منتجاتهم بعد أن تخرج الأبحاث للنور بدول أخرى. فما فائدة هذا إذا لم يكن هناك تأثير مباشر للبحث العلمي على تقدم وتطور مجتمعنا؟ وأين هي الجودة الحقيقية في ذلك؟

البنية التحتية والمعامل والمعدات: ما هو مستوى حداثة الأجهزة والمعامل؟ وهل تم تخصيص الميزانيات اللازمة لتطويرها قبل وبعد الاعتماد؟ أم أن كل هدفنا الآن هو وجود وفورات مالية وتحقيق الاستقلال المالي عن موازنة الدولة، حتى لو كان هناك تقصير في منح الأساتذة حقهم في التعويضات المالية التي حكم بها القضاء لهم، واستحداث برامج تعليمية خاصة لجمع الأموال، وإهمال البرامج التعليمية المجانية وتركها تعاني من الشيخوخة؟

من الضروري أن يتم الاتفاق مع الهيئة القومية لضمان الجودة لجمع كافة المواد التدريبية والتعليمية في مجال الجودة على شكل مقرر دراسي في مرحلة البكالوريوس والدراسات العليا، ليتم تحديده كمتطلب جامعي يعالج أوجه القصور الموجودة حاليًا، ليصل مفهوم الجودة الحقيقية الفعلية للجميع، هذا إذا كنا نطمح لتحقيق جودة فعلية.

ختامًا، نؤكد أن تحقيق الجودة الحقيقية في الجامعات هو مسؤولية مشتركة، تتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، من القيادات وأعضاء هيئة التدريس والإداريين والطلاب والمجلس الأعلى للجامعات والوزارة، وصولًا إلى هيئة ضمان الجودة.

هذا إن لم تكن هيئة ضمان الجودة تحتاج إلى ضمان جودة..!