رئيس التحرير
خالد مهران

«النبأ» تسأل.. 36 مليار دولار مساعدات خليجية فين يا حكومة؟


«المالية»: 17,6 مليار دولار دخلت الخزانة العامة ولا نعرف شيئا عن الـ 18.4 الباقية

الببلاوي: استخدمنا مساعدات الخليج في استيراد سلع أساسية تحتاج 50 مليار دولار سنويًا

عبدالحميد: كيف تدخل هذه المبالغ الميزانية ويزداد العجز الكلي بها

فهمي: فوجئت بالأرقام ولابد أن تكشف الحكومة أوجه الإنفاق بالتفصيل

تضاربت الأرقام المعلنة للمساعدات الخليجية، التي نالتها مصر منذ 30 يونيو 2013 وحتى الآن، إذ تقول بيانات وزارة المالية المصرية، إن قيمة المساعدات المقدمة من الدول الثلاث السعودية والإمارات والكويت، بلغت 17.6 مليار دولار، منها حوالي 10,6 مليار دولار دخلت الخزانة العامة للدولة وفقا للبيان
الختامي لوزارة المالية، عن العام المالي 2013 / 2014، في حين تمثل الـ7 مليارات دولار الباقية الودائع التي تم إيداعها في البنك المركزي.

بينما أشار الرئيس عبد الفتاح السيسي في تصريحات تليفزيونية، خلال حملته الانتخابية في مايو الماضي، في لقاء جمعه مع الإعلاميين إبراهيم عيسى ولميس الحديدي، إلى أن قيمة المساعدات الخليجية تجاوزت 20 مليار دولار منذ 30 يونيو 2013.

بينما فاجأ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات وحاكم دبي، الجميع أثناء كلمته بالمؤتمر الاقتصادي، مشيرا إلى أن مساعدات دولة الإمارات وحدها بلغت خلال الفترة الماضية حوالي 14 مليار دولار.

«النبأ» رصد إجمالي ما تم الإعلان عنه رسميا من مساعدات خليجية لمصر خلال الفترة الماضية، والذي بلغ حوالي 36 مليار دولار، وبخصم 17,6 مليار دولار دخلت مباشرة إلى خزانة الدولة وإلى البنك المركزى، بحسب بيانات وزارة المالية، تبقى 18,4 مليار دولار نحاول البحث عن أوجه إنفاقها في السطور القادمة.

وللحصول على إجابة شافية عن أوجه إنفاق هذا المبلغ التائه تواصلت "النبأ" مع الدكتور حازم الببلاوي، رئيس مجلس الوزراء السابق، والمدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي حاليا، والذي تلقت الحكومة معظم المساعدات الخليجية في عهده.

الدكتور الببلاوي أكد أن هذه الأموال تم استخدامها بأفضل طريقة ممكنة، مشددا على أنها لم
تضع هباء، مستنكرا طرح السؤال حول أين ذهبت تلك الأموال؟! واصفا الحديث عن ضياعها بالكلام غير الدقيق، مشيرا إلى أنها جاءت في وقت مناسب جدا شهد تراجعا كبيرا في معظم موارد الدولة المالية، وعلى رأسها إيرادات قطاع السياحة والصادرات وتحويلات المصريين بالخارج والاستثمارات الأجنبية.

أوضح الببلاوي أن أموال المساعدات سدت النقص الذي حدث في موارد الدولة الرئيسية؛ نتيجة
ما مرت به مصر من أحداث، لافتا إلى أن تلك الأموال ساعدت على الاستمرار، منوها بأنه تم استخدامها لسد عجز ميزان المدفوعات، لافتا إلى أن مصر تقوم باستيراد سلع أساسية بقيمة 50 مليار دولار سنويا.

وأشار إلى أن الاستثمارات القادمة لا تختلف عن المساعدات السابقة، مشيرا إلى أن كلا منها
يكمل الآخر، مطالبا ببث روح التفاؤل والبعد عن التشكيك خاصة في ظل هذه المرحلة الصعبة، موضحا أن نتائج المؤتمر الاقتصادي والاستثمارات المتدفقة من خلاله تمثل بادرة تفاؤل بمستقبل الاقتصاد المصري، ومشيرا إلى أن الحضور العالمي المشرف يؤكد ثقة وتفاؤل العالم بالاقتصاد المصري. في المقابل يقول الدكتور قاسم عبد الحميد، الخبير المالي والاقتصادي، إن هناك علامات استفهام كبيرة حول مصير المساعدات الخليجية التي تدفقت إلى مصر بعد 30 يونيو وحتي الآن، مشيرا إلى أن إجمالي تلك الأموال بلغ حوالي 39 مليار دولار، بحسب متابعاته، وكانت كفيلة بإحداث نقلة فيما
يخص حياة المواطنين المصريين ومتطلباتهم الرئيسية، موضحا أنه يطالب الحكومة بتوضيح أوجه إنفاقها لتلك الأموال التي لا يصدق عقل أنها أضيفت لميزانية الدولة فى ظل تضاعف عجز الموازنة واضطرار الدولة لرفع أسعار الكهرباء والمياه والغاز، وما نتج عنه من معاناة يعيشها المصريون خلال الفترة الحالية.

وأشار عبد الحميد إلى أن هناك حالة من الغموض تحتاج لفك طلاسمها، ومنها أنه بالتزامن مع دخول
تلك الأموال تم تقليص دعم السلع البترولية، ودعم الإسكان والصحة، موضحا أن دخول ما يقارب 300 مليار جنيه على الموازنة العامة في عام واحد، كان سيحدث طفرة ويقضى على عجز الموازنة وعجز ميزان المدفوعات، خاصة في ظل انخفاض أسعار السلع الغذائية على مستوى العالم، واصفا عملية إنفاق كل تلك الأموال دون شعور المواطن بتحسن في ظروفه المعيشية بـ"البلاعة".

من جانبها قالت الدكتورة بسنت فهمي، الخبيرة المالية والمصرفية وعضو الهيئة العليا بحزب "الدستور"، إنها فوجئت بالأرقام التي قالها بعض مسئولي الدول العربية خلال المؤتمر الاقتصادي عن حجم المساعدات التي قدموها لمصر خلال الفترة الماضية، وتساءلت حين سماع الأرقام أين ذهبت تلك الأموال؟! مشيرة إلى أنها مبالغ كبيرة جدا ولابد أن تخرج الحكومة بكل شفافية لتكشف للمواطنين أوجه إنفاقها بالتفصيل، موضحة أنها لا تعرف ماذا فعلت الدولة بكل تلك الأموال، مشيرة إلى أن الحكومة يمكن أن تكون استخدمت الأموال في شراء أسلحة للجيش أو لوزارة الداخلية، وقد تكون استخدمتها في سداد الوديعة القطرية والتركية وغيرها من أقساط الديون الأخرى، موضحة أننا من
حقنا أن نعرف أوجه صرف تلك الأموال، حتى يطمئن المواطنون ولا يذهب تفكيرهم لأمور
أخرى، وهذا لن يحدث إلا إذا خرجت الحكومة لتوضيح ذلك، ولابد أن تخرج حتى لا يصطاد البعض في الماء العكر.

أما الدكتور هاني الحسيني، أستاذ المالية العامة وعضو الهيئة العليا لحزب التجمع، فيرى أن المساعدات التي جاءت إلى مصر بعد 30 يونيو من دول الخليج، دخلت كلها الموازنة العامة وخزانة البنك المركزي، موضحا أنها لم تختف كما يقول البعض، مشيرا إلى أن الأموال غطت تكاليف بعض البنود بالموازنة العامة، مثل كادر الأطباء وتحديث "مزلقانات" السكة الحديد، ودعم التأمين الصحي وبنود أخرى أوضح الحسيني أنه اطلع عليها أثناء فترة حكومة الببلاوي فى عهد أحمد جلال وزير المالية.

وأضاف أن بعض تلك الأموال تم استخدامه في تدعيم الاحتياطي النقدي بالبنك المركزي، موضحا
أن ذلك حدث من خلال الودائع التي قدمتها دول الخليج، مشيرا إلى أن الجميع لابد أن يدرك حقيقة الأرقام الجديدة التي يتم تناقلها بعد المؤتمر الاقتصادي؛ حتى لا يحبط المصريون ويكرروا نفس السؤال أين الأموال التي تدفقت؟! مشيرا إلى أن الاستثمارات التي تم الإعلان عنها بقيمة 36,5 مليار دولار لن تتدفق دفعة واحدة، ولكنها على خمس سنوات، موضحا أنه لا يمكن أن نشعر بنتيجة تلك الاستثمارات قبل عام ونصف على الأقل من الآن.