رئيس التحرير
خالد مهران

بالصور.. "الفايش والكحك الصعيدي" حلويات العيد في الأقصر

الفايش الصعيدي
الفايش الصعيدي

"يا كحك العيد يا احنه..يا بسكويت يا احنه .. يا شرباتات يا احنه ..يا كوبايات يا احنه ..ومحدش حلو إلا احنا".. بتلك الأغاني والكلمات التي تخرج ممزوجة بفرحة، واللاتي يحرصن عليها السيدات في محافظة الأقصر، تبدأ مرحلة إعداد الفايش والكحك الصعيدي في العشر الأواخر من شهر رمضان المعظم .


تلك المخبوزات"الفايش- البسكويت- الكحك- الغريبة- الفريسكا"، تحرص معظم السيدات فى قرى ونجوع محافظة الأقصر على صناعتها كل عام مع نهاية شهر رمضان، والملفت للنظر، هو أن صناعتها تتم داخل فرن بلدي، يتم اشعال نيرانها بالورق والخشب وجريد النخل ومخلفات قصب السكر، "النبأ" حاورت عددا من السيدات ورصدت بالصور عمليات صناعة المخبوزات وتاريخها الفرعوني الموروث عن الأجداد.


فى البداية تقول الحاجة وهيبة مرتضى، ربة منزل،: منذ سنوات طويلة وقبيل زواجي بفترة قصيرة وأنا أساعد أمي فى صناعة الكحك والبسكويت في الفرن البلدي، وبعد أن تزوجت واصلت العمل موسمياً مع قرب العيد رغم ارتفاع تكلفة المحتويات التي تحتاجها المخبوزات.


وتشرح الحاجة وهيبة طريقة عمل المخبوزات، حيث تقول: تبدأ مرحلة تخمير العجينة، ومع قرب طلوع الشمس يتم خلط العجينة بالدقيق، ويتم إضافة السمن والسكر والسمسم والكركم والحليب والحبان، ويتم عجنهم لمدة تتراوح الربع ساعة متواصلة دون توقف.


أما المرحلة الثانية فتكون "التبسيس"،وهى دعك قطع من العجين بالسمن، وفردها على شكل صوابع أو دوائر، ويتم وضعها على صواني صاج للحظات حتى تتخمر:" ، لافتة إلى أن السيدات يكن على شكل خلية نحل خلال التجهيز والتقطيع.


السيدة نعيمة الفولى ربة منزل، تستطرد حديثها قائلة: بعد تخمر وتجهيز الكحك على الصواني ، تتوجه السيدات إلى الفرن البلدي، ليتم ادخاله في مدة لا تتجاوز الثلث ساعة حتى تستوى صوابع الكحك وتخرج بشكل الأصفر الجميل الذي تعودنا عليه منذ أن نشأنا على هذا الموروث.


تتابع نعيمة: تكون هناك خطوة نهائية ، وهى تنشيف الكحك أو كما يطلق عليها "القرقشة"، وهى ترك الكحك في سخونة الفرن لفترة طويلة حتى ينشف نهائيا، لافتاة إلى أنه يتم صناعة " الملتوت "ويتم تقطيعه من عجينة الكحك على شكل خبز صغير، تصنعه السيدات ليتم توزيعه على المقابر صبيحة يوم العيد.


أما خبيز "الغُريبة"، فتوضح آمنة عبدالله، ربة منزل، أن أولادها يصرون سنويا على عمل الغريبة لما فيها من سكريات ودهون مما يجعلها مصدراً للطاقة ، مبينة أن الاكثار من أكلها يتسبب في تعب شديد في البطن.


وتوضح آمنة مقادير وعمل الغُريبة قائلة "سمن، سكر ناعم جدا، دقيق، مكسرات للتزيين" ، حيث يوضع السمن على النار حتى يصبح لونه أبيض، ثم نضيف السكر تدريجيا مع الاستمرار في التقليب إلى أن يختفى السكر ويصبح الخليط هشا .


توضح آمنة، أنه يتم إضافة الدقيق تدريجيا إلى أن نحصل على عجينة سهلة التشكيل، ثم نقوم بأخذ قطع صغيرة من العجينة ونشكلها كوحدات صغيرة، ونضعها في الصينية، ونضغط على كل وحدة حتى تتماسك أثناء الخبز ولا تتفكك، ونضع على كل وحدة قطعة مكسرات، ونضعها بالفرن حتى تصبح ذهبية اللون وتتماسك ثم تقدم باردة.


تروى أم كلثوم فرحتهم بالمخبوزات فتقول: "يوم ما بنعمل كعك العيد بيكون أجمل يوم في شهر رمضان بنستناه من السنة للسنة، مش بنحس بفرحة العيد غير بعمايل الكحك في البيت، بنتجمع احنا وسيدات الشارع وعيالي ونخبزه، وكمان بيوفرلنا كتير، لو اشتريته من برا هندفع دم قلبي واحنا ظروفنا ربنا العالم بيها " ، لافتة إلى أن أبنائها وأحفادها تعودوا سنويا أن يأكلوا الكحك والغريبة والبسكويت حتى برغم ارتفاع الأسعار .


لمخبوزات العيد، قصة تعود لأكثر من 5000 سنة، اخترعه الفراعنة وتوارثته الأجيال بعدهم، قديمًا كانت زوجات الملوك تقدمه للكهنة القائمين على حراسة "خوفو"، وفي مقابر طيبة ومنف عثر على صور تفصيلية لصناعة الكحك، فكانوا يخلطون العسل بالسمن، ويقلبونه بالدقيق بعد إضافة كوب ماء ساخن، فيتحول لعجينة، يشكلونها على هيئة قرص شمس كما هو موضح فى المعابد.