رئيس التحرير
خالد مهران

أحمد خالد يكتب: سقوط الأسد.. نهاية لحقبة مظلمة في تاريخ سوريا

أحمد خالد
أحمد خالد

فر الرئيس السوري بشار الأسد من بلاده يوم الأحد، ليضع حداً دراماتيكياً لصراعه الذي دام قرابة 14 عاماً للاحتفاظ بالسلطة مع تفكك بلاده في حرب أهلية وحشية أصبحت ساحة معركة بالوكالة للقوى الإقليمية والدولية.

كان خروج الأسد البالغ من العمر 59 عاماً يتناقض بشكل صارخ مع الأشهر الأولى له كرئيس غير متوقع لسوريا في عام 2000، عندما كان الكثيرون يأملون أن يكون مصلحاً شاباً بعد ثلاثة عقود من قبضة والده الحديدية. في سن 34، ظهر طبيب العيون المتعلم في الغرب كشخص مهووس بالتكنولوجيا ومحب لأجهزة الكمبيوتر وذو سلوك لطيف.

يعتبر سقوط الأسد نهاية لحقبة مظلمة في تاريخ سوريا، فعندما واجه الاحتجاجات ضد حكمه التي اندلعت في مارس 2011، لجأ الأسد إلى التكتيكات الوحشية لوالده لسحق المعارضة. ومع تحول الانتفاضة إلى حرب أهلية صريحة، أطلق العنان لجيشه لقصف المدن التي تسيطر عليها المعارضة، بدعم من حلفائه إيران وروسيا.

وزعمت جماعات حقوق الإنسان الدولية والمدعون العامون استخدامًا واسع النطاق للتعذيب والقتل خارج نطاق القضاء في مراكز الاحتجاز التي تديرها الحكومة السورية، حيث قضت الحرب على ما يقرب من نصف مليون شخص وشردت نصف سكان البلاد قبل الحرب البالغ عددهم 23 مليونًا.

بدا أن الصراع مجمد في السنوات الأخيرة، حيث استعادت حكومة الأسد السيطرة على معظم أراضي سوريا بينما ظل الشمال الغربي تحت سيطرة جماعات المعارضة والشمال الشرقي تحت السيطرة الكردية.

ورغم أن دمشق ظلت تحت وطأة العقوبات الغربية المشلولة، فقد بدأت الدول المجاورة تستسلم لاستمرار الأسد في الإمساك بالسلطة. فقد أعادت جامعة الدول العربية عضوية سوريا العام الماضي، وأعلنت المملكة العربية السعودية في مايو تعيين أول سفير لها منذ قطع العلاقات مع دمشق قبل 12 عاما.

ولكن المد الجيوسياسي تحول بسرعة عندما شنت جماعات المعارضة في شمال غرب سوريا في أواخر نوفمبر، هجوما مفاجئا. وانهارت القوات الحكومية بسرعة بينما بدا حلفاء الأسد، المنشغلون بصراعات أخرى ــ حرب روسيا في أوكرانيا والحروب التي استمرت عاما بين إسرائيل والجماعات المسلحة المدعومة من إيران حزب الله وحماس ــ مترددين في التدخل بالقوة.

وصل الأسد إلى السلطة في عام 2000 نتيجة لتحول في القدر. فقد كان والده يزرع شقيق بشار الأكبر، باسل، كخليفة له، ولكن في عام 1994، قُتل باسل في حادث سيارة في دمشق. وقد عاد بشار إلى وطنه من عيادته لطب العيون في لندن، وخضع للتدريب العسكري، ثم رُفِّع إلى رتبة عقيد لتأسيس أوراق اعتماده حتى يتمكن من الحكم ذات يوم.

وعندما توفي حافظ الأسد في عام 2000، خفض البرلمان بسرعة شرط سن الرئاسة من 40 إلى 34. وتم تأكيد ترقية بشار من خلال استفتاء على مستوى البلاد، وكان المرشح الوحيد فيه.

وحكم حافظ، وهو رجل عسكري طيلة حياته، البلاد لمدة 30 عامًا تقريبًا، حيث أسس اقتصادًا مركزيًا على الطراز السوفييتي، وأبقى على يد خانقة للغاية على المعارضة لدرجة أن السوريين كانوا يخشون حتى المزاح بشأن السياسة مع أصدقائهم.

كما سعى إلى تطبيق أيديولوجية علمانية تسعى إلى دفن الخلافات الطائفية تحت ستار القومية العربية وصورة المقاومة البطولية لإسرائيل. كما شكل تحالفاً مع القيادة الدينية الشيعية في إيران، وعزز الهيمنة السورية على لبنان، وأنشأ شبكة من الجماعات المسلحة الفلسطينية واللبنانية.