رئيس التحرير
خالد مهران

سيناريوهات المواجهة بين "السيسي"و "أوباما" بسبب سد النهضة


نور الدين: موقفنا حرج و"أديس أبابا" تسيطر على المكاتب الاستشارية

شحاتة: لابد من إعادة تصميم السد حتى نمنع آثاره السلبية على مصر

عمر: قضية السد تهم الرأى العام ويجب أن تكون واضحة للجميع

عاد الحديث والجدل مجددا حول ملف سد النهضة، خاصة بعد لقاء المهندس إبراهيم محلب، مع عدد من أفراد الجالية المصرية في غينيا الاستوائية، وتصريحاته التى أشار فيها إلى أنه لا يوجد تخوف من بناء سد النهضة على مصر، نافيا وجود أي آثار سلبية على مصر، لاسيما في ظل استخدام إثيوبيا الأساليب المتلوية في التعامل مع مصر، وما يزيد من القلق المصري، الزيارة التي قام بها الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا مؤخراً، وعقد فيها جلسات مباحثات مع المسئولين الإثيوبيين، تطرق خلالها إلى الدعم الأمريكي لبناء السد، خاصة أن إثيوبيا تعتبر الذراع أو مخلب أمريكي في القرن الأفريقي، وهو ما أكد أوباما بقوله إن إثيوبيا شريك بارز في الحرب الإرهاب، أضاف إن القوات الإثيوبية كان لها دور مهم في إضعاف الحركة المرتبطة بتنظيم القاعدة، ما يؤشر على وجود دعم أميركي لإثيوبيا في مواجهة مصر.

وفى الشهور الماضية، تصاعد التعنت من الجانب الإثيوبى في المفاوضات مع مصر، بشأن مواصفات الجوانب الفنية لسد النهضة، وتركز الخلاف الأساسى حول المفاضلة بين المكتبين الاستشاريين اللذين سيتوليان دراسة المشروع، فالقاهرة والخرطوم، اختارتا مكتبا هولنديا، فى حين تتمسك إثيوبيا بمكتب آخر فرنسي، وطالبت بمنحه 70% من تقييم الأعمال الفنية، فضلا عن أنها استطاعت فرض خارطة طريق أخرى للمفاوضات وصلت لـ 11 شهرا،  في الوقت الذي يتم فيه بناء السد على قدم وساق، ووصلت نسبة التشييد فيه إلى 50%، وسط دعم عدد كبير من الدول، وعدم وضوح للرؤية في مصر. وبعد هذه التطورات، يفرض الأمر عن الرئيس عبد الفتاح السيسي اتخاذ مجموعة من الاجراءات العاجلة لمواجهة الألاعيب الإثيوبية المدعومة أمريكياً.

وعن ذلك يقول، نادر نور الدين، عضو لجنة حوض النيل وأستاذ الموارد المائية، إن موقف مصر ضعيف للغاية فى ملف سد النهضة، لاسيما  مع اعتراف مصر في الإعلان الثلاثي بين رؤساء مصر والسودان وإثيوبيا بسد النهضة وبمشروعية وجوده، دون فرض أية شروط أو التزامات على إثيوبيا تجاه هذا الاعتراف الذي لم تكن تحلم به، منوها إلى أن الوضع ازداد سوءا مع التعنت الإثيوبي في شروط التفاوض مع مصر والسودان واستئثارها بالسيطرة،على المكاتب الاستشارية.

وأضاف" نور الدين"، أن مصر والسودان وإثيوبيا، اتفقتا على الاستعانة بمكتب دولي، لتقييم الأخطار المحتملة للسد، وأنهما اختارتا المكتب الهولندي الذي لديه خبرة كبيرة في تقييم السدود، موضحا أن إثيوبيا اختارت مكتبا مغمورا من فرنسا، ثم بعد ذلك طلبت أن يشترك المكتبان سويا في إعداد التقرير، وبعدها طلبت أن يستحوذ المكتب الذي أتت به على نسبة 70% من أعمال التقييم ويعمل المكتب الهولندي من الباطن، مشيرا إلى أن هدف إثيوبيا هو استهلاك الوقت؛ ليصبح السد أمرا واقعا.

وأشار "نور الدين" إلى أن  إثيوبيا ستسفيد بـ 4 شهور من خلال مماطلتها في التفاوض حول صلاحيات المكاتب الفنية، ثم  11 شهرا آخرين، وهي مدة التقييم، ثم تطعن على التقييم، لتستهلك وقتا آخر، وتتم إعادة التقييم من البداية، منوها إلى أن كل ذلك لتضييع الوقت، خاصة أن الكارثة الحقيقية هي أن مصر لم تطالب بإيقاف العمل بالسد لحين الانتهاء من التفاوض، فضلا عن أنه لا يوجد هناك من يضغط على إثيوبيا لتنفذ أي شيء، ولكن هناك دول كثيرة من مصلحتها الاستثمار في السد الإثيوبي.

وأضاف أستاذ الموارد المائية أن  كثيرا من المصريين أصبح لديهم يقين أن إثيوبيا "ضحكت علينا"،  لأن مصر اعترفت بسد النهضة، ولكن إثيوبيا لا تريد الاعتراف كتابيا بحصة مصر من مياه النيل، وإذا تحقق ذلك فلن نكون بحاجة لمكاتب فنية، وسيتم حل المشكلة بجلسات تفاوض، مشيرا إلى أن إثيوبيا فعلت ما هو أشد من ذلك فبعد موافقة مصر على وجود السد بدأت إثيوبيا في رفع مواصفات السد الفنية ليصل ارتفاعه لـ 145 مترا بدلا من 95، وسعته  لـ 74.5  مترا بدلا من 14.5.

وأشار "نور الدين" الى أنه شارك مع 9 من علماء مصر في تخصصات المياه والري والزراعة والسدود والعلوم السياسية، وقاموا بعمل محاكاة لسد النهضة ودراسة آثاره على مصر، موضحا أن تلك الدراسات توصلت إلى أن تأثير سد النهضة المرحلي في أول عامين من تشغيله، تركز فى نقص حصة مصر من 9- 12 مليار متر مكعب من المياه، ما يهدد ببوار 2 مليون فدان من الأرض الزراعية، وتعطل توربينات القناة عن توليد الكهرباء بسبب قلة تدفق المياة، لـ40% من قدرتها.

ومن جانبه يرى الدكتور مغاوري شحاتة الخبير الدولي في دراسات المياه ورئيس جامعة المنوفية الأسبق، أن هناك سيناريوهين محتملين، أحدهما تريد إثيوبيا تنفيذه وهو أن تحقق جميع أهدافها وتسعى لملء السد بـ 74 مليار متر مكعب من مياه النيل في خلال ثلاث سنوات، والسيناريو المصري يهدف لإعادة تصميم السد وتحديد السعة والارتفاع بشكل يمنع معاناة مصر من أي آثار سلبية له.

ومن جانبها ترى السفيرة منى عمر، رئيس مركز إفريقيا بالجامعة البريطانية، أنه رغم سوء الوضع فى ملف سد النهضة، ولكن أوراق مصر لضغط على إثيوبيا لم تنته، ومصر "راعت معايير حسن الجوار" والتعاون والتنمية لدول حوض النيل، ولكننا الآن ندفع ثمن تحركنا المتأخر، منوهة إلى أن سد النهضة، أصبح أمرا واقعا، ومن يقول إنه يمكن هدمه أو تدميره هو شخص يهذي.

وأضافت أن هناك عدم شفافية في طرح القضية التي يجب أن تكون واضحة للرأي العام؛ لأنها تخص كل مواطن مصري، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء خرج بتصريحات تؤكد أن السد لن يضر مصر، ولم يقدم أية معلومات يمكن أن يبنى عليها لتصديق روايته.
.