مصر تخسر 12 مليار متر مكعب من حصتها في مياه النيل بعلم الرئيس
علام: الضرر من السد الإثيوبي مؤكد و"ربنا يلطف بنا"
نور الدين: على المتخصصين أن يخبروا الرئيس بالحقيقة
علامات استفهام كثيرة طرحها سفر وزير الري، الدكتور حسام مغازي، برفقة الرئيس عبد الفتاح السيسي، في رحلته الأخيرة إلى دول آسيا، مع الإعلان عن اهتمام الرئيس بتجربة سنغافورة في مجال تحلية المياه.
وفسر البعض إدراج هذا موضوع تحلية المياه ضمن مباحثات الرئيس في سنغافورة، على أنه بمثابة اعتراف بتفاقم أزمة سد النهضة، وتنامي احتمالات دخول مصر نفق الفقر المائي. ويؤكد أصحاب تلك النظرة، صدق تحليلهم بما يتواتر من أنباء حول معلومات مؤكدة وصلت إلى الحكومة المصرية، تكشف عن أن مصر بصدد فقدان 12 مليار متر مكعب من حصتها المائية السنوية، البالغة أصلا 55 مليار متر مكعب من مياه النيل؛ وذلك بسبب سد النهضة الإثيوبي، الذي أوشكت مفاوضاته على الانهيار، مما يضطر الحكومة إلى البحث عن مصادر بديلة للمياه، مثل تحلية المياه رغم ارتفاع تكلفتها.
ويرى الدكتور مغاوري شحاتة، رئيس جامعة المنوفية الأسبق، وخبير المياه، أن مشكلة المياه في مصر تسير من سيئ إلى الأسوأ، مشيرا الى أن مصر عازمة على الذهاب الى مناطق بعيدة ونائية في الصحراء المصرية، ومن ثم تحتاج إلى مصادر مياه إضافية، في ظل هذا العجز الكبير.
وأوضح أن هذه المصادر تتمثل في معالجة مياه الصرف، وتحلية مياه البحر، لافتا إلى أن تحلية المياه ليس قاصرا على البحرين الأبيض والأحمر، لكنه يشمل المياه الصحراوية المالحة أيضا، موضحا أن مصر في حاجة إلى المزيد من الخبرات في هذا المجال. وأشار إلى أن أكبر محطة لتحلية مياه البحر في مصر، هي محطة مرسى مطروح، والتي تنتج 20 مليون متر مكعب يوميا من المياه بعد التحلية.
وعن الحديث حول إمكانية استصلاح 1.5 مليون فدان، طبقا لمشروع الرئيس السيسي، قال شحاتة: إنه يجري الآن تقييم كميات المياه الموجودة في عشر مناطق موزعة في الصحراء الغربية المصرية، وهناك دراسات تجري بعيدا عن أعين وسائل الإعلام، بواسطة لجنة يرأسها بنفسه، مؤكدا أن اللجنة توصلت لعدد من النتائج، منها أنه لا زراعة تقليدية في المناطق الجديدة، وأن هناك حدودا أو ما يطلق عليه الانتاج الآمن لهذه المستودعات المائية الصحراوية، مشيرا الى أنهم يسيرون بهدوء وبسرعة وحسم من خلال تقدير الكميات والمساحات بمعرفة وزارة الزراعة، لاسيما وأن الغرض ليس زراعة فقط لكن تنمية شاملة.
وقال إنه في المجمل يمكن الوصول الى زراعة مليون فدان إذا تم استخدام الصرف المعالج والذي يوفر حوالى 4 مليارات متر مكعب، والمياه السطحية في توشكى وترعة السلام، مشيرا الى أن اللجنة في طريقها الى إعداد جدول للكميات والمساحات، وسوف يتم عرض النتائج على الرأي العام بعد ذلك.
من جانبه، يقول الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الري الأسبق، إن تحلية مياه البحر مطلوبة، في ظل وجود نقص شديد في مياه الشرب، لاسيما في المناطق الساحلية وكلها مناطق تعاني من نقص شديد في مياه الشرب، والأماكن السياحية والصناعية، وبعض التجمعات السكانية، مشيرا الى أن اختيار إقامة محطة لتحلية المياه على ممر تنمية قناة السويس يعد اختيارا جيدا جدا، وأفضل من مد أنابيب المياه من نهر النيل لهذه المنطقة. واكد علام أن هذا المشروع بحاجة إلى إنشاء محطات تحلية عملاقة، وبالتالي الدخول في هذه التكنولوجيا، يعد مهما جدا لمستقبل الأجيال القادمة، مؤكدا أن تحلية المياه رغم ارتفاع تكلفتها، أمر حيوي وإجباري ولم يعد اختياريا؛ نظرا لندرة المياه، ومحدودية الموارد المائية. وقال: "نقص حصة مصر من مياه النيل؛ بسبب مشروع سد النهضة مؤكد بنسبة 100%، لكن ما ننادى به الآن هو تقليل هذا النقص، فبدل من أن يكون 7 مليارات متر مكعب من المياه، ينخفص الى 3 مليارات متر مكعب فقط مثلا، مشيرا الى أن الضرر الأكبر من سد النهضة سيكون على ري المحاصيل الزراعية، لاسيما أن التحلية لا تصلح للري بسبب ارتفاع التكلفة، وقال: "أرجو من الله سبحانه وتعالى أن يلطف بمصر". وعن الإعلان عن استصلاح 1.5 مليون فدان، قال وزير الري الأسبق: "لا الموارد المالية ولا الموارد المائية تكفى لاستصلاح هذه المساحة، وهو نوع من التبشير بمستقبل أفضل، لكن الموارد المتاحة لا تسمح بذلك، وبالتالي فالعوامل التخطيطية والتنموية والطبيعية تجعل استصلاح هذه المساحة الكبيرة من الأراضي مجرد حلم"، لافتا الى أن أزمة المياه التي تعيشها مصر سوف تبقى أجيالا وأجيالا، ويجب التعايش معها، على أنها لن تنتهى خلال سنوات لاسيما في ظل الزيادة السكانية المطردة.
من جانبه يقول الدكتور نادر نور الدين، أستاذ المياه بجامعة القاهرة: إن مصر تعاني من نقص شديد في المياه يصل إلى أكثر من 30 مليار متر مكعب سنويا من الاحتياجات المائية للشعب المصري، التي تحتاج إلى 90 مليار متر مكعب سنويا، وليس61 مليار كما هو موجود الآن، منها 55 مليار من مياه النيل و5 مليارات متر مياه جوفية، مشيرا الى أن الحل للتخفيف من حدة هذه المشكلة يتمثل في إنشاء العديد من محطات تحلية مياه البحر، لتوفير 5 مليارات متر مكعب سنويا. وأكد أن كل التجارب التي قامت بها اللجنة المشكلة من جامعة القاهرة أثبتت أن النقص في نصيب مصر من مياه النيل بسبب بناء سد النهضة سيكون من 9 – 12 مليار متر مكعب، وهذا ما تعترف به إثيوبيا نفسها، وهذا سيؤدي إلى ارتفاع الفجوة المائية في مصر الى 40 مليار، لافتا أن استصلاح المليون ونصف فدان يتطلب أن تكون المياه الجوفية متجددة وتصلح لمدة 150 عام على الأقل، وهذا ما يشترطه البنك الدولى حتى لا يتم الوقوع في مشكلة طريق مصر اسكندرية الصحراوي .
من جانبه، يقول الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا في جامعة القاهرة، إن الموضوع لا يستحق كل هذه الضجة الإعلامية، مشيرا الى أن محطات التحلية لن تحل مشكلة المياه في مصر، لارتفاع التكلفة، وبالتالي استخدام تحلية المياه في الزراعة مستبعد تماما، لافتا الى أن سد النهضة سيؤدي الى إلحاق الضرر بحصة مصر من مياه النيل، وبالتالي فالمطلوب هو تقليل الضرر. وكشف شراقي عن أنه في يناير الماضي طلبت مصر مساعدة البنك الدولى في تمويل هذا المشروع، وجلس خبراء من البنك مع المتخصصين والقائمين على المشروع في يناير الماضي، لكن البنك طلب منهم دراسات عن المياه وعن الأرض ونوع المحاصيل التي سيتم زراعتها، وعندما لم يجد دراسات حقيقية أعلن رفضه تمويل هذا المشروع، لافتا الى أنه يجب على المتخصصين أن يقولوا الحقيقة للرئيس. واكد أن المياه الجوفية في مصر كلها مياه غير متجددة، وهو ما يعنى أن اي متر يتم سحبه لا يتم تعويضه، كما أنها موجودة في مناطق شديدة الجفاف، وتكونت منذ أكثر من خمسة آلاف عام، وبالتالي لا يمكن إقامة مشروع زراعي للتصدير او للاستهلاك المحلي، ولا يوجد دولة في العالم نجحت وهي تعتمد على مياه جوفية غير المتجددة فقط.