«جسر الملك سلمان» مشروع حقيقى أم فنكوش جديد ؟
بعد إعلان الملك، سلمان، العاهل السعودي عن الاتفاق مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، على إنشاء جسر يربط البلدين، اختلف عدد من الخبراء حول إمكانية تنفيذ إنشاء «جسر الملك سلمان»، حيث أكد العديد من الخبراء أن المشروع سهل التنفيذ ولكن هنالك العديد من الصعوبات التي ستواجهه ومتمثلة في التكاليف الباهظة التي سيتم إنفاقها لإتمام المشروع.
فيما يرى آخرون أن المشروع سينتج عنه العديد من الأضرار
البيئية والسياحية، وسيحول منطقة شرم الشيخ إلى منطقة تجارية وسيقضى على السياحة
بها.
في الوقت نفسه يرى البعض أن المشروع صعب تنفيذه هندسيًا؛ لكثرة الصعوبات التي تواجه المشروع.
الإخوان تصفه بالفنكوش
وهاجمت وسائل الإعلام
الإخوانية هذا المشروع معتبرين أياه بـ«فنكوش» جديد يريد النظام الحاكم فى مصر تنفيذه،
منوهين أنه صعب التنفيذ وسيقضى على السياحة بشرم الشيخ.
ومن المتوقع أن يساهم إنشاء الجسر، الذي تبلغ ميزانيته 3 مليارات
دولار، في زيادة التبادل التجاري بين مصر والسعودية، وتأمين نقل أفضل وأسرع للمسافرين
بحرًا، كما أنه سيعمل على تسهيل حركة انسياب عشرات الآلاف من الحجاج والمعتمرين
سنويًا.
لا توجد معوقات هندسية
فى هذا السياق يقول الدكتور، ممدوح حمزة، المهندس الاستشاري
والناشط السياسي، إنه لا توجد معوقات هندسية لتنفيذ المشروع ، مضيفًا أن جميع
المعوقات يمكن التغلب عليها، كما أن المشروع سهل التنفيذ ولا توجد مشكلات تواجه.
وأضاف حمزة في تصريح خاص لـ«النبأ» أن إحدي المشكلات التى تواجه
المشروع أن تكلفته ستكون عالية جدًا، موضحًا أن من ضمن المشاكل التى سيواجها أنه
سيكون لدية تأثير سلبى على السياحة والبيئة.
أضرار على السياحة
وتابع «مشاكل هذا المشروع ليست هندسية، ولكنها بيئية وسياحية، فسوف يؤثر بشكل كبير على البيئة، لما تتميز به هذه المنطقة من شعب مرجانية»، مشيرًا إلى أن أضراره الكبيرة على السياحة أنه سيحول منطقة شرم الشيخ إلى منطقة تجارية تمر بها الحاويات، موضحًا أن هذا سيدمر قدرًا كبيرًا من السياحة بالمنطقة، وخاصة أن شرم الشيخ تعتبر من أهم المناطق السياحية في مصر.
لا توجد دراسات حقيقية
من جانبه أكد الدكتور
إبراهيم مبروك، أستاذ التخطيط والطرق بكلية هندسة الأزهر، أن أى مشروع فى الدنيا يواجه صعوبات كبرى ، مؤكدًا أن أي شيء يمكن تنفيذه هندسيًا و أن هناك العديد من المعوقات
التي يمكن التغلب عليها هندسيًا.
وأضاف مبروك في تصريح خاص لـ« النبأ» أن المشروع
لا يوجد به أية دراسات حقيقية ولا رسومات تنفيذية، مضيفًا أن المتوافر
حول المشروع هو التخطيط فقط، مشيرًا إلى أن المشروع يحتاج لدراسة جدوى كبيرة؛ لمعرفة
طبيعة العمل وكيف يتم التنفيذ.
وتابع « هناك الكثير من الدراسات لابد من معرفتها فى طريقة إنشاء الكباري والبدائل من أنفاق، مثل أن أرض هذه المنطقة صلبة بسبب الشعب المرجانية، أم طينية، مضيفًا أنه يجب دراسة التربة جيدًا، مشيرًا إلى أن المشروع كبير يحتاج إلى دراسة كبيرة.
سيحقق نموًا اقتصاديًا
وأوضح أستاذ التخطيط والطرق بكلية هندسة الأزهر، أن المشروع
سيحقق الكثير من النمو الاقتصادي لمصر، وسيحدث رواجًا تجاريًا وسياحيًا لمنطقة شرم
الشيخ، منوهًا إلى أن هذا الجسر الرابط بين مصر والسعودية سيزيد من معدلات النمو السياحى
بمصر.
وأشار مبروك إلى أن هذا المشروع لا يوجد له أى تأثيرات سلبية على البيئة أو السياحة، موضحًا أن من يروج لذلك يريد أن يجعل مصر مكتوفة دون تحقيق تنمية اقتصادية حقيقة، مشيرًا إلى أن من يقف وراء هذه الحملات هى جماعة الإخوان المسلمين من أجل إظهار أن الرئيس فى موقف ضعف.
وأوضح أن الفترة المحددة لتنفيذ المشروع تتوقف على الإدارة السياسية الحقيقة لتنفيذه، وعلى كيفية التمويل، كما تتوقف أيضًا على حجم الدراسات المقدمة حول المشروع وإمكانية تنفيذه.
مستحيل تحقيقه
من ناحية أخرى قال الدكتور، هيثم ممدوح عوض، رئيس قسم هندسة الرى والهيدروليكا بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية، إن إنشاء كوبري أو جسر يصل بين شرم الشيخ وتيران خارج إمكانيات المعرفة الهندسية على مستوى العالم حتى وقتنا هذا، بخلاف التكلفة الباهظة التي ستنفق عليه، إضافة إلى أن نوعية الحديد المستخدم حاليًّا لا تصلح لتلك الإنشاءات؛ حيث إن المسافة بين خطي الشاطئ تقدر بـ5709 أمتار، والقطاع العرضي يوضح أنه في حالة إنشاء دعامة للكوبري "البغال" على منسوب تأسيس القاع -25 متر تحت سطح البحر، فإن المسافة بين البغلتين داخل البحر لن تقل عن 3474 مترًا، وعند منسوب -50 سيكون 3003 أمتار.
وأوضح ممدوح فى تدوينه
له على صفحته الشخصية الفيس بوك، أنه بفرض أن « Clearance » ارتفاع الكوبري يجب ألا يقل عن 75 مترًا؛ حتى يتسنى عبور السفن
أسفل الكوبري، فإن ارتفاع الدعامة الكلي لن يقل عن 400 متر لإنشاء كوبري معلق؛ ولهذا
فهو مستحيل تحقيقه قبل عدة عقود، لحين توصل الأبحاث الهندسية إلى تقنية لتشييد
تلك الإنشاءات دون تعرضها للانهيار، ويتطلب ذلك رصد ميزانيات عملاقة للبحث العلمي؛
حتى يتسنى تحقيق هذا التحدي الهندسي، موضحًا أن أكبر مسافة بحر صافٍ بين دعامتين توصل
إليها العلم حتى الآن بلغت 1991 مترًا في كوبري Akashi باليابان، لافتًا إلى أن النرويج ما زالت منذ عشر سنوات تعكف على دراسة كيفية
إقامة كوبري تقدر مسافته بـ3700 متر، ولم تتمكن حتى الآن من وضع التصميم الهندسي
له.
النفق بديل للجسر
وأشار ممدوح، أن هناك بديلًا لإقامة الجسر، وهو عمل نفق،
وهذا يمكن تحقيقه؛ لأن منسوب أقل نقطة في مضيق تيران يبلغ 143.07 متر تحت منسوب سطح البحر،
موضحًا أنه حال إنشاء نفق يجب أن يكون منخفضًا عن منسوب هذا القاع بمسافة 50 مترًا، وهناك
تجارب سابقة لمثل هذه الأنفاق على مستوى العالم، وثبتت نجاحها، كنفق اليابان Seikan ، الذي يربط بين جزيرتي هونشو وهوكايدو، بعمق 240 مترًا من سطح
البحر و100 متر أسفل قاع البحر بطول 25 كم، وأيضًا النفق الواصل بين إنجترا وفرنسا،
والذي يبلغ منسوب أقل نقطة 75 مترًا، وفي المقابل فشل الربط بين المغرب وإسبانيا بكوبري يصل
طوله 18 كم؛ لأن عمق المياه يصل إلى 752 مترًا.
وتابع أستاذ الهيدروليك
بهندسة الإسكندرية، أن الربط بين تيران وأراضي المملكة سهل جدًّا؛ لأن عمق المياه
ضحل، ويسهل عمل وإنشاء بغال في هذه الحالة، ولكن المشكلة في الربط بين تيران وشرم
الشيخ. وتابع: هناك بديل ثانٍ عن إقامة الجسر، ويمكن تحقيقه بسهولة، وهو استخدام
الربط البحري، مثل خط نويبع-العقبة، وهو أفضل البدائل الاقتصادية.