ثقافات شعبية لمساعدة الفقراء
انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات قصة - ربما تكون حقيقية – عن دخول صديقان إلى مقهى في مدينة نابولي الإيطالية وطلبا فنجاني قهوة – من الطبيعي – وبينما وهم جالسان دخل اثنان فقالا لصاحب المقهى نريد خمسة فناجين من القهوة وعلق ثلاثة منهن، فتعجب الصديقان من فعلهم لعدم معرفتهم بالفناجين المعلقة ولا الغرض منها ، ثم دخل بعدها أربعة آخرين وطلبا سبعة فناجين ثلاثة منهن مُعلقة، وبينما هما جالسان ، فإذا برجل يدخل للمقهى بملابس رثة قديمة واقترب من صاحب المقهى فسأله : هل يوجد فنجان قهوة مُعلق ؟ فعلما بعد هذا الموقف أنه تقليد في مدينة نابولي يطلب فيه أحدهم فنجان قهوة مع أخرى مُعلقة لاحقًا للفقراء والذين لا يستطيعون دفع ثمنه.
أصبح هذا الموقف من تقاليد التضامن الاجتماعي في مدينة نابولي الإيطالية، التي كانت من أولى المناطق التي تبادر بتلك الخطوة، فتحولت لمبادرة تقام سنويًا تحت مسمى "يوم فنجان القهوة المُعلَق" فهي عبارة عن فكرة دفع الفرد " القادر" ثمن فنجاني قهوة يتناول واحد ويترك الآخر، وتكتب المقاهي عدد فناجين القهوة المعلقة على ألواح بالطباشير، وأصبحت عادة عند فقراء نابولي والمهاجرين إليها أن يقصدوا تلك المقاهي لشرب القهوة مجانًا .
ويرجع ذلك التقليد المعروف بالإيطالية "كافيه سوسبيزو" إلى ما بعد الحرب عندما كانت القهوة من السلع الفاخرة التي يتعذر على غالبية سكان نابولي دفع ثمنها، واعتبروه تقليد متحضر يعكس ثقافة شعب متحضر أكثر من كونه مبادرة خيرية، ويقوم هذا العمل على الثقة المتبادلة بين صاحب المقهى وبين فاعل الخير الذي لا يلتقي بأي شكل من الأشكال مع المستفيد من الفنجان الذي دفع ثمنه.
انتشر هذا التقليد مؤخرًا في عدد من الدول وأصبحت توجد أطعمة ومشروبات ووجبات خفيفة مُعلقة للفقراء ، ولكنها لم تكن المبادرة الأولى من نوعها والخاصة بايطاليا وحدها لأن هذه الفكرة مشابهة لموائد الإفطار الرمضانية التي تقام في شهر رمضان ، فتعود المسلمون كل عام في هذا الشهر أن يقدموا وجبات إفطار أو سحور مجانية للصائمين لحين انتهاء الشهر، فيقوم فرد أو أكثر معًا بتكفل إعداد أطعمة ومشروبات ووضعها على موائد مفتوحة في الشوارع ، فهذا يدل أن فعل الخير ليس مرتبط بشخص أو شعب بعينه، وإنما لكل شخص طريقته الخاصة لمساعدة الفقراء والمحتاجين.