مجلة أمريكية: هل تستطيع أمريكا السيطرة على مليشيات إيران؟
نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا للكاتب "دان دي لوتش"، تحدث فيه عن الخطط الإيرانية في معركة الفالوجة، متسائلا عما إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على كبح جماح المليشيات الشيعية أم لا.
ويذكّر دي لوتش في البداية بـ"قواعد تكريت"، وهي عبارة عن اتفاق غير رسمي مع المليشيات المدعومة من إيران، بعدم الاقتراب من المدن السنية التي تتم استعادتها، بعد طرد تنظيم الدولة؛ لئلا يؤدي ذلك إلى إثارة النعرات الطائفية، مشيرا إلى أن هذه القواعد تتعرض اليوم لامتحان كبير في الفالوجة، حيث تقوم القوات العراقية المدعومة من عدد من المليشيات الشيعية بطرد قوات التنظيم من المدينة السنية.
ويجد دي لوتش أن المشكلة هي عدم التزام المليشيات بالقوانين، حيث عانى السنة، الذين استطاعوا الفرار من المدينة، من الضرب، واختفى بعضهم، فيما تم إعدام البعض بشكل فوري، لافتا إلى أن منظمة "هيومان رايتس ووتش" أوردت شهادات "موثوقة" عن الانتهاكات التي ارتكبت في تقرير صدر يوم الخميس.
وينتقل التقرير الى شرح أن تصرفات المليشيات "غير مقبولة مطلقا"، وأضاف أنه تم "التأكد من الانتهاكات عبر عدد من المصادر، حيث إن التقارير التي تلقيناها أظهرت أن المليشيات قامت بالتعذيب".
ويؤكد التقرير بأن الانتهاكات خطيرة من ناحية أمنية وإنسانية؛ لأنها قد تقود السنة الخائفين إلى دعم تنظيم الدولة، أو أي من الجماعات المسلحة من أجل الحماية، مشيرة إلى أن الخوف واضح على طرفي الانقسام الطائفي.
ويشير الكاتب إلى أن روايات التعذيب حول الفلوجة أدت إلى مخاوف وقلق في البيت الأبيض، حيث عبر المسؤولون المدنيون والعسكريون عن مخاوفهم من الدور الذي تؤديه المليشيات في التحريض على العنف الطائفي، مبينا أنه "ليس من الواضح عما إذا كان لدى الحكومة الأمريكية ذلك التأثير القوي على الحكومة في بغداد، ولن يكفي التهديد بسحب الغطاء الجوي للتأثير في المليشيات التي تأتمر بأمر إيران".
وتستدرك المجلة بأنه رغم القلق داخل دوائر الإدارة الأمريكية من الانتهاكات، إلا أنها لم تهدد بوقف الغطاء الجوي عن عملية الفلوجة؛ نظرا لتعهد العبادي بقيادة القوات العراقية لها، مشيرة إلى أنه عندما سئل عما إذا كانت الإدارة تفكر بوقف الدعم الجوي، أجاب: "لم نصل عند هذه النقطة بعد".
ويورد التقرير نقلا عن المحلل السابق في "سي آي إيه"، والباحث في معهد "أمريكان إنتربرايز" ماثيو ماكينس، قوله إن الحشد الشعبي لا يريد تكرار حادثة تكريت، حيث وقفت المليشيات متفرجة، وكان "أمرا محرجا لها" أي المليشيات، لافتا إلى أنه منذ تلك الحادثة، فإن عناصرها تلقوا تدريبا جيدا، وحصلوا على أسلحة متقدمة، بما في ذلك صواريخ مضادة للدبابات روسية الصنع.
ويضيف ماكينس: "قضى الإيرانيون وقتا طويلا من أجل تحسين قدراتهم"، مشيرا إلى أن قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني زار الجبهة حول المدينة الشهر الماضي؛ نظرا للأهمية التي تمثلها الفلوجة للإيرانيين.
وينوه الكاتب إلى أن إيران تعتمد على ثلاث مليشيات لممارسة تأثيرها في العراق، التي سبقت ظهور تنظيم الدولة، وشاركت اثنتان منها في عمليات ضد الأمريكيين، في الفترة ما بين 2003 و2011، لافتا إلى أن منظمة "بدر" هي الأكبر والأقدم، التي أنشئت في طهران عام 1982، ويقودها "هادي العامري".
وبحسب التقرير، فإن المليشيا الثانية هي "عصائب أهل الحق"، التي أنشئت عام 2016 لمهاجمة القوات الأمريكية، مشيرا إلى أنها مثل منظمة "بدر"، وأقسمت الولاء لولاية الفقيه الإيراني.
وتورد المجلة أن المليشيا الثالثة هي "كتائب حزب الله"، التي تحصل على معاملة إيرانية خاصة، من ناحية التمويل والسلاح، حيث يعد زعيمها "أبو مهدي المهندس".
ويكشف دي لوتش عن أن الشهود الذين فروا من الفلوجة، ذكروا كلا من منظمة بدر وكتائب حزب الله في شهاداتهم، حيث وثقت منظمة "هيومان رايتس ووتش" تلك الشهادات، وقالت المنظمة إنها تلقت تقارير موثوقة عن إعدامات فورية، وضرب رجال عزل، واعتقال وإخفاء قسري، ارتكبتها المليشيات والشرطة الفيدرالية.
ويعلق الكاتب بأن قادة المليشيات المدعومة من إيران يعترفون بأنهم لا يستطيعون السيطرة على الفالوجة بأنفسهم، ولا يرحبون بفكرة السيطرة على مدينة سنية، وفي الوقت ذاته يريدون دورا في المعركة؛ من أجل الحصول على حضور دائم في الطريق المؤدي إلى بغداد، وتقديم "تحرير" الفلوجة على أنه إنجاز لهم.
وتختم "فورين بوليسي" تقريرها بالإشارة إلى أن قول باتريك مارتن من معهد دراسات الحرب: "بأي طريقة تمت فيها إدارة العملية، فإنهم سيحاولون نسبتها إلى أنفسهم".