فخري الفقي: 2400 خبير دولي يراجعون برنامج مصر الاقتصادي قبل تسليم القرض.. «حوار»
أكد الدكتور فخري الفقي، الخبير الاقتصادي، والنائب السابق لرئيس صندوق النقد الدولي، أن القرض المزمع أن تحصل عليه مصر، من الصندوق، خلال السنوات الثلاث المقبلة، لن يمثل طوق نجاة من الأزمة الاقتصادية الراهنة؛ إلا إذا تم تطبيق برنامج إصلاحي جيد بالتزامن مع هذا القرض.
وأوضح في حوار مع "النبأ"، أن مصر مطالبة بسداد 7 مليارات دولار قيمة أقساط للديون الخارجية خلال ثلاث سنوات أيضًا، لافتًا إلى أن هناك خططًا لاقتراض 9 مليارات دولار إضافية؛ من أجل استكمال المبلغ المطلوب لتنفيذ البرنامج الإصلاحي، والبالغ 30 مليار دولار.
وأوجز الفقي أهم العوائد المنتظرة من وراء البرنامج الإصلاحي الذي وافق عليه صندوق النقد الدولي، في خفض البطالة إلى 9 %، ورفع النمو إلى 7 %، وتقليص عجز الموازنة العامة للدولة، مشيرا إلى أن عدم زيادة الأجور، وتطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة؛ من أهم خطوات الدولة لتقليص العجز بموازنة الدولة، وإلى الحوار.
هل تؤيد الآراء التي ترى قرض صندوق النقد الدولي بمثابة طوق نجاة لمصر في الوقت الحالي؟
القرض في ذاته ليس طوق نجاة لمصر، لكن البرنامج الإصلاحي الذى تم وضعه؛ للعرض على لجنة التحكيم بصندوق النقد الدولي، هو الذي يحدد مدى الإصلاح والتقدم الاقتصادي، والاجتماعي الذي تصبو إليه الدولة بعد ذلك، وتأتى خطوة موافقة لجنة التحكيم بالصندوق على منح القرض لمصر، كأهم ما نستهدفه؛ خاصة أنه يوجد مكونات أساسية لابد من توافرها في البرنامج الإصلاحي المقدم، وفي ظل أن الصندوق يتشاور مع 189 دولة هم إجمالي أعضاؤه، كما تستطلع لجنة التقييم آراء خبرائها الذين تصل أعدادهم إلى 2400 خبير، فإن موافقة هذه اللجنة على البرنامج الإصلاحي؛ يعني أننا نسير في الاتجاه السليم، إذا تم التطبيق بشكل جيد.
وما طريقة تقييم اللجنة للبرامج الإصلاحية الاقتصادية؟
هناك 3 شروط أساسية لابد من توافرها في البرنامج الإصلاحي؛ حتى تتم الموافقة عليه، أن يكون قادرًا على معالجة الاختلال المالي فى الموازنة، وقيمة المدفوعات، وسعر الصرف، وأن يسفر عن إصلاح هيكلي للميزانية، وتعديل قيمة المصروفات، وأن يكون شاملا لمظلة قادرة على حماية الفقراء، والشريحة العريضة التي تمثل الشعب، بحيث يحمى هذا الشرط المواطنين محدودي الدخل.
ما عوائد قرض صندوق النقد الدولي على الاقتصاد المصري بصفة عامة؟
من المأمول أن يساهم القرض في نمو الاقتصاد، خلال 3 سنوات بنسبة 5 إلى 7 %، وذلك مقارنة بالسنة الماضية، التي بلغ فيها النمو بنسبة 3.2%، بنسبة عجز 5 مليارات دولار، وبلغ النمو في السنة التي سبقتها بنسبة 3.5%، فى حين أن المستهدف كان 4.5%، لكن لم يتحقق، وفي السنة المالية الحالية نسبة نمو تبلغ 5%، كما أنه يفترض أن يساهم القرض في تحسين مستوى المعيشة، وخاصة بعد رفع معدلات النمو الاقتصادي، لما يعادل النمو السكاني، الذي بلغ حوالى 2.4%، بما يساعد على توليد فرص عمل، وخفض نسب البطالة، التي بلغت نسبة 12.6% من إجمالي القوى العاملة فى مصر، ويجب أن تصل نسبة البطالة إلى 9% بعد تطبيق تلك المنظومة، خلال السنوات الـ3 التي تلي استلام القرض، كما يسهم أيضًا فى تقليل معدل التضخم الذي وصل حاليًا إلى أقصى ما يمكن، بنسبة تصل إلى 14%، وما زال فى تزايد مستمر، لأسباب كثيرة منها زيادة السيولة النقدية، وارتفاع سعر الدولار بالسوق السوداء، وانخفاض المعروض من السلع والخدمات؛ مما يجعل القرض مستهدفًا تخفيض نسب التضخم إلى 9%.
ما رؤيتك لزيادة سعر الدولار وأثره على الاقتصاد بشكل عام؟
ارتفاع سعر الدولار رسميًّا من الدولة، بجانب ارتفاعه في السوق السوداء؛ أمران لهما أثر بالغ على ارتفاع الأسعار بشكل كبير، وخاصة بعد استغلال الكثير من تجار السوق السوداء لتصريحات رئيس البنك المركزي خلال الفترة الأخيرة، ويساعد الاقتراض من صندوق النقد الدولي، على ضبط السعر التوازني لصرف الدولار، الذي يساهم في تحقيق التوازن بين العرض والطلب، ووفقًا لتلك المعادلة يصبح متوسط سعر الدولار التوازني 10.5 جنيه رسميًّا؛ مما يساعد على تفادي الأزمة، والتوصل إلى حلول سريعة، كما يتطلب من البنك المركزي تحقيق الاحتياطي الكافي من العملة الأمريكية؛ حتى تستطيع الدولة تلبية طلبات كل المستثمرين، والمستوردين، وحتى لا يلجأوا إلى السوق السوداء، وبذلك تستطيع الدولة رفع قيمة الجنيه المصري إلى القيمة التوازنية، وتحقيق منظومة توحيد سعر الصرف.
برأيك ما أكبر العقبات التي تعيق الاستثمار فى مصر فى الوقت الحالي؟
يوجد العديد من الخطط المقترحة للاستثمار، وتنمية الاقتصاد المصري، وبخاصة الرؤية المستقبلية للنمو الاقتصادي، لكن لن نستطيع تحقيق النمو، وتخفيض نسب التضخم، وتوحيد سعر الصرف، إلا إذا وجد التمويل، إذ كيف يمكن تدبير 30 مليار دولار؛ من أجل تنفيذ تلك المشروعات، والخطط المستقبلية؟ وهذا يجعل التوجه إلى وضع خطط للتنمية، والإصلاح الاقتصادي، والاجتماعي ضرورة حتمية، واستدعاء رقيب أجنبي أكثر خبرة، ورؤية مستقبلية شاملة، يساهم فى توجيه وتطبيق سبل النمو الاقتصادي المصري، كذلك من أكبر العوامل التي جعلت الاستثمار فى تراجع مستمر؛ هو أن الاقتصاد المصري مستهدف من الكثير من الجهات، وهو ما بدا واضحا من محاولات تدمير السياحة، بالعديد من المواقف التي زادت التخوفات من مصر فى نظر الدول الأخرى، وأيضًا تراجع نسب إيرادات قناة السويس بشكل غير متوقع، وكذلك الإضرابات الاقتصادية الدولية.
ما الشروط التي فرضها صندوق النقد الدولي على مصر مقابل الموافقة على القرض؟
لا توجد أي شروط على الإطلاق، فكل ما يحتاجه الصندوق هو تقديم خطة إصلاحية، يراها مناسبة للنمو الاقتصادي في الفترة المحددة له؛ من أجل الحصول على المبلغ المطلوب، وهو في حالة مصر 12 مليار دولار، وكل ما يشترطه الصندوق هو الالتزام بالخطة الزمنية الموضوعة للبرنامج الاصلاحي، والذي يصب في الصالح العام للدولة، خاصة أن الوضع الاقتصادي الحالي لا يتحمل أي تأخير في الإصلاح.
إذا كانت الخطة التنموية تحتاج لـ30 مليار دولار والقرض لا يتعدى 12 مليارا فكيف نمول الباقي؟
ما ستحصل عليه مصر من صندوق النقد الدولي يعادل 4 أضعاف الحصة المستحقة لمصر؛ لذا فهناك رؤية أخرى للحصول على مبلغ 9 مليارات دولار أخرى عن طريق الاقتراض من جهات مانحة مختلفة، أما الـ9 مليارات الباقية فستأتي عن طريق المستثمرين، على مدى 3 سنوات قادمة.
هل من بدائل يمكنها تعويض عجز الموازنة العامة للدولة؟
هناك العديد من البدائل التي تساعد على خفض نسب عجز الموازنة، ومنها تطبيق قانون القيمة المضافة، بدلا من ضريبة المبيعات، وتحديد قوائم سلعية، وخدمية، تراعي محدودي الدخل عند تطبيق القيمة المضافة، والتي تتميز بحماية القوائم السلعية لمحدودي الدخل والفقراء، وتراعي العدالة الاجتماعية، وتساعد على تحصيل مبلغ 35 مليار دولار؛ تساهم فى تقليل عجز الموازنة.
كما يوجد قانون المتأخرات الضريبية التي بلغت القيمة المالية المستحقة له 45 مليار دولار، والذي يمكن تطبيقه عن طريق التقسيط، كذلك يوجد قانون تصاعد الضريبة على دخل الأفراد، الذين يتعدى دخلهم مليون جنيه في السنة، ويتم تزويد نسبة الضريبة بدلا من 22.5%، إلى 35%، وتطبيق القانون على من يقل دخلهم عن مبلغ مليون جنيه بنسبة 10% فقط؛ مما يساعد على تصعيد نسب الضرائب على دخل الأفراد، وذلك بعيدًا عن دخل الشركات، وخاصة فى الوقت الحالي، بسبب الأزمات التي يتعرضون لها، وهناك أيضًا تفعيل الضريبة العقارية على المباني الموجودة فى الأماكن السياحية، التي لم يتم تطبيق قانون العقارات عليها، مثل: الساحل الشمالي وشرم الشيخ، فضلا عن احتواء زيادة أجور العاملين في الدولة، بحيث تتم في نطاق محدود، وذلك تم بالفعل بدءا من السنة الحالية، فتم تخصيص مبلغ 20 مليار جنيه للأجور، والمرتبات للسنة الماضية، وكانت قبلها 50 مليار جنيه.
من وجهة نظرك هل تنجح الحكومة الحالية في تنفيذ البرنامج الإصلاحي الذي وافق عليه الصندوق؟
أرى أن هناك عدة مقترحات لتعزيز تنفيذ منظومة البرنامج الاصلاحي بنجاح، منها مساندة الرئيس للحكومة والوقوف بجانبها، وخاصة أن له شعبية كبيرة تدعمه وتتفهم كلامه ومصارحته لهم، على عكس الحكومة الحالية التي ليس لها أي تواصل أو مردود إيجابي مع الشعب، كذلك يجب أن يكلف الرئيس الحكومة بتعيين أحد الخبراء الاقتصاديين نائبًا لرئيس الوزراء للشأن الاقتصادي، ويكون المسؤول عن تنفيذ البرنامج الإصلاحي، فيما يتعين المصارحة والمكاشفة مع الشعب، وضبط ما يتم نشره فى الصحف، عن طريق نشر المبشرات والبعد عن التهويل.
ما تاثير الدين الخارجي على مستقبل الاقتصاد المصري؟
الدين الخارجي ليس له تأثير سلبي بصورة كبيرة، ولا يشكل أكثر من 16% من إجمالي الحلول الآمنة للناتج القومي، ومصر دائمًا ما تسدد كل سنة، ملياري دولار، ومن المتوقع أن نسدد على مدار ثلاث سنوات 7 مليارات دولار، خاصة أن الناتج المحلى له توقعات بزيادة غير مسبوقة، وخاصة مع تنفيذ البرنامج الإصلاحي للاقتصاد المصري، بعد الاقتراض من صندوق النقد الدولي.
هل جاءت قناة السويس بالمأمول منها؟
تعتبر قناة السويس الجديدة مكون واحد من أربع مكونات من هذا المشروع الكبير لتنمية محور قناة السويس، الأول هو حفر القناة ذاتها، والتاني وهو تنمية شرق بورسعيد، وانشاء مشاريع لوجيستية بالمنطقة، أما الثالث فهو إنشاء 6 أنفاق بمنطقة القناة، يتم العمل فيها حاليًا، والمكون الرابع وهو محور قناة السويس نفسه، والذي يبدأ امتداده من العين السخنة والسويس ويمتد بالإسماعيلية وانتهاء ببورسعيد، ومن الطبيعي أن يتم الحكم على نجاح قناة السويس الجديدة وحساب إيراداتها من الآن، خاصة أن إيراداتها متعلقة ببقية المشروع الذي لم يتم الانتهاء منه حتى الآن، على أن يبدأ جني ثمارها بداية من عام 2020، والمتابع لإيرادات القناة يجد أنه من بداية شهر يناير، وحتى شهر أغسطس 2016، زادت الإيرادات بنسبة 4%، وذلك نتيجة زيادة أسعار القناة، لأن المتحكم فى نمو إيرادات القناة 3 أشياء، أولها النمو التجاري، والثاني الحركة العالمية للتجارة والصناعة الدولية، والثالث أسعار البترول.