رئيس التحرير
خالد مهران

تفاصيل الصفقة المشبوهة لبيع «ماكينات» مصانع غزل المحلة بـ«وثيقة أمريكية»

رئيس مجلس الوزراء
رئيس مجلس الوزراء


على الرغم من إعلان رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي عن مشروع الحكومة لتطوير مصانع الغزل والنسيج، وقراره بتفويض وزير قطاع الأعمال العام هشام توفيق لاقتراض نحو 540 مليون يورو لاستيراد ماكينات جديدة ضمن خطة تطوير مصانع الغزل والنسيج؛ إلا أن المعلومات تُشير إلى دخول بعض مستثمري القطاع الخاص للغزل والنسيج، ضمن ما يُطلق عليه «خطة إعادة الهيكلة». 


وخلال الأيام الماضية، أُعلن عن مزاد لبيع ماكينات عنبر كامل "خط إنتاج" من شركة الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى. 


وبحسب الوثيقة التي حصلت عليها «النبأ» فإنه رغم أن تاريخ المزاد كان فى يوم 25 ديسمبر الجاري في مقر الشركة، إلا أن الماكينات تم بيعها أصلًا. 


وبحسب وثيقة المزاد، فإن الماكينات المعروضة للبيع هي "خطوط تفتيح، و«ماكينات» غزل حلقي وماكينات كرد ومحطة شفط عوادم تنظيف، وماكينات سحب وماكينات برم، وماكينات زوي حلقي ساكوب، وماكينات زوي حلقي 416 مردن، وفرن ماكينات الطباعة، وسيارات وأتوبيسات وأوناش ومخلفات حديد وخردة وأوراق وأخشاب وبراميل وغيره". 


وكان مجلس الوزراء برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، أقر مشروع قانون بشأن الإذن لوزير المالية بضمان الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج لدى مؤسستين «سويسرية - إيطالية»، لأجل الاقتراض. 


وبحسب البيان المالي للشركة القابضة للغزل والنسيج على موقعها الإلكتروني، تقلص عدد الشركات التابعة لها من 32 شركة إلى نحو 23 فقط، بعد دمج البعض وبيع الآخر؛ في حين بلغ إجمالي الخسائر المالية للشركة نحو ملياري جنيه و753 مليون جنيه، وحققت شركات المحلة الكبرى خسائر قدرت بـ 659 مليون جنيه، وكفر الدوار 480 مليون جنيه. 


يُوضح جهاد طمان، رئيس اللجنة النقابية لعمال غزل المحلة سابقًا، أن الخطوط والماكينات التي تم عرضها للبيع هي كل "عنبر 4 في مصانع الغزل والنسيج"، مشيرًا إلى أن هذا الخط كان يُنتج بعض الخيوط السميكة، وهو واحد من أقدم خطوط الإنتاج الموجود في مصنع غزل المحلة، و"أنه حاليًا تم تفريغ المصنع من كل الماكينات". 


ويُضيف أن إدارة الشركة القابضة بررت بيعها للماكينات في عنبر 4، بأنه سيتم التعاقد على شراء ماكينات جديدة قُدرتها الإنتاجية نحو 30 طن يوميًا. 


ويكشف «طمان» أنه على الرغم من تحديد ميعاد مزاد بيع ماكينات المصنع يوم 25 ديسمبر الجاري، إلا أن الماكينات تم بيعها أصلًا، متابعًا أن عنبر4 كان يحتوي على 6 خطوط للغزول النسيجية، وأن الشركة القابضة تدعي أنها ستتعاقد على شراء ماكينات جديدة عبارة عن خط إنتاج واحد ستكون قدرته الإنتاجية نفس قدرة الـ6 خطوط إنتاج. 


إلى هنا، يلفت رئيس اللجنة النقابية سابقًا إلى وجود أزمة حقيقية ستواجه العمال، ذلك أن خط الماكينات الجديد سوف يستوعب عددًا قليلًا من عمال عنبر4، متسائلًا عن مصير العمال الآخرين. 


فضلًا عن عدم حل مشكلة نقص المادة الخام، ذلك أن خطوط الإنتاج الـ6 السابقة لم تكن تعمل بطاقتها القصوى بسبب "عدم وجود مادة خام".. "إذا من أين ستُوفر الشركة القابضة المادة الخام للخط الجديد"، يتساءل طمان، مضيفًا أن المادة الخام اللازمة للماكينات الجديدة ستكون نحو ثلث إجمالي إنتاج مصر من القطن. 


ويُتابع، أن غزل "1، 2، 3، 5، 6، 7"، يعملون لمدة ساعتين في اليوم فقط، بسبب نقص المادة الخام. كما أنه حتى هذه اللحظة، لا توجد أسواق ومنافذ لبيع إنتاج خط الإنتاج الضخم الذي تنوي الشركة القابضة تركيبه، ولم يتم التعاقد مع شركة لتسويق المُنتج، بحسب رئيس اللجنة النقابية. 


ويشرح «طمان» أن سبب نقص المادة "ارتفاع سعر القطن الذي تشتريه الشركة القابضة"، وبالتالي يتم بيع المُنتجات بسعر مرتفع، يفوق قدرة المواطن المصري، لذلك لا يوجد عملاء لتسويق منتجات مصانع الغزل. 


ويعتقد جهاد طمان، أنه بهذا الشكل، سيعدو الأمر وكأنه "سبوبة" وليس تطوير أو إعادة هيكلة، حيث إنه من المُتوقع أن تتوقف هذه الماكينات الجديدة خلال أيام. 


وينقل رئيس اللجنة النقابية عن بعض العاملين، أن هناك أحد كبار المستثمرين سيتولى إحضار الماكينات الجديدة وسيُوفر المادة الخام ومنافذ التسويق، وأن العمل سيكون لحساب هذا المستثمر، الذي يتكتم مسئولو شركة الغزل والنسيج على اسمه.


ويقول إن عدد العاملين بمصانع الغزل والنسيج، تم تخفيضه من 58 ألف عامل إلى نحو 11 ألف عامل أو أقل، مشيرًا إلى أن مساحة مصانع الغزل والنسيج تبلغ 860 فدانا، معظمها عنابر تشغيل. 


وعن بيع أراضٍ ومنشآت تابعة لشركة الغزل والنسيج، يلفت طمان إلى أنه تم بيع 43 فدانًا قبل 10 أعوام، لكن قطع الأراضي الموجودة بجانب مصانع الشركة، يتم تأجيرها للقطاع الخاص، مشيرًا إلى أنه سيتم دمج بعض شركات ومصانع الغزل على أن يتم بيع أراضيها، وأبرز هذه الشركات هي "حلوان – النصر – غزل شبين". 


من جهته، يقول الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، إن كل المعلومات "مجهّلة"، ذلك أنه حتى الآن لا توجد معلومات محددة حول طرق تطوير أو إعادة هيكلة مصانع الغزل والنسيج.


ويُضيف، أن الحكومة تعتقد أن إنشاء مصنع جديد للغزل والنسيج، أرخص من إعادة هيكلة أو تطوير مصانع الغزل والنسيج القديمة، موضحًا أن الغرض من بيع ماكينات عنبر4 هو تُوفير سيولة مالية للتوسعات أو التطوير الي تدعي الحكومة تنفيذه.


ويُشير النحاس إلى أن بيع الماكينات هو بند من دراسة للشركة الأمريكية "ورانر" والتي نفذت الدراسة قبل 4 أعوام، بعد استعانة مجلس الوزراء بها، لافتًا إلى حكومات مبارك كانت تحتفظ بهذه القلاع الصناعية بسبب رمزيتها بالنسبة لتاريخ مصر الصناعي.


ويُتابع النحاس، أن هذه ليست أول مرة يتم بيع خطوط إنتاج من شركة الغزل والنسيج، حيث تم بيع بعض الماكينات للقطاع الخاص الذي يقوم بتشغيلها، رغم ما تُقدمه الحكومة من تبريرات بشأن تقادم السنوات للماكينات وتهالكها. كما أن هناك أزمة تواجه مصانع الغزل والنسيج، بعدما أقرت الحكومة استخدام "القطن قصير التيلة بدلًا من طويل التيلة" والذي كانت تتميز به مصر.