فور تعاطيه أول جرعة من مخدر «الشبو» استمر في طريق الضياع حتى أصبح مدمنا لا يستطيع الاستغناء عنه، إلى أن تعثر معه الحال ماديا، وباع ميراثه في الأرض وأساس منزله للحصول على جرعة يتجرعها من هذا المخدر ليرضي مزاجه، انتهى به الحال في النهاية لعرض زوجته على تاجر «الشبو» للحصول على جرعة يتعاطاها.
السطور السابقة تكشف عن كارثة خطيرة يتعرض لها متعاطو مخدر الشبو، والذي يُعد من أخطر أنواع المخدرات، وفي هذا الصدد ترصد «النبأ» رحلة دخول هذا المخدر إلى البلاد وانتشاره في عدة محافظات خاصة في الصعيد، لاسيما أنه يعتبر المخدر المفضل لـ«الصعايدة»، وتوضح مدى خطورته على الإنسان خاصة وأنه يسبب الإدمان بعد تعاطيه أول مرة؛ ومن شدة تأثيره يسيطر على الإنسان بمجرد تعاطيه أول جرعة حالة من الهلوسة السمعية والبصرية فيشاهد تخيلات وأشياء لا وجود لها في الحقيقة وقد يمتد تأثير جرعة الشبو الواحدة مع المتعاطي لمدة شهر.
فالشبو المخدر لم يجلبه الإنسان من الطبيعة لكن هو مخدر يتم تصنيعه من «الميثا امفيتامين» وهي منشاطات شديدة التأثير وسريعة الإدمان يدمنها الإنسان بمجرد تعاطيها مرة أو اثنين على الأكثر، فهو «الكريستال ميث» لكن مصطلح الشبو هو الدارج في أسواق المخدرات وأوساط المدمنين وأول من أطلق عليه هذا المصطلح هم سكان دول شرق آسيا الأكثر مهارة في تصنيعه، وتعد شرق آسيا هي المهد الطبيعي لانتشار «الكريستال مث» كمخدر يروج له ويسبب الإدمان.
أضرار «الشبو»
مادة «الميثا افيتامين» المصطنع منها «الشبو» صُنفت على أنها من الأنواع الخطيرة جدا على جسم الإنسان لأنها تتسبب بأضرار مختلفة في الأوعية الدموية والدماغ غير قابلة للعلاج، والتي تؤدي للوفاة في الغالب.
ويدفع «الشبو» متعاطيه لارتكاب جريمة قتل لما يخلقه من سلوك عدواني بداخله، ورصدت جمعيات مراقبة الشبو في دولة الكويت تحديدًا لكثرة انتشاره بها أن هناك 49 جريمة يوميًا ترتكب بسبب الشبو أدناها الضرر وأقصاها القتل.
ومن أضراره أيضًا عدم النوم أو الرغبة فيه لأيام متواصلة، والتأثير المباشر على القلب مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى الموت المفاجئ وزيادة خارج السيطرة في مستوى ضغط الدم، ومن أضرار تعاطيه أيضًا أن مزاج متعاطية يصبح متقلبًا كأمواج البحر ينتقل من الكآبة إلى السعادة ومن الغضب إلى الهدوء في دقائق معدودة ويجعل المحيطين به لا يستطيعون التنبؤ بردة فعله، ويؤدي إلى تساقط الأسنان، وحدوث الشلل الرعاش، ويظهر على متعاطيه ومدمنيه علامات الشيخوخة المبكرة.
وفي ظل القبضة الأمنية الحديدية التي تقبض بها وزارة الداخلية على كل من تسول له نفسه المساس بأمن البلاد، إلا أن مسألة دخول هذا المخدر القاتل البلاد ما زال لغزا يحتاج إلى حل من وزارة الداخلية لمنع مروره إلى الداخل خاصة بعد انتشارة في عدة محافظات بالجمهورية.
وانتشر مخدر الشبو في عدة محافظات بالجمهورية منها سوهاج والقاهرة والجيزة والقليوبية، والإسكندرية على نطاق ضيق، ويتراوح سعر الجرام منه في مصر من 2000 إلى 2500 جنيه، ويدخل هذا المخدر البلاد مهربا من بعض الدول الخليجية، خاصة من دولة الكويت، عن طريق العاملين المصريين في الكويت، والتي ينتشر بها خلال الآونة الأخيرة على نطاق واسع.
ففي إحدى القرى التابعة لمركز البلينا جنوبي محافظة سوهاج أدمن شابا مخدر «الشبو» والذي انتهى به الحال بعرض زوجته على تجار المخدرات بعدما استنفد كل أمواله للحصول على جرعة يتعاطاها.
وذكر مصدر أمني لـ«النبأ» أن مركز البلينا بمحافظة سوهاج من أكثر الأماكن بالجمهورية بها مخدر الشبو ويتم جلبه من دولة الكويت عن طريق أبناء المركز وترويجه بجميع مراكز المحافظة، لكن التضييقات الأمنية التي عمل علي فرضها العقيد أحمد شوقي زيدان رئيس فرع بحث الجنوب بسوهاج قلصت من ترويج هذا المخدر لخطورته على حياة الشباب من أبناء المحافظة.
ونجحت أجهزة الأمن خلال الشهرين الماضيين فى ضبط عناصر تشكيل عصابى بمحافظتى الجيزة والإسكندرية، بحوزتهم قرابة الـ100 كيلو جرام من مخدر «الشبو» تقدر قيمتها بـ200 مليون جنيه.
بدوره، يقول اللواء سيد محمدين، خبير أمني بمكافحة المخدرات، ومستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا، إن «الشبو» من المواد المخدرة الجديدة التي دخلت مصر مؤخرًا موضحًا أن معظم عمليات التهريب التي تتم لدخول هذا المخدر للبلاد تكون كميات صغيرة، يصعب اكتشافه من قبل رجال الجمارك أو ضباط مكافحة المخدرات، لأنه لا يتم جلبها بـ«الإطنان» مثل الحشيش والأفيون وغيره من المواد المخدرة التقليدية، والتي تعتبر من المواد المؤثرة على الحالة النفسية، وأيضًا لا يتم جلبها عن طريق عصابات أو مافيا التهريب.
ويضيف الخبير الأمني بمكافحة المخدرات، والمستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، لـ«النبأ» أن مخدر الشبو يتم جلبه بكميات صغيرة عن طريق راكب، ليسهل دخوله البلاد، خاصة أن هذا الراكب الذي يحوز على هذا المخدر لم تصل عنه أي معلومات مسبقة، وعدم وجود تحريات عنه أو أنه ليس مسجلًا خطرًا، وهذه أبسط الطرق، حتى لو كانت هناك إمكانية تهريبه عبر طرود داخل بعض الأجهزة الكهربائية أو السلع التي يمكنها المرور بشكل بسيط جدًا مع أشخاص، تكون الكمية صغيرة أيضًا لأنه يضع الكمية داخل (مروحة) مثلًا.
ويوضح أن ميزة المخدرات التقليدية مثل الحشيش والأفيون خاصة مع الكميات الكبيرة أن يُتبع إجراءات معينة مثل المراقبات التليفونية لعصابات مافيا التهريب من خلال تتبع هذه العصابات مما يسهل التعرف على ما هي المواد المخدرة الموجودة في السوق، ومن القائم على ترويجها وكيف ومتى وأين بالإضافة إلى العمل عل فك شفرات معينة، فضلًا عن أن رائحة المواد المخدرة تسهل استخدام كلاب الأمن والحراسة التي كانت تساعد رجال المخدرات في اكتشاف وضبط المواد المخدرة سواء على المراكب أو في السيارات أو الطرود، لكن أن معظم المخدرات الجديدة «تخليصية» والتخليصي هي المواد المؤثرة على الحالة النفسية.
ويشير «محمدين» إلى أنه كان قديمًا يتم تسهيل رحلات لطلاب الجامعات الخاصة ذى المستوى الاجتماعي العالي إلى دبي مثلًا أو أماكن أخرى سياحية خارج البلاد خاصة أنهم ليست لديهم معلومات وغير مسجلين المر الذي ما يسهل لعصابات المخدرات تهريب المواد الجديدة عن طريقهم، مضيفًا أن الأجهزة الأمنية تعتمد في حالة ضبط عصابات التهريب في البداية على المعلومات المسبقة، والجزء الثاني الاعتماد على قراءة «لغة الجسد» عند الناس الذين يظهر عليهم نوع من أنواع علامات الخوف والتوتر أو الريبة على وجوههم، بالإضافة إلى أن يكون الباسبور الخاص بشخص ما به محطات كثيرة من الدول التي نسميها دول المصدر أو الانتاج.
ويكمل: «وفي حاله وجود شخص يتردد على هذه الدول المصدرة والمنتجة للمواد المخدرة مثل بيروت وكراتش وتركيا فهذه الترددات تضع علامة استفهام على هذا الشخص، ويبدأ مسئول الجمارك يتشكك في أمره ويتم استيقافه ومناقشته عن كثرة ذهابه وإيابه من وإلى هذه الدول وأسبابها لمعرفة ما إذا كانت له علاقة بمافيا التهريب أما لا»، مؤكدًا أن إسرائيل من أكثر البلاد المنتجة للمواد المخدرة الخطرة بهدف تدمير شباب المجتمع المصري وضرب الشباب.