رئيس التحرير
خالد مهران

"جروبات الماميز" وسيلة خطيرة لنشر "الهم الأسري" على السوشيال ميديا

جروبات الماميز ـ
جروبات الماميز ـ لها ما لها وعليها ما عليها


يقضين اليوم في وصفات الأكلات وحكاوي شقاوة الأولاد

أمهات: بنحل مشاكلنا ونتبادل الخبرات.. والخوف من "الستات العيرة" 

معلمة: بديل لمجالس الآباء ونقدم من خلالها نصائح تعليمية وسلوكية 


لم يعد هناك شك في أن مواقع السوشيال ميديا، باتت تمثل جزءا مهما من حياة المصريين، على اختلاف ثقافاتهم، وفئاتهم العمرية، والاجتماعية، حتى صارت   الحسابات والصفحات على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، بديلا للعلاقات الفعلية المباشرة، وتكتظ بأدق تفاصيل المشاركين عليها.


وتتنوع طبيعة الجروبات المنتشرة على مواقع مثل: فيسبوك، وواتس آب، وغيرهما، بين مجموعات أسرية، وأخرى تجمع الأصدقاء، وثالثة يشارك بها فئة بعينها تجمع أطرافها مصلحة مشتركة. 


ولعل "جروبات الماميز" هي الأكثر انتشارا حاليا على مختلف التطبيقات الاجتماعية، ولا سيما "واتس آب"، في ظل حاجة المشاركات فيها إلى المعلومات التي توفرها كل عضوة، حول تجربتها مع أبنائها سواء في رحلة التربية، أو مشوار التعليم.


حكاية الماميز


وتروي أم لثلاثة أطفال، تدعى "إيمان سليمان"، ربة منزل، حكاية جروبات الماميز، موضحة أنها اشتركت في الجروبات التي تجمع أمهات زملاء أبنائها في المدارس، منذ بداية ظهور هذه الجروبات، قبل نحو سبع سنوات.


وقالت لـ"النبأ": "بدأت الاشتراك في هذه الجروبات، تقريبا منذ بداية ظهورها، وكان غرضي الرئيس هو أن أجد وسيلة أتواصل بها مع الأمهات الأخريات، حتى أعلم منهن كيف يربين أولادهن وأستفيد من خبراتهن، خاصة أنني كنت في بداية حياتي أشعر بالخوف من الفشل في تربية أولادي".  


وأضافت: "مع الوقت تطور الأمر واشتركت في جروبات ترتبط بأمهات زملاء أبنائي في المدرسة، حتى نتحدث عن مستوى المدرسين، ونختار من منهم يستحق أن يعطي أبناءنا دروسا خصوصية، ومواعيد هذه الدروس، ثم تطور الأمر ودخلت معنا المدرسات، خاصة، معلمات المراحل الأولى مثل الحضانة والصفين الأول والثاني الابتدائي".


وتلتقط أم أخرى لديها ولد وبنت، وتدعى "إنجي حسن"، وتعمل سكرتيرة، خيط الحديث قائلة: "جروبات الماميز كنا بنشترك فيها علشان نتكلم مع المدرسات اللي بيعلموا أولادنا، فنعرف منهن الجوابات التي يجب أن ينفذها الأولاد في المنزل، خصوصا أننا في بداية دخول الأبناء للمدرسة، في مرحلة كيه جي وان، نكون قليلات الخبرة ونحتاج لاستشارة المعلمات باعتبارهن متخصصات أولا بأول".


وأضافت لـ"النبأ": "الأمور تطورت إلى صداقات كونتها الأمهات العضوات بجروبات الماميز، وبالتالي بدأنا نتطرق إلى حياتنا الخاصة، وتحكي كل منها تجاربها، ومشكلاتها سواء مع الزوج أو الأولاد"، لافتة إلى أنها في الوقت الحالي مشتركة في 4 جروبات للماميز، يتناولن فيها مختلف شؤون الحياة.


بدورها أكدت سيدة تدعى "رشا حامد"، وتعمل محامية، أن جروبات الماميز على السوشيال ميديا، تعد ابتكارا مفيدا للسيدات العاملات على وجه الخصوص، لأنه من خلال ما يتم تداوله من معلومات بين الأمهات العضوات في الجروب، يمكن متابعة أحدث التطورات سواء على المستوى التعليمي للأبناء، أو حتى على المستوى الإنساني، في المشكلات التي تعرضها كل سيدة، وأيضا في الحلول التي تقدمها كل منا للأخرى.


وأضافت لـ"النبأ": "أنا شخصيا أسهمت في حل عدد غير قليل من مشكلات الماميز، المتعلقة بالقانون، من خلال النصائح التي قدمتها لهن، ردا على المشكلات اللاتي يعرضنها".


"ستات عيرة"


من جانبها أبدت سيدة تدعى "زينب عاطف"، موظفة، وتبلغ من العمر 26 سنة، اعتراضها على جروبات الماميز، مرجعة هذا الاعتراض إلى ما وصفته بوجود "ستات عيرة".


وقالت لـ"النبأ": "اشتركت في جروب ماميز زميلات ابنتي في المدرسة، وبالفعل استفدت منهن في البداية، خصوصا أنني كنت قليلة الخبرة في كيفية إدارة حياة ابنتي التعليمية، إلى أن فوجئت بإحدى الأمهات تتحدث عبر الجروب في أشياء أصابتني بالشك، في أنها رجل ونحن لا ندري".


وأضافت: "توقفت عن التفاعل على الجروب لمدة أسبوعين، واكتفيت بمتابعة ما يدور، ومراقبة أسلوب هذه السيدة في الحديث على الجروب، وهو ما زاد من شكوكي في أنها ست عيرة ومزيفة، ووقتها غادرت الجروب فورا، واتخذت قرارا بعدم الاشتراك في مثل هذه الجروبات نهائيا".


هم أسري


بدورها قالت "إيمان جلال"، ربة منزل، تبلغ من العمر 31 سنة، إن جروبات الماميز، كان هدفها الرئيس في البداية، وهو التواصل بين المعلمات وأمهات التلاميذ، خصوصا في المراحل الأولى من التعليم، لكن مع الوقت تحولت إلى مضيعة للوقت، حيث تقضي معظم المشاركات فيها يومهن للحديث عن وصفات الأكلات، والحكاوي عن شقاوة الأولاد، والمواقف الغريبة التي يقعن فيها بسبب ذلك.


وأضافت لـ"النبأ": "كمان جروبات الماميز تحولت إلى منصات لنشر الهم الأسري، لأن كل واحدة بتحكي مشاكلها لعضوات الجروب، ودا شيء سلبي لأنه بيعمل عدوى بين الستات، خصوصا أنه مش كل المشاركات بيقولوا الحقيقة، سواء عند سرد مشكلاتهن، أو عند الحديث عن الحلول المفترضة لهذه المشكلة، حيث تسعى كل مشاركة إلى إظهار نفسها في صورة مثالية، دون النظر إلى المنطق أو الواقع، وهو ما يدفع الكثيرات إلى التقليد الأعمى مما يؤدي في النهاية إلى أزمات كبيرة وخطيرة داخل الأسر المختلفة الثقافة وأسلوب الحياة".


بديل مجالس الآباء


من جانبها ترى أسماء مجدي، معلمة، وناشطة في الحقل التعليمي، أن جروبات الماميز تمثل بديلا مناسبا لمجالس الآباء، التي لم يعد أولياء الأمور يهتمون بالمشاركة فيها، نظرا لحالة الانشغال التي لا تترك للجميع أوقاتا كافية لمثل هذا النشاط.


وأوضحت لـ"النبأ" أن هذه الجروبات تشارك فيها المعلمات من أجل التواصل مع الأمهات خصوصا في المراحل الأولى للتعليم، التي تحتاج متابعة دقيقة للأبناء، حتى يمكن رسم طريق سليم لحياتهم التعليمية، أو تأسيسهم بمعنى أكثر وضوحا.


وأشارت إلى أن جروبات الماميز في كثير من الأحيان تخرج عن النطاق الذي يتم إنشاؤها من أجله، وهو منح الأمهات نصائح تعليمية وسلوكية مهمة للأطفال، مضية: "ورغم ذلك تبقى هذه الجروبات مهمة ومفيدة في أغلب الأحيان للتواصل".


وأشارت الناشطة التعليمية، إلى أن جروبات الماميز لها أهمية إضافية، وهي أنها تمكن الأمهات من التعرف على السلوكيات المنحرفة للأبناء، مضيفة: "جروبات الماميز بتساعد كل أم أنها تشكو للأخرى مما يفعله الأبناء مع بعضهن البعض، وهو ما يكشف الطفل العدواني الذي تتكرر شكاوى الأمهات من ضربه لزملائه، والطفل المتراجع في التحصيل، أو البليد، كما يطلق عليه، كما تسهم أيضا في كشف سلبيات البيئة التي يعيش فيها التلاميذ بمدارسهم. 


تحذير خطير


في غضون ذلك حذر، خالد حسين، الأخصائي الاجتماعي بإحدى المدارس، من أن جروبات الماميز، يمكن أن تؤدي إلى مشكلات اجتماعية، في ظل اختلاف الطبيعة الشخصية للمشتركات فيها، وهو ما يجعل كل منهن تطلع على بيئة معيشية مختلفة، تؤدي في الكثير من الأحيان إلى عدم رضا النساء عن الحياة الواقعية لهن.


وأوضح لـ"النبأ" أن نشر المشكلات الاجتماعية على نطاق واسع من أكثر أسباب تزايد الأزمات الأسرية، وهو ما يحتاج إلى وعي خاص بدور هذه الجروبات، وعدم الانخراط فيها بشكل عميق، حتى لا تتأثر كل سيدة بالأخرى، وبالمشكلات الكثيرة المتنوعة التي تعرضها العضوات على هذه الجروبات.