خطة «ثلاثى الشر» لإيجاد بديل يهدد الملاحة فى «قناة السويس»
طهران تعلن بدأ تشغيل «الممر الدولى للنقل بين الشمال والجنوب»
«كردى»: الممر التجارى سيقلص الوقت الذى يستغرقه نقل البضائع من روسيا
«عبد المطلب»: لهذه الأسباب.. لن يكون لهذا المشروع تأثير حقيقى على مستقبل قناة السويس
«كامل»: قناة السويس ما زالت وستبقى الممر الرئيسى فى العالم
«على»: القناة تواجه منافسة متعددة من عدة أماكن
لم يتوقف الحديث الفترة الماضية عن اكتشاف بدائل بحرية لممر قناة السويس، وفي هذا الإطار، أعلنت منظمة منطقة جابهار الحرة الإيرانية، أن الربط التجاري بين مومباي وهامبورج وبطرسبورج، سيتم عبر آستراخان وأنزلي وجابهار ونافا شيفا بالهند، بدلا من قناة السويس.
وقال المدير العام للمنظمة عبد الرحيم كردي، إن الممر التجاري سيقلص الوقت الذي يستغرقه نقل البضائع من روسيا من 38 يوما إلى 14 - 16 يوما فقط.
وأشار «كردي» إلى أن إيران، تعتبر محطة في وسط العالم بفضل موقعها الجغرافي الإستراتيجي المتميز، حيث يمكن لميناء جابهار أن يلعب دور ربط شرق العالم بغربه، وشماله بجنوبه، كما أن شواطئ مكران وجابهار أخذت اليوم تتحول إلى طريق اقتصادي رئيسي بالعالم.
وأوضح أن ميناء الشهيد بهشتي يشكل نقطة تحول في العلاقات الاقتصادية لمنطقة جابهار الحرة، كما تم تخصيص 300 مليون يورو لتفعيل السكك الحديدية في هذه المنطقة العام الماضي، ما أدى إلى دخول المشروع مرحلة جديدة.
وتتمحور فكرة ممر النقل هذا حول نقل البضائع من الهند إلى ميناء جابهار، في جنوب شرق إيران وهو الميناء الإيراني الوحيد الذي يطل على المحيط الهندي، ومن ثم شحن البضائع بواسطة البر إلى ميناء بندر إنزلي على ساحل بحر قزوين، ومن ثم نقل البضائع عن طريق البحر إلى أستراخان بروسيا، ومنها إلى شمال روسيا أو أوروبا بالسكك الحديدية.
وتحاول إيران منذ سنوات الاستفادة من موقعها الاستراتيجي لتصبح عقدة لوجستية، إذ لدى إيران القدرة على النفاذ إلى بحر قزوين من جهة الشمال، وبحر عمان والخليج فالمحيط الهندي من جهة الجنوب.
وفي هذا الصدد تعمل إيران مع روسيا والهند على إطلاق هذا الممر الذي يدعى "الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب".
ويتم الآن شحن البضائع عبر الممر، لكنه في نفس الوقت يجري إنشاء واستكمال بعض مشاريع السكك الحديدية في إيران، وعند إطلاق الممر بشكل كامل سيساهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي لإيران والدول التي يمر عبرها مسار الشحن.
ويقول الدكتور عبد الغني عبد المطلب، الخبير الاقتصادي، إن هذا المشروع لن يؤثر بشكل حقيقي على مستقبل قناة السويس لأهمية موقعها الجغرافي الذي لا غنى عنه كونها تربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب، أضف إلى ذلك توتر العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، وإيران والدول العربية، ما سيؤثر سلبا على هذا الممر، مشيرا إلى أن مصر مطالبة في كل الأحوال بإجراء دراسة كاملة للمشروع وفهم أبعاده وكذلك توسيع حوض القناة لزيادة الاستفادة منها وتطويرها لتصبح منافسا قويا في حال ظهور مشاريع مشابهة في المستقبل.
وأكد الدكتور محمد محمود علي، عميد كلية النقل الدولي ومدير الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري فرع بورسعيد، أن تأثير هذا الخط على قناة السويس يعتمد على موضوع النقل متعدد الوسائط، والنقل المتعدد الوسائط يحتاج إلى عمليات مناولة أكثر وعمليات شحن وتفريغ متكرر، لكن تظل المقارنة بين الخفض في الوقت والزيادة في التكلفة نتيجة النقل متعدد الوسائط، وإن كانوا يعتمدون الآن على ما يسمى بالنقل المتكامل، بمعنى أنه من الممكن وضع الشاحنات في السفن وتكمل مشوارها لتفادي عملية تكرار الشحن والتفريغ، لكن كل ذلك مرهون بالمقارنة بين التكلفة والعائد.
وأضاف «على» في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن قناة السويس تواجه منافسة متعددة من عدة أماكن، مثل طريق القطب الشمالي الجديد الذي بدأ يكون صالحا للملاحة نتيجة ارتفاع درجة الحرارة، وهذا الخط من الخطوط الملاحية يمكن تشكل بعض المخاطر، وهناك طريق سيبيريا، يوجد فيه خط سكك حديد مع أوروبا، والذي عملته الصين للربط مع أوروبا، وبالتالي هناك تحديات مختلفة تواجه قناة السويس، لكن الأمل أن تتحول قناة السويس في المنطقة الاقتصادية الملاصقة لها إلى منطقة لوجستية وصناعية، وبالتالي يكون الطلب على خدمات القناة ليس فقط لخدمة التجارة العالمية وإنما لخدمة المنطقة اللوجستية التي ستولد طلبا إضافيا على خدمات القناة وتزود قيمة القناة وتعمل طلب غير عادي على المرور في القناة، لكن الاستمرار على الوضع الحالي فستكون هناك منافسات للقناة سوف تظهر طول الوقت، وستكون هناك تحديات صعبة تواجه القناة، وبالتالي يجب التركيز على المنطقة الاقتصادية التي يأمل أن تحقق نقلة اقتصادية كبيرة، وأن يتم إنشاء منطقة لوجستية عالمية لخدمة التجارة العالمية، وبالتالي المواد الخام التي سيتم تصنيعها عبر المنطقة الاقتصادية سيتم نقلها عبر القناة، بمعنى أن المواد الأولية التي سيتم نقلها للمنطقة الاقتصادية ستكون عبر القناة، وكذلك ستقوم المنطقة الصناعية بتصدير إنتاجها عبر القناة.
وتابع: وهذا من شأنه خلق طلبا إضافيا، مثلما حدث في جبل على في موانئ دبي الذي كان بعيدا عن الملاحة، ولكن بعمل منطقة صناعية ومنطقة لوجستية خلق طلب على خدمات الميناء، واليوم صار جبل علي من أكبر الموانئ العالمية، وبالتالي هذا الفكر يجب أن يكون موجود في أذهان القائمين على قناة السويس، معتقدا أن هذا الفكر ليس بعيدا عن فكر القائمين على المنطقة الاقتصادية وعلى قناة السويس، فيجب تفعيل دور المنطقة الاقتصادية كمنطقة لخدمة التجارة العالمية وعمل ممر لوجستي عالمي.
وأشار إلى أن قناة السويس تجاوبت ومنحت تخفيضات لعدد كبير من السفن فئات مختلفة لأن مشغل السفينة يقارن بين التكلفة والعائد، لافتا إلى أنه أثناء جائحة كورونا لم يكن هناك حجم تجارة يبرر أن تمر السفن بسرعة من قناة السويس وفي نفس الوقت المسافة الأطول ستكون هي المسافة الأرخص مع انخفاض سعر البترول، وبالتالي نحن في حاجة لإعادة ترتيب الأولويات، لكن قناة السويس تجاوبت مع هذه الظروف وخفضت الأسعار، وإن كنا نأمل أن يتم ذلك مبكرا بعض الشيء قبل تحول بعض الخطوط، متوقعا أن تعود هذه الخطوط لمسارها الطبيعي لقناة السويس بعد رفع أسعار البترول، وبعد التخفيضات التي قامت بها قناة السويس، مؤكدا على أن جائحة كورونا وانخفاض أسعار البترول كان لها تأثير على حركة التجارة العالمية، لكن التأثير كان محدودا نتيجة السياسة السعرية التي اتخذتها هيئة القناة.
ويقول الدكتور عبد الوهاب كامل، مستشار رئيس الأكاديمية البحرية، إن الممر الجديد الذي أعلنت عنه إيران لن يكون له أي تأثير على الملاحة في قناة السويس، مؤكدا أن الموضوع عبارة عن طرقعة وبروباجندا كبيرة، لاسيما وأن قناة السويس تطور نفسها أولا بأول، كما وفرت القناة من 4-11 ساعة انتظار، مشيرا إلى أن هناك أكثر من سبب يؤكد عدم تأثير هذا الخط الإيراني على قناة السويس منها، غياب عنصر الأمان في الخط، كما أن أغلب مناطق الانتاج تقع في اليابان وكوريا وإفريقيا وأمريكا وإنجلترا وفرنسا وألمانيا وليس في الهند، كما أن الخط الذي تتحدث عنه إيران والذي يشمل نقل البضاعة عبر السكك الحديدية ومن ثم تحميلها على السفن مرة أخرى صغير ولن يستوعب حجم التجارة العالمية الضخم، مؤكدا على أن الممر الإيراني غير أمن وشركات النقل لن تغامر بنقل البضائع عبر هذا الممر، كما أن هذه الشركات مرتبطة بعقود طويلة الأجل مع قناة السويس، كما أن الأفضل لإيطاليا وفرنسا وانجلترا واليونان المرور عبر قناة السويس بدلا من العبور عبر مضيق جبل طارق ومن ثم الاتجاه إلى بحر الشمال وروسيا وبحر قزوين، كما أن تفريغ البضاعة ومن ثم نقلها عبر السكك الحديدية وتحميلها مرة أخرى يمثل تكلفة زيادة.
وأضاف «كامل»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن قناة السويس تطور نفسها أولا بأول، وتتميز بوجود نظم ملاحية على أحدث ما يمكن، كما تضم خبرات كبيرة وغاطس كبير ونظم تحكم في إدارة المراكب، وهناك تعميق بصفة مستمرة يساير الغواطس الكبيرة، لافتا إلى أن تحويل بعض السفن مسارها إلى رأس الرجاء الصالح في الفترة الأخيرة مؤقت بسبب جائحة كورونا والانخفاض الحاد في أسعار البترول، مشيرا إلى أن التحالف الفرنساوي الذي قام بتغيير مسار بعض سفنه الفترة الأخيرة إلى رأس الرجاء الصالح يعمل في مصر منذ أكثر من أربعين عاما والمكتب الرئيسي له في الشرق الأوسط يقع في مصر، مؤكدا على أنه بعد عودة أسعار البترول إلى معدلاتها الطبيعية وانتهاء جائحة كورونا سوف تعود هذه السفن إلى مسارها الطبيعي وهو قناة السويس، مؤيدا ما قاله اللواء محفوظ طه من أن مشكلة تعيير بعض السفن مسارها مؤقتة وليس مستمرة، كما عبر عن تأييده لما قاله جورج صفوت المتحدث باسم قناة السويس، مشيرا إلى أن هذا الرجل خبير ولديه بيانات يستطيع من خلالها الحكم على الأمور بحكمة وحنكة، مؤكدا على عدم وجود أي خطر على قناة السويس في ظل وجود إدارة تتميز بالحكمة ومرونة الفكر والرؤية الثاقبة والوصول إلى القرار الصحيح، لافتا إلى أن الحديث عن بدائل قناة السويس لم يتوقف ورغم ذلك ما زالت قناة السويس وستبقى هي الممر الرئيسي للملاحة في العالم، وكل الشواهد والدلائل تؤكد ذلك، والدليل أنه عندما تم غلق قناة السويس في 1956 و1967 تكاتفت كل الدول من أجل فتحها أمام حركة الملاحة مرة أخرى، مؤكدا على أن قناة السويس ستظل قائمة ومستمرة بإذن الله.