فلسطين تتخلى!
من رام الله فى الضفة الغربية، أعلن رياض المالكى، وزير خارجية فلسطين، تخلى بلاده عن رئاسة مجلس الجامعة العربية فى دورته الحالية!،
وهذا القرار المفاجئ له خلفية تشرحه، والخلفية تعود إلى التاسع من الشهر الحالى، عندما اجتمع المجلس برئاسة فلسطين على مستوى وزراء الخارجية، وطرح المالكى فى أثناء الاجتماع اقتراحًا بإدانة اتفاق الإمارات وإسرائيل على إطلاق العلاقات بينهما!.
ولكن الرفض كان من نصيب الاقتراح حين جرى عرضه على وزراء الخارجية العرب، الذين كانوا قد اجتمعوا افتراضيًا من مواقعهم فى كل عاصمة عربية!.
وعندما أعلن المالكى قرار التخلى، فإنه برره بفشل الأمانة العامة للجامعة فى إدانة الاتفاق الإماراتى الإسرائيلى، ثم برره بإقدام عدد من الدول العربية على تطبيع علاقاتها مع تل أبيب!.
ولا أعرف كيف فات على الوزير المالكى أن الأمانة العامة للجامعة لم يكن فى مقدورها إدانة الاتفاق من تلقاء نفسها ولا بقرار منها وحدها.. فالإدانة لا بد أن تصدر عن الغالبية من وزراء الخارجية، الذين إذا رفضوها لأسباب تخص كل واحد فيهم، فالأمانة العامة تعلن ذلك على الرأى العام العربى ولا تستطيع تجاوزه، وإلا كانت تعمل على غير ما يقول به ميثاق الجامعة الذى نشأت على أساسه قبل ثلاثة أرباع القرن!.
ثم لا أعرف أيضًا كيف فات على المالكى، وكذلك على السلطة التى يديرها الرئيس محمود عباس فى الضفة، أن التخلى ليس حلًا.. إنه لم يكن ولن يكون.. لأنه حتى وإن كان يعبر عن درجة من الرفض المفهوم لأوضاع محددة.. أوضاع سيئة ورديئة.. فهو فى التقييم الأخير له يظل نوعًا من الهروب فى مواجهة واقع نعاينه ونراه!.
هو ليس حلًا ولن يكون لأننا جربناه هو نفسه من قبل، فلم يأخذنا إلى شىء له قيمة، ولم يصل بالقضية العادلة إلى ما يتعين أن تصل إليه.. وبالتالى فالسير فى ذات الطريق ليس من الحكمة السياسية فى شىء، ولا بديل عن مراجعة لقرار التخلى تستدرك ما فات، وتنتبه سريعًا إلى خطورة إهدار الوقت والجهد فيما لا يؤدى إلى حصيلة تحرك القضية على الأرض!.
نقلا عن "المصري اليوم"