رئيس التحرير
خالد مهران

بعد فوز بايدن .. ماذا سيحدث لو رفض ترامب مغادرة البيت الأبيض في 20 يناير 2021؟

النبأ

اصرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عدم الاعتراف بنتيجة الانتخابات الأمريكية الذي فاز بها المرشح الديمقراطي، جو بايدن، طرح سؤالا مهما حول السيناريوهات المتوقعة في حال تمسك ترامب بموقفه ورفض مغادرة البيت الأبيض في 20 يناير المقبل، موعد تسلم الرئيس الجديد مهام عمله في البيت الأبيض؟

 

فالانتقال المنظم القانوني السلمي للسلطة يعد أحد السمات المميزة للديمقراطية الأمريكية. ولهذا السبب أدى إعلان الرئيس دونالد ترامب عدم قبوله الهزيمة أمام جو بايدن إلى خلق موقف جديد ومثير للقلق بالنسبة للبلاد، كما أنه يضع المحللين أمام تحدي دراسة سيناريوهات لم يسبق التفكير فيها.

 

حذرت حملة المرشح الديمقراطي جو بايدن من أن الرئيس دونالد ترامب قد يساق بالقوة إلى خارج البيت الأبيض، وذلك ردا على تقارير أفادت بأن ترامب قد يرفض الإقرار بالهزيمة.

 

وقال أندرو بيتس، المتحدث باسم حملة بايدن، في بيان له تعليقا على التقارير التي تحدثت عن احتمال رفض ترامب نتيجة الانتخابات إن لم تكن لصالحه: "كما قلنا في 19 يوليو، سيقرر الشعب الأمريكي نتيجة هذه الانتخابات".

 

وأضاف: "حكومة الولايات المتحدة قادرة تماما على مرافقة من يتعدون على ممتلكات الغير إلى خارج البيت الأبيض".

 

من جهتها، ذكرت مجلة "نيوزويك" نقلا عن مصادر حكومية، أنه في حال الوصول إلى هذا السيناريو فإن الخدمة السرية هي التي ستخرج ترامب من البيت الأبيض إذا رفض مغادرته بعد إتمام وإنهاء ولايته الرسمية".

 

وحسب المجلة، فإن "التعديل الـ20 للدستور الأمريكي ينص على أن ترامب أو أي رئيس آخر يفقد ولايته في 20 يناير ظهرا، وإذا حاول البقاء بعد ذلك، فإن الحرس نفسه الذي كان مكلفا بحماية صاحب المنصب الأعلى في البلاد، عليه أن يطرده.

 

ونقلت "نيوزويك" عن مسؤول سابق شارك في عملية انتقال السلطة بين الرئيس السابق باراك أوباما وترامب، قوله: "سيرافقه أفراد الخدمة السرية (إلى خارج البيت الأبيض)، وسيعاملونه كأي رجل عجوز يتجول في الممتلكات".

 

وأوضحت المجلة أن "هذا ما يحدث عندما لا يقف الرئيس الحالي ويمرر العصا إلى خليفته"، مشددة على أنه "لم يسبق لذلك مثيل في الولايات المتحدة، ولا يوجد تهديد وشيك بحدوث ذلك في يناير المقبل، ولكن هناك خطة قائمة في حال منع انتقال السلطة".

 

وينص الدستور الأمريكي بوضوح على أن الولاية الرئاسية الحالية تنتهي "ظهر يوم 20 يناير/ كانون الثاني".

 

 جو بايدن قد سبق وتحدث عن هذه الفرضية.

 

ففي لقاء تلفزيوني أُجري في 11 يونيو/ حزيران، طرح المذيع الساخر تريفر نواه سؤالاً على بايدن حول ما إذا كان قد فكر في احتمال رفض ترامب إخلاء المقر الرئاسي في حال مُني بالهزيمة.

 

فأجاب بايدن " نعم، فكرت في ذلك"، مضيفاً أنه مقتنع بأنه في موقف كهذا سيكون الجيش مسؤولاً عن منعه من الاستمرار في المنصب، وسيقوم ببساطة بإخراجه من البيت الأبيض.

 

وأكد بايدن في بيان نشرته حملته على أن الناخبين -وليس المرشحون- هم من يقررون نتيجة الانتخابات. وجاء في البيان أن " الشعب الأمريكي سيقرر نتيجة هذه الانتخابات، وحكومة الولايات المتحدة قادرة تماماً على إخراج المتسللين من البيت الأبيض".

 

من الممكن أن تقع على عاتق الشرطة القضائية أو جهاز الخدمة السرية مهمة اصطحاب ترامب إلى خارج المقر الرئاسي.

 

وتُعد الخدمة السرية هيئة مدنية تتولى مسؤولية أمن الرئيس، كما أنها مُلزمة قانوناً بحماية الرؤساء السابقين، وستواصل حماية ترامب بعد يوم 20 يناير/ كانون الثاني.

 

ومنذ أن صار تقدم بايدن في الانتخابات واضحاً وبدا إعلان فوزه وشيكا، عززت الخدمة السرية اجراءات حماية الرئيس المنتخب.

 

ويحظي بايدن عملياً بالحماية مثل الرئيس رغم إصرار ترامب على أن المرشح الديمقراطي قد مُني بالهزيمة.

سيناريو غير مستبعد

في حال وقوع السيناريو الأكثر استبعاداً، وأصر ترامب على رفضه مغادرة المنصب، قد يكون من الضروري تقييم ولاء قوات الأمن للرئيس.

 

وقد سألت محطة «بي بي سي» عدداً من الخبراء عما إذا كان من الممكن أن يحاول ترامب استخدام قوات الأمن من أجل البقاء في السلطة بصورة غير شرعية.

 

"يعد قيام رئيس باستغلال صلاحياته من أجل البقاء في السلطة بعد خسارته الانتخابات أمراً صعباً ومن شأنه تقويض مباديء رئيسية، لكنه ليس مستبعدا"، كما قال البروفيسور داكوتا رودسيل خبير سياسة وتشريعات الأمن الوطني في جامعة ولاية أوهايو.

 

وحذر من أن "ذلك قد يلحق ضرراً هائلاً بالبلاد وبالمبادئ المهمة للعلاقات المدنية العسكرية وبالآفاق العالمية للديمقراطية".

 

غير أنه أوضح أن سيناريو تشبث ترامب بالرئاسة مدعوماً بقوات الأمن - في رأيه- غير وارد حدوثه.

 

وأضاف " أفراد الجيش يقسمون الولاء للدستور لا للسياسي الموجود في السلطة، كما أن أعلى مسؤول عسكري في البلاد وهو الجنرال مارك ميلي رئيس الأركان المشتركة للجيش أكد مراراً على أن الجيش لن يكون له دور في هذه الانتخابات".

 

آخرون أيضاً يشاطرون البروفيسور رودسيل التفكير في الأمر، من بينهم كيشا بلين الأستاذة في جامعة بيستبرغ والخبيرة في دراسة حركات الاحتجاج الاجتماعية، والتي قالت "مجرد حقيقة أنه يتعين علينا نسأل أنفسنا إذا ما كانت القوات المسلحة ستتدخل في الانتخابات تكشف الكثير عن الحالة المحزنة التي آلت إليها الأمور في بلادنا".

 

وأضافت "قبل أربع سنوات، لم يكن أغلب الأمريكيين يتخيلون هذا، لكن بعد رؤية ترامب وقد نشر القوات الفيدرالية (خلال الاحتجاجات ) في بورتلاند وواشنطن خلال الأشهر الأخيرة، يعد هذا مصدراً حقيقاً للقلق، لا اعتقد أنه سيناريو مرجح، لكن لا يمكننا أن نستبعده كاحتمال خطير، بالنظر إلى كل ما حدث خلال هذا العام".

 

وبالفعل خلال الاحتجاجات المناهضة للعنصرية التي خرجت منتصف العام الجاري كان ترامب يدرس إمكانية نشر الجيش لفض المظاهرات.

 

ففي 5 يونيو/ حزيران الماضي ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الجنرال ميلي أقنع ترامب بعدم تفعيل قانون التمرد لعام 1807 بهدف حشد القوات العاملة في أنحاء البلاد لقمع الاحتجاجات. وقالت الصحيفة إن ذلك "خط يقول عدد من المسؤولين العسكريين الأمريكيين إنهم لن يتخطوه حتى وإن أمر الرئيس".

 

وفي نهاية الأمر أمر ترامب باستخدام الحرس الوطني، والذي يتصرف وفقاً لسلطة الرئيس أو حاكم الولاية تبعاً للظروف.

 

كما شاركت عناصر من قوات الأمن غير العسكرية -الذين يرفعون تقاريرهم إلى وزارة الأمن الداخلي- في احتواء الاحتجاجات التي خرجت في واشنطن وبورتلاند ومدن أمريكية أخرى.

 

لذا تكهن البعض بأنه في ظل أزمة تنجم عن الانتخابات، قد يأمر ترامب بنشر عدد من الأفراد المسلحين غير العسكريين.

 

ومع ذلك، من الصعب تخيل أن تكون هذه خطوة ناجحة من جانب ترامب للبقاء في السلطة، على افتراض أن قوات الأمن لن تضع نفسها رهينة المصير السياسي للرئيس.

 

يقول البروفيسور رودسيل إنه قلق بشأن سيناريوهات محتملة لهذه المسألة، " كتبت سابقاً عن احتمال محاولة الرئيس ترامب استخدام أمر تنفيذي، أو محاولة وزارة العدل التي يهيمن عليها حلفاؤه السياسيون إصدار "توجيه" يشير إلى أنه يجب على السلطة التنفيذية اعتبار ترامب هو الفائز في انتخابات متنازع عليها"، كما قال الخبير لبي بي سي. لكنه حذر من أن ذلك سيكون "غير مناسب وغير مقبول تماما".

 

وأضاف "صدور أوامر للجيش بمواصلة أداء التحية العسكرية للرئيس بعد انتهاء ولايته ظهر يوم 20 يناير/ كانون الثاني سيضع الجيش في موقف مستحيل.

 

" نصف سكان البلاد والكثيرون حول العالم سيعتقدون أن الجيش الأمريكي غير السياسي اتخذ موقفاً حزبياً. يجب ألا يتلقى الجيش أمراً كهذا أبدا"، كما يقول البروفيسور رودسيل.

 

وبعض النظر عن السيناريو المتطرف الذي تتعرض فيه استقلالية القوات المسلحة للخطر بسبب خلافات سياسية حزبية، يحذر آخرون من أن الوضع السياسي الراهن يمكن أن يؤدي إلى ظهور أعمال عنف في مناطق أخرى.

 

وتقول كيشا بلين، إن رفض مرشح خاسر في انتخابات رئاسية قبول النتيجة يمكن أن يؤدي إلى "حدوث اضطرابات مدنية خطيرة".

 

وترى بلين أن الخطاب الرئاسي "عزز إمكانية وقوع احتجاجات وربما أعمال عنف".

 

المصدر: وسائل إعلام أمريكية+ روسيا اليوم +BBC عربي