رئيس التحرير
خالد مهران

عن المعتدلين

النبأ


صرح وزير الخارجية الأمريكى بأن الولايات المتحدة ستتعامل مع المعتدلين الفلسطينيين من أجل إطلاق تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، وشدد على رفضه لتوجهات حماس وللصواريخ التى تطلقها، وأكد حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها. وإذا كان من المفهوم أن تختار أمريكا، ومعها دول عربية كثيرة التعامل مع المعتدلين، فإن السؤال الذى سيطرح: ماذا قدمت الإدارات الأمريكية السابقة منذ اتفاق أوسلو فى 1993 لصالح هؤلاء المعتدلين؟ المؤكد أنه منذ عودة منظمة التحرير الفلسطينية إلى غزة والضفة الغربية وظهور السلطة الفلسطينية، وإسرائيل تمارس أبشع سياسات البطش بحق الفلسطينيين حتى إن الضفة الغربية التى يفترض أنها تقع تحت سلطة المعتدلين تضاعفت فيها أعداد المستوطنين والمستوطنات (بفتح الطاء) فى العقدين الأخيرين رغم وصول محمود عباس للرئاسة، وهو من اعتبرته الإدارات الأمريكية المتتالية رمزا للاعتدال.

والمعروف أن فى الضفة الغربية يعيش نحو 3 ملايين إنسان، 86 فى المائة منهم فلسطينيون و14 فى المائة (427.800 شخص) من المستوطنين الإسرائيليين. ويعيش هؤلاء فى تجمعات منفصلة عن بعضها، وتتمتع هذه المستوطنات بحماية الجيش الإسرائيلى، ومحظور على الفلسطينيين دخولها أو الاقتراب منها، وباتت تفصل المدن الفلسطينية عن بعضها البعض وتجعل تنقل الفلسطينيين جحيما يوميا بسبب الحواجز الإسرائيلية.

ويكفى الإشارة إلى إن المستوطنة الأكبر عددا ومساحة فى الضفة الغربية، وهى مستوطنة «موديعين إليت»، التى يبلغ عدد سكانها نحو 73.080 نسمة، تضاعفت ثلاث مرات فى السنوات الـ 15 الأخيرة أى فى السنوات التى أعقبت اتفاق أوسلو وتأسيس مسار التسوية السلمية والاعتدال. وإذا اعتبرنا أن حماس لديها وجه مقاوم مشروع وآخر متشدد لا يقبله الأمريكان وكثير من النظم العربية وجانب من الشعوب، فتصبح المشكلة أن إدانة حماس تكون على جوانبها الإيجابية أى «الوجه المقاوم» لأن جوانبها السلبية (المتشددة) لن تحاصر بالأمانى الطيبة إنما بتقديم أمريكا والمجتمع الدولى حلولا سياسية وتسوية سلمية عادلة للقضية الفلسطينية تقوى من المعتدلين.

مطلوب أيضا أن تصبح ورقة الاعتدال والتشدد الفلسطينى بالكامل ورقة عربية، وبحكم التلاصق الجغرافى لقطاع غزة مع مصر، والروابط التاريخية التى تربطه بالجانب المصرى، فيجب على القاهرة أن تبذل جهدا أكبر من أجل تعريب ثنائية التشدد والاعتدال الفلسطينى وربطها بقضية التحرر الوطنى وليس صراع السلطة والنفوذ بين فتح وحماس، وهو جهد مصر مطالبة أن تلعبه بالتنسيق مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولى من أجل تحويل هذه الثنائية من عبء على التحرر العربى والفلسطينى ومصدر للانقسام إلى عنصر قوة وضغط على الجانب الإسرائيلى.

زيارة وزير الخارجية الأمريكية للمنطقة يجب أن تدعم المعتدلين عمليا وليس بالكلام، وهذا لن يتم إلا بإطلاق مسار جديد للتسوية السلمية يقوم على قرارات الشرعية الدولية وحق الشعب الفلسطينى فى بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

نقلا عن "المصري اليوم"