لا يقبله الرئيس للمعادى!
لا يقبل الرئيس بالتأكيد أن يأتى يوم يقال فيه إنه سمح بتحويل ضاحية المعادى الراقية الهادئة النظيفة إلى ما يشبه كفر المعادى!.
فهذه الضاحية الجميلة هى من بين أشياء قليلة فى بلدنا لاتزال تحتفظ بجمالها القديم الذى لازمها منذ النشأة!.. والمعادى بالذات يعرفها كل الذين سكنوا فيها، أو مروا بها ذات يوم، أو حتى رأوا صورًا من بعيد لأشجارها، وشوارعها، وميادينها.. فكلها تنطق بأن هذه ضاحية شديدة التميز، وأنها حافظت على الحد الأدنى من طبيعتها التى نشأت عليها فى ١٩٠٤!.
وعندما تكون هذه الضاحية الرائعة قد نشأت فى ذلك التاريخ البعيد، فالمعنى أنها أقدم من دول حولنا فى المنطقة، ثم المعنى أننا نخطئ فى حق أنفسنا، وفى حق بلدنا، وفى حق تاريخنا، إذا فرطنا فيها، أو سمحنا بالتعامل غير المسؤول مع طبيعتها الخاصة التى يحميها القانون ١١٩ لعام ٢٠٠٨!.
شىء لا يجوز يا سيادة الرئيس على وشك الحدوث فى حق المعادى، التى كانت ولاتزال تحتضن مساكن الغالبية من الأجانب العاملين فى العاصمة!.. فالسفير الذى يمثل بلاده عندنا لا يكاد يعتبر نفسه سفيرًا إلا إذا سكن المعادى.. والسبب أن فيها علاقة خاصة بين المسكن والمساحات الخضراء، وفيها ما يسمح بعلاقة أكثر خصوصية بين الإنسان والطبيعة، وفيها من الأشجار النادرة المعمرة ما لا يوجد فى ضاحية غيرها، وفيها من الثروة العقارية البديعة ما لا يكاد يعرفه حى سواها!.
ولكن هذا كله مهدد بأن يتحول إلى سراب، إذا جرى مد محور الجزائر المرورى داخلها.. فعندها سوف يكون المحور الذى يتسامع به أبناء المعادى وبالًا على الضاحية بكاملها، وسوف يدمر التميز الجمالى والعمرانى والبيئى الذى تعرفه ضاحية لابد من الحفاظ على طبيعتها بأى ثمن!.
سوف يدوس المحور فى طريقه على الدير الكاثوليكى، وسوف يدوس على كلية ڤيكتوريا الشهيرة التى تعلم فيها الملك حسين، وعمر الشريف، ومنصور حسن، وهشام ناظر.. وكثيرون غيرهم لا يذكرون شيئًا يعتزون به قدر اعتزازهم بالتخرج فى هذه الكلية ذات الصيت العالى!.. وسوف يدوس على الكثير غير الدير والكلية!.
لا يقبل الرئيس هذا كله، ولا حتى يقبل شيئًا منه، والمؤكد أنه سينحاز إلى الحفاظ على كل قيمة معمارية أو جمالية تمثلها المعادى، وسيعطى تعليماته بالبحث عن بدائل لمسار المحور، لأن المعادى بما تمثله أغلى من أن يدوسها محور لا ينتبه ولا يبالى على أى شىء يدوس!.
نقلا عن "المصري اليوم"