رئيس التحرير
خالد مهران

د. ليلى وحكاية «الكيو آر كود» في كرداسة!

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

الدكتورة ليلى إبراهيم شلبى تشرف على صفحة الصحة فى «الشروق» منذ بداية صدور الجريدة فى فبراير ٢٠٠٩ وحتى الآن. وهى أيضا طبيبة متميزة بمعهد القلب القومى، وسيدة بر وخير مجتهدة، وتقوم بجمع تبرعات دائمة من أجل توفير احتياجات معهد القلب.
الدكتورة ليلى شديدة المثالية، بحكم طبيعتها، وبحكم أيضا أنها عاشت فى كندا وفرنسا لسنوات، وجابت العالم شرقه وغربه، وهى قبل هذا وذاك شديدة الحب لبلدها مصر. ولأنها مثالية، فهى تتعامل مع الناس بطيبة شديدة، وتتوقع أن تكون كل الأمور مثالية.
لكن ما حدث يوم الأحد الماضى، مع الدكتورة ليلى جعلها تصاب بخيبة أمل شديدة. هى ذهبت بصحبة زوجها الكاتب الصحفى الكبير مصطفى سامى ــ مدير مكتب الأهرام السابق بكندا ــ إلى مركز صحى الشيخ زايد التخصصى لاستخراج شهادة
«الكيو آر كود» من أجل السفر، طبقا لما تم إخبارها به تليفونيا. المسئولون قابلوها بصورة ودية، لكنهم أخبروها بضرورة إلغاء تسجيلها أولا فى مركز صحى زايد، ثم الذهاب للتطعيم فى مركز صحى كرداسة.
عادت إلى البيت محبطة، وظلت تحاول الاتصال لإلغاء التسجيل الأول لمدة زادت عن ست ساعات، وأخيرا جاءتها رسالة آلية، وفى النهاية ألغت التسجيل.
فى اليوم التالى ذهبت لمركز صحى كرداسة، واكتشفت أن المكان يشبه «يوم الحشر»، زحام شديد، بصورة غير طبيعية، وفوضى بلا حدود وتجاهل تام لكل الإجراءات الاحترازية.
بحكم عملها وتخصصها، فقد صدمت صدمة كبيرة لأن هذا الزحام هو الطريقة المثالية لنشر فيروس كورونا فى مكان يفترض فيه أنه يعلم الناس التطبيق العلمى والعملى لقواعد الإجراءات الاحترازية.
هى حاولت التحدث مع أى مسئول كى تلفت نظره لخطورة هذا الزحام، لكنها اكتشفت أن عدد الأطباء والممرضات الموجودين فى المركز لا يكفى بالمرة للتنظيم وتلبية تطعيم كل هذا العدد. بل إن الطبيب الموجود، وبعد أن بذل أقصى جهد ممكن، صعد إلى إحدى الموائد وحاول تنظيم الناس، وبكى بكاء حارا بسبب قلة حيلته.
الدكتورة ليلى تحدثت وحذرت وصرخت لوقف هذا المشهد، ولكن أحد الموظفين هددها باستدعاء الشرطة إذا لم تصمت أو تتوقف عن تصوير الزحام الرهيب.
حينما استمعت إلى هذه الرواية من الدكتور ليلى تعاطفت معها تماما، رغم علمى أن الزحام فى مثل هذه الأماكن، خصوصا منذ انتشار فيروس كورونا، لم يعد مفاجئا لكثيرين.
البعض من الأصدقاء انتقد الدكتورة ليلى، لأنها لم تستخدم علاقاتها المتعددة، للحصول على اللقاح والشهادة بطريقة سهلة، بدلا من «البهدلة» التى تعرضت لها.
هى ردت على هؤلاء بحدة وسألتهم: ولماذا أحصل على ميزة لا يحصل عليها غيرى، ولماذا من الأساس يغيب التنظيم عن مثل هذه الأماكن؟!
انتهى كلام الدكتور ليلى وقد شاهدت بالفعل العديد من الفيديوهات والصور التى تظهر الزحام والفوضى ليس فقط فى هذا المركز، لكن فى العديد من مراكز التطعيم بالمحافظات المختلفة، وبالتالى فلا يمكن تبرير مثل هذا التقصير بأى عذر.
السؤال الذى أتمنى أن يجد إجابة من مسئولى وزارة الصحة هو: لماذا لم يتم التأكد قبل الإعلان عن فتح هذه المراكز، من وجود العدد الكافى من الأطباء والممرضين والموظفين وأفراد الأمن، وبصورة تضمن إراحة الناس وتسهيل تطعيمهم، وفى نفس الوقت تطبيق الإجراءات الاحترازية؟
أليس طبيعيا أن يتم التأكد من الاستعدادات المسبقة، حتى لا نواجه هذا الزحام الكارثى؟ وإذا كان هناك نقص فى الأفراد، ألم يكن ممكنا الاستعانة بموظفين من أماكن أو جهات أخرى، أو تحديد عدد معين من الناس لدخول المركز يوميا، أو فتح باب التطعيم طوال اليوم عبر أكثر من وردية؟
أعرف وأدرك أن الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة تبذل مجهودا خرافيا منذ انتشار كورونا، وأعرف أن بعض مساعديها ومنهم المتحدث الرسمى د. خالد مجاهد والفريق الذى معه، يظلون أحيانا فى مكاتبهم حتى الفجر. لكن هناك ضرورة لإعادة النظر فى السيطرة على الزحام المنتشر فى مراكز «المسحات» أو التطعيم، سواء كانت مراكز عادية، أو مخصصة لاستخراج شهادات الـ«الكيو آر كود» من أجل السفر.
هذا الزحام أسهل طريقة لنشر الفيروس. وأرجو أن تكون هناك إجراءات عاجلة لتفادى ذلك، ولا يمكن أن نلوم الشعب بحجة أنه عشوائى وغير منظم، لأنه حينما تكون هناك إجراءات وقواعد للتنظيم فإنه يلتزم بها تماما، كما يحدث فى البنوك مثلا.
استمرار الفوضى، والزحام وانتهاك كل قواعد الإجراءات الاحترازية، لا يليق بمصر ولا بوزارة الصحة ولا بآدمية المواطنين.

نقلا عن "الشروق"