تقليص الصراع
بعد تجرية "أوسلو" المريرة، والعقيمة مع الاحتلال لمفاوضات السلام، والتي لم يكتب لها النجاح بسبب عقلية المحتل، ومن يسانده ويحالفه من أصحاب مدرسة الفكر الاستعماري، الذين يعتبروا أن الاحتلال صاحب دولة تقوم على أراضيه، رغم أن العكس صحيح تماماً بثبوت قرارات الشرعية الدولية، وكافة المواثيق الأممية، التي تعترف بوجود الإنسان الفلسطيني، وحقه في حريته وأرضه وسيادته وعودته وتقرير مصيره من الأرض الذي طُرد وشُرد منها في العام 48.
مساعي الاحتلال الاسرائيلي، وحكوماته المتعاقبة تقوم على فكرة تفريع مضمون جَوهر الصراع من عناوينه ومحتواه، والأخذ به لمفاهيم فردية، ذات رؤية انعزالية استعمارية عبر تقليص الصراع، ضمن توصيف الحالة القائمة أنها صراع "إنساني" يقوم على المطالبة بالحقوق المعيشية التي تحتاجها متطلبات الحياة اليومية في إطار "اقتصادي" بحت، الذي لا يعترف بالشق السياسي للصراع الفلسطيني الاسرائيلي وأسبابه ونتائجه.
مساعي دولة الاحتلال لإظهار أن واقع "الصراع" من الممكن التوصل لحلول ترضي كافة أطراف النزاع عبر البوابة الإنسانية الاقتصادية البعيدة عن الحلول السياسية، التي تكفل لشعبنا الفلسطيني الحرية والدولة المستقلة، كلها مساعي استعمارية هزيلة وفاشلة، تهدف إلى اختزال وتقليص الصراع من أجل بقاء الواقع عما هو عليه.
لا بد من إضافة موضوعية عملية ملزمة للاحتلال من خلال مؤتمر سلام قادم، تضيف لمحتوى مؤتمر "أوسلو" إضافات نوعية ملموسة في الإطار السياسي تٌمكن شعبنا من انتزاع حريته وإقامة دولته المستقلة، ضمن سقف زمني محدد مٌلْزم للاحتلال والدول الراعية للمفاوضات ومؤتمر السلام.
قبل الختام.. فكرة الاحتلال عبر مساعيه "تقليص لصراع"، وإفراغه من مضمونه ومحتواه، مساعي لفكرة فاشلة لن تقدم أو تؤخر في استنهاض الواقع شيئاً، والأمل في انجاز فكرة حل الدولتين، ضمن مؤتمر قادم للسلام.
في الختام : المؤتمر العالمي للسلام إن كٌتِبَ له النجاح في الانطلاق قريباً على طريق انهاء الصراع، لا بد أن يكون مؤتمرا حقيقياً في الجوهر والمضمون لمؤتمر سلام عادل وشامل، يضمن في مدخلاته ومخرجاته قيام دولة فلسطينية ذات سيادة وطنية وسياسية مستقلة.