ثُغَاء الخرفان!!
مع صدور قرار مجلس الأمن بشأن قضية السد الإثيوبى، سُمع فى الفضاء الإلكترونى «ثُغَاء الخرفان»، مغتبطين وفق ترجمة موهومة، تهيؤات محمومة، هلوسات بأن المجلس انتصر للجانب الإثيوبى على حساب الحق المصرى، ويبشرون المصريين بالعطش.. قمة الغباء، غباء تاريخى، كل يوم يثبتون خيانتهم، وكما قال المتنبى: «إنّ العَبيدَ لأنْجَاسٌ مَنَاكِيدُ»، والبيت ينسحب على الإخوان باعتبارهم عبيد المرشد، وأنْجَاسا، ومَنَاكِيد!!.
الكتاب يُعرف من عنوانه، والقرار واضح من عنوانه، العودة الإلزامية لطاولة المفاوضات، ولافت الترحيب المصرى بالقرار الذى محق بنصه كذب الإخوان، وكشف عنهم الغطاء، عراة من الوطنية ولا يتدارون خجلًا.. ألا تستحون؟!.
الترحيب المصرى حيثياته واضحة للعيان، مصر تؤكد «أن البيان الرئاسى الصادر عن مجلس الأمن حول سد النهضة وعلى ضوء طبيعته الإلزامية يمثل دفعة مهمة للجهود المبذولة من أجل إنجاح المسار الإفريقى التفاوضى، وهو ما يفرض على إثيوبيا الانخراط بجدية وبإرادة سياسية صادقة، بهدف التوصل إلى اتفاق قانونى ملزم حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة».
الترحيب يترجم تفاؤلًا بجولة المفاوضات المقبلة، ستكون حاسمة، القرار يقطع الطريق على تبضع الحكومة الإثيوبية الوقت لتمييع القضية، بغية تفكيك الحصار الدولى على نظام «آبى أحمد على»، رئيس وزراء إثيوبيا، المتهم بجرائم حرب فى ظل حرب أهلية ضارية، وإجبار المفاوض الإثيوبى على الانخراط بفاعلية فى مفاوضات منجزة لإنضاج اتفاق ينتظره مجلس الأمن فى أقرب فرصة. مصر والسودان- بالقطع- كسبتا معركة مجلس الأمن بصبر وعمل دبلوماسى شاق، وفشلت إثيوبيا فى مخططها لتنحية سلطة المجلس على المفاوضات، وصارت الرقابة الأممية قيدًا على الأطراف الثلاثة انصياعًا للإرادة الدولية. إثيوبيا مضطرة اليوم وغدا للانصياع، وليس لديها مُكنة المراوغة، ولا الاِسْتِئْسادٌ المزعوم، والتكبر البغيض، والتحكم فى مصدر الحياة خلف حوائط خرسانية، وتعمد تهديد حَيَوات الملايين على امتداد النهر بالعطش، بغية تسليع المياه وبيعها فى الحوض.
قرار مجلس الأمن بالإجماع ملزم، وتكليف الاتحاد الإفريقى بإنجاز المفاوضات عاجلًا تحت الرعاية الأممية يخلق وضعا مختلفا على طاولة المفاوضات، تكتسب الطاولة قوة دفع نافذة.
ما كان ينقص المفاوضات الرقابة الأممية. يقينًا، فكرة «اليد العليا» على الطاولة قطعت تمامًا، وإثيوبيا ستنخرط كطرف من أطراف ثلاثة لها حقوق وعليها واجبات، وستسعى مجبرة نحو اتفاق منصف وملزم وعادل يعتمده المجلس فى إطار مهمته فى الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين. لم يعد أمام المفاوض الإثيوبى مساحة للهروب من الالتزامات الدولية والمعاهدات التاريخية، القرار يعيد الاتزان لطاولة المفاوضات «الْمَائِلَة»، إثيوبيا باتت ظهرها للحَائِط، رقابة المجلس واقع، وهو ما قاتلت إثيوبيا للإفلات منه اكتفاءً بطاولة الاتحاد الإفريقى بمعزل عن الرقابة الدولية، وسطاء الاتحاد الإفريقى سابقا كانوا «على قد أسنانهم» كما يقولون.
الترجمة المصرية الأمينة للبيان الأممى: القرار لم يبخس حق مصر فى مياه النيل الأزرق، ولم يمكّن إثيوبيا من احتكار المياه، وأعاد الأطراف الثلاثة إلى طاولة المفاوضات مجددا تحت مظلة الاتحاد الإفريقى بسقف زمنى متفق عليه بين الفرقاء.
نقلا عن "المصري اليوم"