سيف وسنجة وجنزير
النائب العام يأمر بإحالة المتهم بقتل آخر ذبحًا والشروع فى قتل اثنين آخرين بالإسماعيلية إلى المحاكمة الجنائية العاجلة. حسنًا فعل، الردع بالقانون عنوان بيان المستشار حماده الصاوى، تفاعل حميد مع شواغل الرأى العام، وبحكمة رجل قانون حصيف، يقف على رأس القضايا الجماهيرية، يُمحِّصها، ويُحقِّقها، ويصدر بياناته تحمل اتهاماته وإحالته بثقة تامة عنوانها «العدالة الناجزة». بيان النائب العام يلفتنا إلى ضرورة تجسيد القانون على الأرض عدلًا، وهذا ما يُلجم قانون الغاب الذى يعتنقه حمَلة السنج والجنازير والسيوف، وفى الأخير يقول طيب الذكر صلاح عبدالصبور: «لا أدرى كيف ترعرع فى وادينا الطيب هذا القدر من السفَلة والأوغاد»؟!.
مراجعة بيان النائب العام درس فى تسبيب أسباب المحاكمة العاجلة، يطلبها عادلة ردعًا، وهذا عين الصواب.
ملاحظاتنا المجتمعية تقول مستوجب استكمال منظومة الردع القانونى، الشارع يحتاج إلى تشديد قانونى على حيازة الأسلحة البيضاء بغرض الاعتداء والترهيب والتخويف والتفزيع.
الأسلحة البيضاء التى نستهدفها بالتشديد القانونى السيوف والسنج والجنازير ومثيلاتها، هذه ليست أسلحة بيضاء ولكنها أسلحة قتل، ومَن يحملها قاتل محتمل مع سبق الإصرار والترصد.
القتَلة يجولون فى الشوارع متعطشين للدماء متحزِّمين بالسنج والسيوف والمطاوى!!.
كيف يمكن التساهل القانونى مع مَن يحمل سيفًا يقطع به الطريق، ومَن يتمنطق بسنجة يشجّ بها الرؤوس، ومَن يلف على يديه جنزيرًا يطوق به الضلوع، أو كرباجًا يلهب به الظهور؟.
التوصيف اعتبارها أسلحة بيضاء، أى لا تسيل منها الدماء، للأسف يُفاقم ظاهرة البلطجة، متى كانت مثل هذه الأسلحة القاتلة بيضاء؟!.
نحن لا نتحدث عن سكاكين مطبخ تُستخدم فى غير استعمالاتها المنزلية (ساعة غضب)، هذه أسلحة قتل، ربما أخطر على الأمن المجتمعى من الأسلحة النارية، أقله الأسلحة النارية مُرخَّصة، وهناك احترازات مَرْعِيّة عند استخدامها فى الدفاع عن النفس.
السيوف والسنج والمطاوى والجنازير ومثيلاتها أسلحة هجومية، لا يحملها سوى البلطجية، والعصبجية، وقُطّاع الطرق، كيف تُترك هكذا أسلحة خطيرة فى آيادٍ آثمة؟، قانون الأسلحة البيضاء يتطلب مراجعة تُلجم ظاهرة البلطجة.
الصورة الشائعة، البلطجى عادة يحمل سيفًا وكلبًا متوحشًا.. تقليد مرعب لبعض الصور المخيفة المستقاة من مشاهد عنيفة تحفل بها أفلام ومسلسلات وفيديوهات عنيفة رائجة فى الفضاء الإلكترونى.
لا نتهم أحدًا بعينه، ولكن التقليد شائع ومستوجب الحذر الرقابى.. تراكم هذه المشاهد فى الذاكرة المجتمعية يولِّف عليها بعض شُذّاذ الآفاق، ويُطبِّع معها البعض انتقامًا، فتصير سلوك حياة، مع أن سلو بلدنا صباح الخير يا جارى إنت فى حالك وأنا فى حالى.
منسوب العنف يقينًا مرتفع، والعنف المجتمعى ظاهر للعيان، لا تُخطئه عين مراقب، وكل يوم حادثة (فجيعة)، شاشات الهواتف غارقة فى الدماء، ونظرية حقى برقبتى، وحقى بدراعى، وسلوك العصبجية، والاستقواء، ورمى الجِتَت، واستسهال الذبح، كلها عوارض لأمراض اجتماعية متوطنة وسارية، لم يقف عليها خبراء الجريمة منذ زمن طويل، وعلماء الاجتماع مَدْعُوُّون إلى وقفة مُعمّقة لبيان أسبابها.
نقلا عن "المصري اليوم"