سوسكا
دار يوما حديث من القلب بينى وبين الفنانة الكبيرة «سهير البابلى»، رحمها الله، ببرنامجى «واحد من الناس» وروت لى حكايتها منذ البداية وقالت لى «أنا من المنصورة ووالدى مدرس رياضيات وإنجليزى ويعشق لعب الكرة، ووالدتى فلاحة لا هم لها سوى تربية أولادها.. أحب التمثيل منذ طفولتى، ولم أكن أريد أن أكون مثل فلانة أو فلانة، لكنى أريد أن أكون نفسى، أعمل حاجة جديدة، أحب الضحك وأكره الحزن، فلا أستطيع الجلوس فى مكان به كلام عن المرض أو الموت، يجيلى خنقة وبتعب نفسيا جدا، بس لازم أضحك.
على الرغم من تشجيع والدى لى لدخول معهد التمثيل، وموافقته، بعد محايلتى عليه، على دخول المعهد، إلا أن والدتى رفضت رفضا تاما، وأول مرة تعلم أننى أقوم بالتمثيل ذهبت لمشاهدتى فى المسرح القومى، وكنت أقوم بدور فى مسرحية «الصفقة» عن رواية الأستاذ توفيق الحكيم، وكان الدور «غازية»، وعند صعودى للمسرح، وكان بيدى «صاجات»، وبقول «يا ابن الناس الغلابة»، فوجئت بصوت عال يصدر من بنوار، وكان لوالدتى وهى تصرخ، فجريت من أمامها حتى وصلت للأوبرا وذهبت لعم نور.
وكان هو مسؤول البوابة وقلت له «الحقنى يا عم نور هاندبح النهارده، وفعلا خدنى وخبانى وأمى حضرت هى وخالتى وجابت عساكر ودخلت الأوبرا وأنكر عم نور وجودى تماما.. صالحنى والدى عليها بعد شهرين أو ثلاثة إلا أنها لم تقبل اعتذارى، لكن قبل وفاتها ذهبت لها المستشفى فى المنيل وهى على فراش الموت وقلت لها: «سامحينى يا أمى الله يباركلك سامحينى»، وقبلت قدميها وأنا أطلب منها أن تسامحنى لتجيبنى بإيماءة من رأسها بمسامحتى وبعدها توفت فورا، وحمدت الله على مسامحتها لى، فلا يوجد مثل الأم، وكان هاتف يتردد بداخلى إن لازم أمى تسامحنى والحمد لله سامحتنى. من التجارب الفنية التى سعدت بها جدا فيلم «يوم من عمرى» مع عبدالحليم حافظ، الذى كان صديقا لزوجى «منير مراد».
وكان الشغل ممتعًا مع عبدالحليم الذى أطلق عليا اسم «سوسكا»، وقال لى «بصى يا سوسكا انتى هاتبقى ستار مسرح»، وقد كان، وطلعت من هذا الفيلم بشعبية جماهيرية كبيرة، وكل من شارك فى هذا العمل طلع بشعبية جماهيرية كبيرة.. ولم تتكرر تجربتى مع عبدالحليم بعدها، على الرغم من حلفانه أنه سيأخذنى بطلة معه فى عمل من أعماله إلا أن مرضه حال دون ذلك، وكان إنسانا جميلا وصديقا عزيزا.. أما عن الكوميديا فأنا لم أصنف نفسى على أنى كوميديانة، إنما اسمها ريحك حلو على الناس أو انتى عندك حضور مع الناس والشخصية حضور حتى لو مش عارف تتكلم.
رحم الله سهير البابلى الإنسانة والفنانة الكبيرة والعظيمة. وللحديث بقية.
نقلا عن "المصري اليوم"