الموقف الأمريكي والروسي من الأزمة الأوكرانية وسيناريوهات المستقبل
بدأ دبلوماسيون كبار من الولايات المتحدة وروسيا، سلسلة من المفاوضات في العاصمة
السويسرية جنيف، في أولى المحادثات الصعبة التي تهدف إلى نزع فتيل الأزمة الأوكرانية.
ورغم أن المخاطر بالنسبة لهذه المحادثات تبدو كبيرة، لكن كلا الجانبين يحمل
توقعات مختلفة إلى حد كبير، حيث تريد الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى منع روسيا
عن غزو أوكرانيا.
وفي المقابل تريد روسيا فرض مطالبها المتمثلة بانسحاب قوات حلف الناتو من
أوروبا الشرقية، وإنهاء أي توسع شرقي للحلف، واستبعاد انضمام أوكرانيا إلى الناتو.
الموقف الأمريكي من الأزمة الأوكرانية
ترى الولايات المتحدة الأمريكية أن تكون المطالب الروسية مقصود بها تعطيل
المحادثات ومن ثم يتم استخدامها كذريعة للقيام بعمل عسكري.
بل ونفت بشكل قاطع التقارير التي تفيد بأنها تدرس إمكانية خفض القوات، لكن
المسؤولين الأمريكيين قالوا إنهم مستعدون لخفض التدريبات العسكرية في المنطقة ونشر
الصواريخ.
حل أمريكي آخر طرحه المحلل السياسي جيمس لاندل
بموقع هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي يتمثل في إحياء جزئي لمعاهدة القوى النووية
متوسطة المدى التي تخلت عنها الولايات المتحدة في عام 2019 بعد اتهام روسيا بخرق بنودها،
مع عمل المزيد من التدابير لبناء الثقة والشفافية بين روسيا والولايات المتحدة.
الموقف الروسي من الأزمة الأوكرانية
من جانبه يسعى الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين للحصول على تنازلات من تحالف غربي، ومستعد للتنازل عن الأرض لتجنب الحرب،
فبحسب رأيه فإن بوتين يطالب بإنهاء الحرب الباردة وإنشاء "مجال نفوذ" روسي.
وأكدت روسيا من خلال نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف في
تصريحاته على شبكة
سي ان ان الأمريكية إنه على الرغم من المخاوف الأمريكية بشأن زيادة القوات الروسية
على طول الحدود الأوكرانية، فإن موسكو ليس لديها نية لشن عمل عسكري.
وأضاف أن "جميع التدريبات القتالية للقوات تتم داخل أراضينا الوطنية
ولا يوجد سبب للخوف من أي سيناريو تصعيد في هذا الصدد".
الموقف الأوروبي من الأزمة الأوكرانية
ويخشى بعض الحلفاء الأوروبيين من أن هذا التنازل لو حدث لروسيا سيكون بمثابة
مكافأة كبيرة لروسيا، وهو ثمن باهظ للغاية لمحاولة تجنب الصراع في أوكرانيا،
ويعتقد بعض الحلفاء أن تكون الولايات المتحدة على استعداد لهذا التنازل حتى تتمكن من
التركيز بشكل أكبر على الصين والتحديات المحلية، مثل جائحة كوفيد -19 والاقتصاد.
ولكن الولايات المتحدة تدرك هذه المخاوف وتصر مرارًا وتكرارًا على أنها لن
توافق على أي شيء بشأن أوكرانيا أو الأمن الأوروبي بدون مشاركة تلك الدول.
تصاعد الأزمة الأوكرانية والتدخل الأمريكي
بدأ التدخل الأمريكي في الأزمة الأوكرانية الروسية أواخر ديسمبر الماضي،
حين قدمت إدارة بايدن
بهدوء 200 مليون دولار كمساعدة أمنية لأوكرانيا.
كما وفرت عدد من المعدات الدفاعية، بما في ذلك الأسلحة الصغيرة والذخيرة وأجهزة
الاتصالات والمعدات الطبية وقطع الغيار وغيرها من المعدات.
يأتي ذلك في إطار مساعدات أكثر بلغت 450 مليون دولار، تضمنت صواريخ جافلين
جديدة، وزوارق دورية بحرية، ومجموعات إسعافات أولية، وأجهزة اتصالات، ومعدات طبية،
ومحركات، ومولدات.
في المقابل ظل ما يصل إلى 100 ألف جندي روسي مُتجمعين بالقرب من الحدود الأوكرانية
، على الرغم من تحذيرات الرئيس الأمريكي
جو بايدن والقادة الأوروبيين من عواقب وخيمة في حال تحرك بوتين نحو الحرب.
وقدرت نتائج
المخابرات الأمريكية الشهر الماضي أن روسيا يمكن أن تبدأ هجومًا عسكريًا في أوكرانيا
"في وقت مبكر من عام 2022"، لكن الروس يقولون إنه ليس لديهم خطط لغزو أوكرانيا.
التوقعات السيئة لأزمة أوكرانيا
في أسوأ الأحوال، يمكن أن يؤدي انهيار المحادثات إلى حرب، فيدعي بوتين
للداخل الروسي أن الغرب لم يكن على استعداد للموافقة على مطالبه، وبالتالي اضطر إلى
العمل لضمان أمن روسيا من خلال الحرب.
ومن هنا أصر الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، على أن التحالف جاهز
لأي عمل عسكري روسي، مع عقوبات اقتصادية واسعة النطاق.
التوقعات الإيجابية لأزمة أوكرانيا
يرى المحللون
أن التقدم الفعلي في تلك المحادثات، لا يعني تغيير موقف كل طرف، بل فقط وقفًا للتصعيد،
وأن تتراجع روسيا عن التهديد الذي تمثله حاليًا على أوكرانيا، فموسكو ارتكبت مرارًا
وتكرارًا خلال العقد الماضي أعمالًا عدوانية ضد جيرانها - جورجيا ومولدوفا وأوكرانيا
في عام 2014 ، والآن التهديد مُتجدد بشأن أوكرانيا".
التوقعات الحالية للأزمة الأوكرانية
في كلتا الحالتين، حقق بوتين بالفعل بعض المكاسب، حيث فاز بفرصة من خلال
تلك المحادثات؛ للتعبير عن مطالبه وإجبار الولايات المتحدة وأوروبا على الانخراط في
أجندته لإصلاح الناتو.
وبشكل عام كلا الجانبين يقللان من شأن التوقعات بشأن صفقة فورية، لكنها
أيضًا تُلقي مزيدًا من الضوء على نوايا بوتين وتكشف عن جديته بشأن الانخراط في العملية
الدبلوماسية.
خاصة مع استمرار المحادثات خلال هذا الأسبوع، والتي تبدأ بمحادثات أمريكية روسية، ثم مفاوضات الناتو مع روسيا يوم الأربعاء في بروكسل، تليها محادثات يوم الخميس في فيينا بين روسيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.