رئيس التحرير
خالد مهران

أسرار تحرك المؤسسات الدينية «الثلاثة» لوقف الطلاق والزواج المبكر وحماية الزوجة الأولى

شيخ الأزهر
شيخ الأزهر

أعلنت المؤسسات الدينية في مصر ، أطر ومحاور المشروع التوعوي المشترك بين الأزهر الشريف، ووزارة الأوقاف، ودار الإفتاء المصرية، والذي يهدف إلى زيادة الوعي الأسري والمجتمعي بقضايا الأسرة، ويعالج مشكلاتها، ويعزز تماسكها واستقرارها.

 

الحوار المجتمعي يهدف إلى الحد من مشكلة الطلاق، وذلك من خلال رفع الوعي بمخاطر المشكلة لدى المواطنين، وتعميق الشعور بآثارها السلبية على الفرد والمجتمع لدى الفئات المعنيّة ببناء الوعي لا سيّما الخطباء والوعاظ وباحثي الفتوى والمأذونين والإعلاميين وغير ذلك من الفئات المجتمعية؛ بهدف الحفاظ على كيان الأسرة واستقرار المجتمع المصري، بالتنسيق مع كل المؤسسات المعنية في الدولة.

 

وتضم اللجنة التنفيذية المكلفة بإدارة وتنسيق الحوار المجتمعي، كلًّا من الدكتور أسامة الحديدي، المدير التنفيذي لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، ورئيس وحدة لمّ الشمل وبرنامج التوعية الأسرية والمجتمعية، والدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى ومدير عام مركز الإرشاد الزوجي بدار الإفتاء المصرية، والدكتور أيمن أبو عمر، وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة.

  

وكشف الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، عن ملامح المشروع التوعوى، وهو أن الوزارة فتحت بالفعل حوارا مجتمعيا للحد من ظاهرة الطلاق في مصر، كما أن الحوار سيتضمن ندوات تثقيفية ودورات تدريبية وورش عمل، وكذلك استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في الحوار المجتمعي.

 

وأوضح وزير الأوقاف، أنه سيجرى التثقيف حول عدة ملفات منها: حقوق الزوجية والحياة الزوجية، والحد من الزواج المبكر، مؤكدا على أنه كلما نضج الإنسان وأصبح معد نفسيا وكان قادرا على تحمل المسؤولية، كلما كانت الأسرة أكثر استقرارا، مشددا على أهمية ثقافة التأهيل قبل الزواج.


وبدأ مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونى، حملة توعوية تستهدف استقرار الأسرة وحمايتها من التَّفكُّك، مشيرا إلى قول سيدنا رسول الله ﷺ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ».

 

وأكد المركز، أن الحياة الزوجية السعيدة لا مكان فيها لعنف أو شدة؛ وإنما قوامها الرفق وسعة الصدر واللين، قال سيدنا رسول ﷺ: «إنَّ الرِّفقَ لا يكونُ في شيءٍ إلَّا زانه، ولا يُنزعُ من شيءٍ إلَّا شَانَه».

 

كما أن النية الصادقة في الإصلاح بين الزوجين؛ سبب من أسباب نجاح الحَكَمين في إنجاز مهمة الإصلاح، ولم شمل الأسرة، التي هي لبنة المجتمع الأولى، والتي إن صلحت صلح المجتمع كله، وإن فسدت فسد المجتمع؛ قال الله عز وجل: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا }.


وكيل الأزهر يدعو الأزواج للتريث في أمر الطلاق احترامًا للميثاق وحفاظًا على الأسرة

وتفعيلا لمضمون الاجتماع بدأت أولى فعاليات التوعية بمحاضرة للدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، مع عدد من أئمة وواعظات الأوقاف، في افتتاح الدورة الأولى المتخصصة في مجال الأحوال الشخصية، بمسجد النور بالعباسية، وذلك في إطار التعاون بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء المصرية للتثقيف المجتمعي والتوعية بمخاطر التسرع في الطلاق.

 

وأكد وكيل الأزهر، أن رسالة الإمام والداعية رسالة عميقة ومؤثرة في المجتمع، وعليهم دور ومسؤولية كبيرة للحفاظ على كيان الأسرة بالتعاون مع كل مؤسسات الدولة والجهات المعنية، ولا يتوقف دورهم عند الحديث عن العبادات وإنما من أهم واجباتهم الانتشار بين الناس في الشوارع والمساجد والأندية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي وتوعية الناس وتحصينهم من المفاهيم المغلوطة حول الأحوال الشخصية والعلاقة بين الأزواج وكذلك بين الآباء والأبناء.

 

وأوصى الدكتور الضويني، الأزواج بضرورة التريث قبل اتخاذ أي قرارات تتعلق بالطلاق، والتفكير ومراجعة النفس وعدم الوقوع تحت تأثير كلام الأقارب والأصدقاء وغيرهم؛ بل التفكير في شأن كيان الأسرة والأبناء، وأن ميثاق الزواج ميثاق غليظ يجب احترامه من قبل الأزواج، وقد أضفى عليه الإسلام قدسية خاصة، ولا يليق بهذا العقد الشرعي أن تتفكك الأسرة بسبب عصبية زائدة أو بسبب التسرع وتشريد الأسرة والأبناء والتزاحم على المحاكم، بل الواجب هو الحفاظ على التماسك الأسري ومستقبل الأبناء ونظرة أقرانهم والمجتمع إليهم.

 

وأوضح وكيل الأزهر، أن هذه الأمور والفتاوى والقضايا التي تم رصدها فيما يتعلق بمشكلات الزواج والطلاق تتطلب مضاعفة الجهود فيما يتعلق بتأهيل المقبلين على الزواج، وضرورة قيام الأسرة بدورها في تأهيل أبنائهم حتى يكونوا مؤهلين لتحمل المسؤولية، مشيرًا فضيلته إلى أهمية دور الإعلام والدراما والفن كذلك في معالجة هذه المشكلات وعدم تعميقها.


فيما بدأت دار الإفتاء، حملة توعوية سبقتها بإنشاء مركز الإرشاد الزواجى، وتضمنت حملات الدار التوعوية أن الشرعُ الشريف أمر الزوجَ والزوجة بإحسان عِشْرة كل منهما إلى الآخر، وقد جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم معيار الخيرية في الأزواج قائمًا على حُسْن معاملتهم لزوجاتهم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي» (رواه الترمذى)؛ لذلك كان منهج النبي كما تحكيه زوجته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها؛ قالت: «مَا ضَرَبَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئًا قط بيده، ولا امرأةً ولا خادمًا» (أخرجه مسلم).

لفتت إلى أن استنادُ البعض لانتهاك جَسِد المرأة بالضَّرْب الوارد الآية الكريمة: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34]، ما هو إلا فَهْمٌ سقيم يخالف المنهج النبوي؛ لأنَّ الآية لا يُقْصَد منها إيذاء الزوجة ولا إهانتها، وهذا يتفق مع ما صَحَّ عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه نهى عن ضَرْب النساء بقوله: «لاَ تَضْرِبُوا إمَاء الله» ومعلوم أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان أعلم الناس بمقاصد القرآن الكريم وأحكامه.


وأحكام الشريعة الإسلامية وقواعدها تقتضي تحريم العنف الجسدي والنفسي ضد الزوجة، لاسيما وأنَّ الحياة الزوجية مبناها على السكن والمودة والرحمة؛ قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: 21].