رئيس التحرير
خالد مهران

عيد الحب.. قصة الملك الذي تنازل عن عرشه من أجل الحب

إدوارد وواليس سيمبسون
إدوارد وواليس سيمبسون

 

في 14 فبراير من كل عام يحتفل الملايين حول العالم بعيد الحب.

ويحمل هذا العيد اسم "الفلانتين" نسبة إلى قديس بهذا الاسم يُعد راعيا للعشاق في العالم. وقد جاء اختيار 14 من فبراير (التاريخ الذي يعتقد أنه قتل فيه عام 269 بعد الميلاد) عيدا للعشاق في كثير من الدول.

وقد بدأ الاحتفال بعيد الحب، منذ منتصف القرن التاسع عشر، حينما حوَّل التجار الأمريكيون تقليدا دينيا شعبيا لإحياء ذكرى القديس فالنتين إلى حدث معاصر.

وفي عيد الحب نجد الفرصة لتسليط الضوء على واحدة من أبرز قصص الحب في القرن العشرين وهي قصة إدوارد الثامن ملك إنجلترا الذي تنازل عن عرشه ليتزوج بمن يحبها وهي المطلقة الأمريكية الليدي واليس سيمبسون.

من هو إدوارد الثامن؟

اسمه بالكامل هو إدوارد ألبرت كريستيان جورج أندرو باتريك ديفيد وقد وُلد في 23 يونيو من عام 1894 بريتشموند في ساري بإنجلترا، وتوفي في 28 مايو من عام 1972 في العاصمة الفرنسية باريس.

 

كان أمير ويلز بين عامي 1911 و1936، وملك بريطانيا من 20 يناير الثاني إلى 10 ديسمبر من عام 1936، عندما تنازل عن العرش من أجل الزواج من المطلقة الأمريكية واليس سيمبسون.

 

وكان الملك البريطاني الوحيد الذي تنازل طواعية عن العرش.

 

وكان والده، الذي أصبح الملك جورج الخامس عام 1910، منضبطا وصارما. وإدوارد هو الابن الأكبر لجورج والملكة ماري، وأصبح وريثا للعرش عند تولي والده في 6 مايو من عام 1910.

 

المفارقة أن قصة تنازل إدوارد الثامن عن العرش من أجل امرأة على عاطفيتها وزخمها الكبيرين، انتهت بطريقة محزنة وبائسة، نتعرف عليها في هذا التقرير بمناسبة عيد الحب، أو ما يعرف بيوم القديس فالنتين.

يشار إلى أن إدوارد الثامن،‏ كان ملكا ابريطانيا ودول الكومونولث وأيرلندا والهند، منذ وفاة والده جورج الخامس في 20 يناير 1936 حتى تنازله عن العرش في 11 ديسمبر 1936، وكان أيضا يتمتع في وقت من الأوقات، بشعبية كبيرة كولي للعرش أولا ثم ملاكا متوجا. أحبه الناس، لأنه على عكس ممثلي العائلة المالكة البريطانية الآخرين، حاول مساعدة عوام الناس والتقرب من مشاكلهم  وهمومهم.

 

 قبل فترة وجيزة من تنازله عن العرش، زار الملك البريطاني إدوارد الثامن جنوب ويلز، حيث كان عمال المناجم يعانون الفقر في ذلك الوقت. كان العمال حينها يتضورون جوعا. بعد عودته إلى لندن، قرر ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة لتحقيق استقرار في الوضع، إلا أن الحكومة لم تكن راضية عن ذلك.

 

تغيرت حياة الملك إدوارد الثامن  بشكل جذري في عام 1931، حين تصادف أن التقى بامرأة أسرت قلبه إلى الأبد، كانت هذه السيدة أمريكية مطلقة مرتين تدعى واليس سيمبسون.

كان إدوارد يعلم جيدا أنه وفقا للتقاليد القديمة، يمكن فقط لمن تدخل القفص الذهبي لأول مرة أن تصبح عروسا للملك، فيما كانت حبيبته قد تركت وراءها حفل زفاف وطلاقين، ولم تستطع حتى أن تحلم بمكانة الملكة، إلا أن كل ذلك لم يمنعه عن المضي قدما في الطريق إليها.

 

العائلة المالكة كانت على دراية تامة بحالة الملك الرومانسية، وذلك بفضل المعلومات التي تلقتها من وحدة خاصة في سكوتلاند يارد، كانت تتولى منذ عام 1935  تتبع إدوارد وحبيبته سيمبسون.

 

وكانت التقارير التي تصل بانتظام إلى العائلة قد كشفت أن حبيبة إدوارد لها عشيق، يبدو أن الملك لا يعرف بأمره. وكان عشيق حبيبة الملك تاجر سيارات، واستمرت هذه العلاقة إلى أن تنازل إدوارد عن العرش.

 

وتقول تقارير إن إليزابيث، الملكة البريطانية الحالية كانت تدرك أن إدوارد يتمتع بشعبية كبيرة بين عوام الناس. ولتجنب الاضطرابات والأزمات في القصر، اتبعت سياسة خاصة، وفضّلت التزام الصمت بشأن خيانات واليس، وحرصت على عدم إبلاغ الملك بخيانات حبيبته.

 

وحين وجد الملك إدوارد الثامن نفسه مجبرا على الاختيار بين العرش وحبيبته، أراد أن يلقي على رعاياه خطابا يطلب فيه منهم البقاء في العرش وفي نفس الوقت الزواج من حبيبته الأمريكية، إلا أن رئيس الوزراء منعه من ذلك.

 

وفي المحصلة، تنازل الملك، وحكم عليه شقيقه الأصغر جورج السادس بالنفي، فيما جرت الموافقة على أن تدفع للملك السابق مخصصات نقدية  تليق بدوق وندسور، وذلك لأن إدوارد أصبح دوقا بعد تنازله عن العرش.

 

 استقر إدوارد وزوجته، التي أصبحت أيضا تحمل لقب دوقة، في باريس، وحاول الملك السابق الحفاظ على شكليات الترف الضائع، ولم يكن يفوّت المناسبات الاجتماعية التي تألقت فيها زوجته، وحتى في منزله كان يرتدي ملابس تليق بالعائلة المالكة.

 

حتى حين ساءت حالته الصحية وأصيب بمرض عضال، كان يطلب من أصدقائه مرافقة زوجته إلى المناسبات الاجتماعية، وهي على علمها بمرض زوجها الخطير، كانت تستمتع بوقتها وكأن الأمور تسير على أحسن حال.

 

ولما أصبحت أوجاع السرطان لا تطاق، فضّل إدوارد النوم في غرفة خلفية حتى لا تنزعج زوجته بأنينه، وكانت آخرة عبارة همس بها إدوارد المحتضر لزوجته تقول: "كان كل شيء عبثا".

 

يقال إن هذه العبارة عذّبت أرملته حتى آخر أيامها، ويبدو أن الملك السابق أدرك بعد فوات الأوان أن محبوبته لم تكن تستحق تضحيته بالعرش والعناء الذي تكبده كي يبقى إلى جوارها.

 

تبقى مثل ها النوع من التضحيات في سبيل الحب نادرة، لعل آخرها ما جرى للأميرة اليابانية ماكو، ابنة ولي العهد الياباني الأمير أكيشينو وحفيدة الإمبراطور أكيهيتو التي خسرت لقبها، بعد أن تزوجت، من كي كومورو الذي درست معه في جامعة طوكيو الدولية.

 

بزواجها من رجل من عامة الناس، فقدت ماكو لقب الأميرة، حسب مقتضيات القانون الياباني، ورفض العروس والعريس تنظيم أي حفل رسمي.

 

اكتفيا بتسجيل زواجهما في بلدية منطقة شيبويا في طوكيو، ثم مضيا إلى مؤتمر صحفي في أحد الفنادق.

 

وذهبت الأميرة اليابانية السابقة أبعد، إذ رفضت أيضا استلام مبلغ قدره 50 مليون ين، وهو ما يعادل 1.3 مليون دولار، يمنح بصورة تقليدية لنساء العائلة الإمبراطورية حين يغادرنها للزواج خارج أعرافها.