رئيس التحرير
خالد مهران

«ضريبة الشمس» تثير الجدل بين أوساط المستثمرين في الطاقة المتجددة

 الطاقة المتجددة
الطاقة المتجددة

في خطوة مثيرة للجدل، فرضت وزارة الكهرباء على محطات الطاقة الشمسية التي تُنتج أكثر من 500 كيلو وات من الطاقة رسومًا لوزارة الكهرباء للمساعدة في تحمل تكلفة ربط الطاقة المُنتجة بالشبكة القومية للكهرباء.

وبحسب وزارة الكهرباء، سيدفع مشغلو محطات الطاقة الشمسية ما يتراوح بين 27 قرشًا إلى 30 قرشًا لكل كيلووات ساعة كـ«رسوم دمج»، وفقًا لقرار صادر عن جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك نهاية شهر يناير الماضي.


ويسري القرار على جميع محطات الطاقة الشمسية التي تزيد قدرتها عن 500 كيلووات، سواء كانت الطاقة تستخدم فقط للاستهلاك الذاتي أو ما إذا كان يجري تغذية الفائض في الشبكة، وتأتي الرسوم الجديدة في وقت تواجه فيه هوامش الربح في القطاع ضغوطًا شديدة وسط ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتكاليف الشحن.

يأتي ذلك في الوقت الذي نصت فيه الرؤية الحكومية على وجود أهداف طموحة للطاقة المُتجددة، فقبل قمة تغير المناخ «COP27» المُقررة في شرم الشيخ هذا العام، تعهدت مصر بتعزيز قدرة الطاقة المتجددة لتغطية 42% من احتياجات الكهرباء في البلاد بحلول عام 2030، ارتفاعًا من 10% حاليًا؛ لكن قد يصعب تحقيق هذا الهدف بسبب رسوم الدمج الجديدة، بالإضافة إلى القرار الأخير برفع التعريفة الجمركية للألواح الشمسية بنسبة 5%.

الصناعة تفقد قدرتها التنافسية

كما قال المحللون، إن الصناعة قد تفقد قدرتها التنافسية بسبب تطبيق الرسوم المُتجددة على مصادر الطاقة المُتجددة، مع إعفاء الطاقة التقليدية من الرسوم مما يؤدي إلى فقدان الطاقة المُتجددة لميزتها التنافسية.

إلى ذلك نجحت مصر في تحقيق طفرة في إنتاج الطاقة المتجددة، وتبنت برنامجًا طموحًا للطاقة الجديدة والمُتجددة، يستهدف توليد 42% من الكهرباء بحلول العام 2030 من الطاقة الجديدة والمُتجددة، وبلغ إنتاج مصر من الطاقة الكهرومائية خلال العام الماضي نحو 14 ألف جيجاوات في الساعة، كما سجلت مشروعات طاقة الرياح إنتاج نحو 5.4 ألف جيجاوات في الساعة، فيما بلغت الطاقة المنتجة من الخلايا الشمسية المتصلة بالشبكة حوالي 4.5 ألف جيجاوات في الساعة، فضلا عن 86 جيجاوات في الساعة مولدة من مشروعات الوقود الحيوي.


ووفقًا لوزير الكهرباء الدكتور محمد شاكر، فإن فرض رسوم دمج على محطات الطاقة الشمسية الأكثر من 500 كيلو وات تأتي في مقابل استخدام الشبكة القومية للكهرباء؛ لتوزيع القدرات المولدة من المحطة من خلال الشبكة القومية للكهرباء.

وأضاف في بيان صادر عنه، أن هذه الرسوم التي أُعلن عنها من جانب الوزارة سيتم تطبيقها على المستثمرين الكبار في مجال الطاقة الشمسية والمتجددة، مشيرًا إلى أن الوزارة مسئولة عن مد محطات الطاقة الشمسية التي يتم إدماجها بالشبكة القومية للكهرباء في حالة وجود أي توقف للمحطة الشمسية، وذلك عبر نظام صافي القياس.

وأشار «شاكر» إلى أن هذا القرار ليس له علاقة بعرقلة المستثمرين في مجال الطاقة المُتجددة، مشددًا على حرص الوزارة على تقديم كل التسهيلات أمام كافة العاملين والمستثمرين في مجالات الطاقة المتجددة.

سابقة خطيرة

من جهته، قال أيمن عبد الحليم، المدير التنفيذي لجمعية الطاقة المستدامة، إن القرار يُثير القلق والمخاوف بين الشركات في القطاع، واصفًا بأنه سابقة خطيرة تتعارض مع سياسة الدولة في تنمية قطاع الطاقة الشمسية.

وأضاف، أن القطاع توقع تطبيق الرسوم ولكن القيمة لم تكن واضحة، حيث أُعلن عن رسوم الدمج للمرة الأولى في أبريل 2020؛ لكن لم تُحدد قيمتها في الفترات السابقة.


ولفت إلى أن قيمة الرسوم قد يؤثر على مشروعات الطاقة المتجددة في المستقبل، لكن تلك التي نُفذت بعد أبريل 2020 قد وافقت على دفع رسوم الدمج، مضيفًا أن هذا التوجه من الوزارة تتعارض مع رؤية رئيس الجمهورية التي تقضي بتعظيم نسبة مساهمة الطاقة الشمسية والمُتجددة في زيادة إنتاج الطاقة النظيفة بمصر.

وأشار «عبد الحليم» إلى أن هذا القرار من جهاز تنظيم مرفق الكهرباء سيُزيد من حالة الإحباط والقلق لدى المستثمرين في قطاع الطاقة المتجددة، ويؤدى بالطبع إلى الإحجام عن ضخ المزيد من الاستثمارات في هذا المجال، وسيؤثر كذلك على قرار المستهلك للطاقة الشمسية في كل القطاعات «المنزلي، الصناعي، التجاري»، موضحًا أنه سيتأثر تمامًا بهذا الرسم «ضريبة الشمس»، لأنه سيؤثر في دراسة الجدوى لقرار الاستثمار في محطات الطاقة الشمسية أو الشراء من منتجي الكهرباء من الطاقة الشمسية، وسيفقد هذه الصناعة الميزة التنافسية التي كانت تتمتع بها وهى انخفاض سعر الطاقة المولدة من محطات الطاقة الشمسية، وهو ما كان يمثل الدافع الرئيسي لاتخاذ قرار الاستثمار.

وتساءل المدير التنفيذي لجمعية الطاقة المستدامة: «هل تم التنسيق بين أجهزة الدولة المختلفة قبل صدور هذا القرار؟»، مضيفًا أنه من الواضح أن هناك جهات هامة تدعم التوسع في إنتاج الكهرباء النظيفة، وعلى رأسها رئاسة الجمهورية، وهناك تعليمات رئاسية بصدور تشريعات لحزمة من الإجراءات لدعم وتحفيز الاستثمار في الطاقة المتجددة؛ مما يعنى أن هناك من يرغب في إعاقة الأهداف الرئاسية.

مناشدة الرئيس

ولفت «عبد الحليم» إلى أنه لم يتم النقاش مع جمعيات المستثمرين وممثليهم بهذا الشأن، مضيفًا أن جمعية تنمية الطاقة تناشد رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء تأجيل إصدار هذا القرار لحين النقاش والحوار في هذا الشأن لإنقاذ هذه الصناعة الهامة.

ويتفق الدكتور هاني بركات، رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية الألمانية للطاقة الشمسية، مع «عبد الحليم» في أن قرار الضريبة بشكله الحالي سيكون بمثابة عبء إضافي على التكلفة.


وأضاف، أن تكلفة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية لا تزال مرتفعة نسبيًا بالمقارنة بمصادر الطاقة التقليدية، لافتًا إلى ضرورة وضع خطة قومية لتحقيق عائد للحكومة على المدى الطويل دون التأثير بالاستثمارات في هذا القطاع.

وأكد «بركات»، أهمية دعم قطاع الطاقة المتجددة في هذه المرحلة لتشجيع الاستثمارات على الصمود وعدم الانسحاب إلى قطاعات أخرى، مضيفًا أن إحدى المشكلات الرئيسة التي تُواجه التوسع في قطاع الطاقة الشمسية تتمثل في أن معظم الألواح والخلايا مستوردة في ظل محدودية الإنتاج المحلي.

وطالب رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية الألمانية للطاقة الشمسية، بضرورة التعاون بين القطاعين العام والخاص لزيادة المكون المحلي، مؤكدًا أنه عندما يتحقق ذلك يمكن فرض ضريبة تحقق عائدًا للدولة، وتضمن في الوقت نفسه العائد المستهدف من المحطات الشمسية.

ولفت إلى أن التكلفة النهائية لتركيب وتشغيل المحطات الشمسية لا تزال مرتفعة نظرًا لاستيراد الخلايا والألواح من الخارج.

تشجيع المواطنين على استخدام الطاقة الشمسية

بينما قال الدكتور محمد موسى عمران، رئيس جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك، إنه تم إعفاء محطات الطاقة الشمسية الأقل من 500 كيلووات من دفع ذلك المقابل، موضحًا أن هذا القرار يأتي من منطلق تشجيع المواطنين على إنشاء محطات طاقة شمسية لإنتاج الكهرباء أعلى أسطح المنازل والشركات.

ونفى «عمران» ما يتردد حول فرض ضرائب جديدة على محطات الطاقة الشمسية أو كما يطلقون عليها «ضريبة الشمس»، مؤكدًا أن هذا الكلام بعيد تمامًا عن الصحة، موضحًا أن مقابل الدمج مُتفق عليه من قِبل جميع مستثمري الطاقة الشمسية الحاصلين على تصاريح أو تراخيص من الجهاز؛ حيث وافقوا على تحمل مقابل الدمج وفقًا لضوابط وشروط التراخيص الممنوحة لهم.

وأضاف رئيس جهاز تنظيم مرفق الكهرباء، أن جهاز تنظيم مرفق الكهرباء لا يملك فرض ضرائب؛ لأنه ليس من اختصاصه، مشيرًا إلى أن مَن تكون لديه محطة أكبر من 500 ك.و.س وغير مربوط بالشبكة القومية للكهرباء لن يتم تحميله مقابل الدمج.

وتابع: «من المتوقع أن يعلن جهاز تنظيم مرفق الكهرباء والطاقة المتجددة، خلال المدة المقبلة رسمًا قدره 30 قرشًا على كل كيلووات/ ساعة تُربَط على الشبكة القومية للكهرباء، وهو المعروف في أوساط العاملين بمجال الطاقة المتجددة في مصر باسم ضريبة الشمس».