جحود الآباء..
«الداخلية» تكشف قصة فيديو تعذيب طالب الغربية على يد والده
في واقعة تُشعل أزمة جحود الآباء على الأبناء من جديد، وهي الأزمة التي طفت على السطح خلال الأيام الماضية، خاصة بعد واقعة«الطفل الباكي»، حيث كشفت أجهزة وزارة الداخلية ملابسات تداول مقطع فيديو على أحد الحسابات الشخصية عبر موقع التواصل الإجتماعى "فيسبوك"، متضمنًا قيام أحد الأشخاص بالتعدى على نجله بالضرب.
جحود الآباء على الأبناء
ويأتي ذلك في إطار جهود أجهزة وزارة الداخلية لكشف ملابسات تداول مقطع فيديو على أحد الحسابات الشخصية عبر موقع التواصل الإجتماعى "فيسبوك"، متضمنًا قيام أحد الأشخاص بالتعدى على نجله طالب الغربية بالضرب، لتفتح هذه الواقعة الباب من جديد لمواجه أزمة جحود الآباء على الأبناء بالتوعية.
وتبين من خلال الفحص أنه بتاريخ 19 الجارى تبلغ لمركز شرطة المحلة بمحافظة الغربية من إحدى المستشفيات باستقبالها (طالب، مقيم بدائرة قسم شرطة المحلة بالغربية) مصاب بجروح متفرقة بالوجه.
وبسؤال الطالب المصاب اتهم والده بالتعدي عليه بالضرب، وعلل ذلك بسبب حدوث مشادة كلامية بينهما، وعقب تقنين الإجراءات تمكنت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الغربية من ضبط المذكور.
وبمواجهته اعترف المتهم بارتكاب الواقعة لوجود خلافات أسرية بينهما، وحُرر عن ذلك المحضر اللازم بالواقعة وتولت النيابة العامة مباشرة التحقيقات.
واستعرض موقع «النبأ الوطني» في (ملف شامل) حكايات من دفتر عقوق الوالدين، وجحود الآباء والأمهات على الأبناء آخرها «عم صالح» والفنان «رشوان توفيق» و«الطفل الباكي» جميعها وقائع أدمت قلوب المصريين خلال الأيام الماضية.. لمطالعة التفاصيل اضغط هنــــا
ولا يخفى على أحد وجوب طاعة الوالدين، وأن طاعتهما من طاعة الله عز وجل، وأن عقوقهما وعصيانهما كبيرة من الكبائر، بل إنها تلى فى بعض النصوص كبيرة الشرك بالله، ولعل كثيرًا من الناس يحفظون النصوص الواردة فى القرآن الكريم، ومنها قول الله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)، وقول النبي- صلى الله عليه وسلم: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر- قالها ثلاثًا–قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين. وجلس- وكان متكئًا- فقال: ألا وقول الزور. قال فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت).
وأيضًا إذا كان للآباء على الأبناء حق الطاعة فى غير معصية الخالق عز وجل، والبر بهم والإحسان إليهم، فإذا وَفَّى بها الأبناء كانوا بارين بآبائهم وأمهاتهم، وإذا أخلوا بها كانوا عاقين لهما، فإن للأبناء على الآباء كثيرًا من الحقوق إذا ما وفوا بها كانوا بارين بأبنائهم وإذا أخلوا بها كانوا عاقين لهم أيضًا.
ويبدو أن حقوق الأبناء على الآباء أكثر فى عددها من الحقوق التى للآباء على الأبناء، فإذا كانت حقوق الآباء على الأبناء تبدأ من وقت إدراك الأبناء وتمييزهم بين البر والعقوق، وإذا كانت مؤاخذة الشرع للأبناء تبدأ من وقت بلوغهم الحلم–وهو وقت طويل بعد ولادتهم–فإن حقوق الأبناء على الآباء تبدأ قبل وجودهم إلى الحياة، بل تبدأ قبل أن يصيروا أجنة فى أرحام أمهاتهم.
وتبدأ حقوق الأبناء على الآباء من بداية التفكير فى الزواج وبناء الأسرة، ومن ذلك أن يختار المقبل على الزواج زوجة تتوافر فيها مؤهلات ومواصفات الأم الصالحة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)، فالشاب المسلم المقبل على الزواج ينبغى عليه أن يجعل همه الأكبر فى الاختيار صلاح الدين واستقامة الأخلاق، فإن كان مع ذلك المال أو الجمال أو الحسب فبها ونعمت، وإنما رُشحت المرأة ذات الدين لتكون زوجة، لأنها الأصلح من حيث القيام بحقوق الزوجية وتحقيق مقصودها من السكن والمودة والرحمة، والأوفر حظًّا من حيث القيام بمهام الأم التى هى أكثر كثيرًا من مهام الأب الذى ينشغل بتوفير متطلبات الحياة الكريمة لأسرته وما يقتضيه ذلك من مشقة وعناء.
أما حق الابن جنينًا، فإذا ما حملت الزوجة، فمن حق الحمل على الوالدين الحفاظ عليه ومتابعة نموه وعدم اجهاضه، فإذا ما وُلِدَ فمن حقه عليهم أن يختاروا له اسمًا حسنًا لا يُعيَّر به من أقرانه، وأن يتعهدوه بالتربية السليمة، وأن يعلموه أمور الدين والعادات الطيبة، وأن يراقبوا سلوكياته وأخلاقياته، يقول النبى صلى الله عليه وسلم: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم فى المضاجع).
ومن حقوق الأبناء على الآباء النفقة عليهم وتأمين حاجتهم من مطعم ومشرب وملبس ومسكن على قدر المستطاع، يقول النبى صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء إثمًا أن يضيع مَن يعول)، وتلزم الإشارة فى هذا السياق إلى ضرورة العدل بين الأبناء وعدم تفضيل بعضهم على بعض فى العطاء إلا لزيادة حاجة بعضهم كاختلاف نفقات التعليم أو العلاج ونحوه، ولا يحق تخصيص بعض الأبناء بجزء من الأموال أو الأملاك ليكون زائدًا على ميراثه حين يقتسم مع إخوته تركة أحد الوالدين، فعن النعمان بن بشير، أنه كان يقول: أراد أبى أن يَنحِلنى شيئًا ويُشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أكل ولدك نَحَلتَ مثله؟ فقال: لا! ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اعدلوا بين أولادكم فى النَّحْل، كما تحبون أن يساووا بينكم فى البر).
وأيضًا من حقوق الأبناء على الآباء أيضًا توجيههم وحسن صحبتهم حتى يشبوا ويستغنوا بأنفسهم ويكونوا قادرين على تكوين أسر جديدة، ولا يظن الآباء–وهو حال كثير منهم مع الأسف–أن واجبهم تجاه الأبناء ينحصر فى الإنفاق عليهم، فتجد بعضهم يغدقون الأموال على أبنائهم، فإذا ما تعثر الأبناء فى دراستهم مثلًا أو ظهر عليهم بعض السلوكيات غير المرغوب فيها، تعالت صرخاتهم بأنهم ينفقون عليهم كذا وكذا، مع أن كثيرًا من الشباب الصالح النافع لنفسه ومجتمعه نشأ فى كنف والدين لا يكادون يملكون من حطام الدنيا شيئًا!.
ولذا، فإن حسن تربية الأبناء ورعايتهم وغرس القيم الصحيحة فى نفوسهم هى الضمانة الحقيقية لصلاحهم وإفادتهم أنفسهم ووطنهم، وليس السخاء المالى الذى قد يكون سببًا فى فساد الأبناء لا صلاحهم، فكثير من المنحرفين والمتعاطين للمخدرات ورواد الحانات وحتى المتطرفين هم ممن أفسدهم الآباء بالانشغال عن تربيتهم وتوجيههم ورعايتهم روحيًّا واجتماعيًّا، وإن كانوا يغدقون عليهم من الأموال التى قد تسهل عليهم الانغماس فى ملذاتهم وشهواتهم.
ومن ثم، فإن على الآباء أن يحرصوا على بر أبنائهم إن أرادوا أن يبرهم أبناؤهم، ولا يُتوقع بر من أبناء تُركوا بلا تربية ولا تعليم ولا توجيه ولا مراقبة، فيا أيها الآباء بروا أبناءكم يبروكم، فإن عققتموهم فلا تستعجبوا عقوقهم، فكما تدين تدان، وضعوا نُصب أعينكم قول النبى صلى الله عليه وسلم: (ألا كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راعٍ، وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهى مسؤولة عنهم، والعبد راعٍ على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته).