أعلنت التعبئة للحرب وأطلقت صاروخا بالستيا.. كيف تستغل كوريا الشمالية الأزمة الأوكرانية للانتقام من أمريكا؟
استغلت كوريا الشمالية الحرب الروسية على أوكرانيا، وحملت الولايات المتحدة الأمريكية مسئولية إندلاع الأزمة، كما أعلنت حالة التعبئة للحرب وأطلقت صاروخا بالستيا، وصوتت ضد القرار الأمريكي في الأمم المتحدة الذي يدين الغزو الروسي لأوكرانيا.
بيونغ يانغ تتهم واشنطن بممارسة الغطرسة
اتهمت بيونغ يانغ واشنطن بممارسة الغطرسة التي أدت إلى اندلاع الأزمة في أوكرانيا، وتجاهلها مطالب روسيا المشروعة باحترام أمنها.
وجاء في بيان نشر على موقع وزارة خارجية كوريا الشمالية أن "السبب الجذري للأزمة الأوكرانية يكمن في إرادة الولايات المتحدة وغطرستها، التي ظلت متمسكة بالعقوبات والضغط أحادي الجانب، وتسعى فقط إلى الهيمنة العالمية والتفوق العسكري، متجاهلة مطالب روسيا المشروعة باحترام أمنها".
وطالب الحزب الحاكم فى كوريا الشمالية، جميع المسؤولين، بالاستعداد للتعبئة، وحتى للحرب، عقب تدهور العلاقات بين روسيا والدول الغربية على خلفية عمليتها العسكرية فى أوكرانيا، حسب وكالة الانباء الروسية "سبوتنيك".
ونقلت إذاعة "آسيا الحرة" عن مسؤولين حكوميين فى بيونج يانج، قولهم إن السلطات الكورية الشمالية انتظرت أياما لتخبر المواطنين بشأن العملية العسكرية فى أوكرانيا، التى تهدف إلى نزع سلاح كييف ودرأ تهديداتها.
وقال المسؤولون، إن السلطات أخبرت أعضاء حزب "العمال" الكورى الحاكم فقط فى البداية، خلال اجتماعات خاصة، ثم نشرت المعلومات لاحقا عبر الأعضاء الذين عادة ما يكونون من العسكريين والشخصيات البارزة.
وقال السفير الكوري الشمالي لدى الأمم المتحدة، كيم سونغ، إن السبب الجذري للأزمة الأوكرانية هو الهيمنة الأمريكية والغربية.
وقال كيم في جلسة الأمم المتحدة الطارئة الخاصة بشأن الأزمة الأوكرانية في مقر الأمم المتحدة إن الولايات المتحدة والغرب مهووسين بالسلوك المتسلط وأحادي الجانب تجاه البلدان الأخرى.
وقال كيم إنه بينما تتجاهل الولايات المتحدة والغرب مطالب روسيا المعقولة والشرعية بتقديم ضمانات أمنية قانونية، أضعفوا بشكل منهجي البيئة الأمنية الأوروبية من خلال توسيع حلف الناتو شرقا ونشر أنظمة الأسلحة الهجومية.
وقال، أننا نتذكر بوضوح كيف انتهكت الولايات المتحدة والغرب سيادة وسلامة أراضي العراق وأفغانستان وليبيا بذريعة السلام والأمن الدوليين.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى التي دمرت هذه الدول، تحث على احترام سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها.
كما أطلقت كوريا الشمالية صاروخًا بالستيًا حسبما أعلنت سيول، في وقت يركّز العالم على الأزمة الأوكرانية الروسية، حيث توقّع محللون أن تستفيد بيونغ يانغ من انشغال الولايات المتحدة بالغزو الروسي لأوكرانيا لإجراء تجارب جديدة.
كوريا الشمالية والأزمة الأوكرانية.. التشخيص والتداعيات
وتحت عنوان« كوريا الشمالية والأزمة الأوكرانية.. التشخيص والتداعيات»، كتب السيد صدقي عابدين، باحث في العلوم السياسية - متخصص في الشئون الآسيوية، في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية،: بينما تدور رحى الحرب في أوكرانيا تدور طاحونة التصريحات في شتى أرجاء العالم حول ما يحدث في تلك المنطقة الساخنة من العالم. وبقدر سخونة الأوضاع تسخن النقاشات في الأمم المتحدة. وقد سجلت كوريا الشمالية موقفها مما يحدث من على تلك المنصة مثلها مثل غيرها من الدول بعدما تحول النقاش حولها إلى أروقة الجمعية العامة، بعدما أحبطت روسيا اتخاذ قرار في مجلس الأمن. وقد صوتت كوريا الشمالية ضد قرار الجمعية العامة الذي اعتمد في 2 مارس الجاري (2022) وأدان بــ "أشد العبارات العدوان الروسي على أوكرانيا" وطالب "روسيا بالكف، فورًا، عن استخدامها للقوة ضد أوكرانيا والامتناع عن أى تهديد أو استخدام غير قانوني للقوة ضد أي دولة عضو"، كما طالبها بـ "السحب الفوري والكامل وغير المشروط لجميع قواتها العسكرية من أراضي أوكرانيا داخل حدودها المعترف بها دوليًا"، لتنضم إلى أربعة دول فقط إلى جانب روسيا اتخذت موقف الرفض.
هذا الموقف الواضح والصريح يحمل دلالات كثيرة، ويؤشر على وجود قراء مغايرة، بل وربما تكون متفردة في بعض جوانبها لما يحدث في أوكرانيا، إذا ما تم استثناء القراءة الروسية بطبيعة الحال. فما الذي يجعل كوريا الشمالية تتخذ هذا الموقف؟ وما الذي يطرحه هذا الموقف من إشكاليات؟ وما الذي يمكن قراءاته من تداعيات لللأزمة الأوكرانية على قضايا جوهرية بالنسبة لكوريا الشمالية؟ وبالتبعية ما تفرضه هذه التداعيات من تأثيرات على علاقات بيونج يانج بالقوى الرئيسية صاحبة التأثير في شبه الجزيرة الكورية؟.
قراءة بيونج يانج
تذهب بيونج يانج إلى أنه لا يمكن النظر إلى ما يجري في أوكرانيا حاليًا دون النظر إلى الجذور والتي تحمل المسببات الحقيقية لما يجري. المنطلق الكوري الشمالي على هذا الصعيد يتلخص في أن السياسات الأمريكية التي لا تقيم اعتبارًا لأمن الدول الأخرى وتبحث فقط عن الهيمنة هي التي أوصلت الأمور إلى ذلك الوضع. وتشير في هذا السياق إلى الاستمرار في توسيع حلف شمال الأطلنطي جهة الشرق الأوروبي، ونشر الأسلحة الهجومية التي تمثل تهديدًا لروسيا، مما أدى إلى إضعاف البنية الأمنية في أوروبا. فالولايات المتحدة والغرب رفضا التجاوب مع مطالب الضمانات الأمنية الروسية. وبناءً على ذلك فالمسئولية كاملة تقع على عاتق واشنطن من وجهة نظر بيونج يانج.
لم تكتف بيونج يانج بذلك وإنما ذهبت إلى أن الولايات المتحدة والغرب قد دمروا دولًا مثل العراق وأفغانستان في انتهاك واضح لسيادتها ووحدة أراضيها، وتتحدث اليوم عن سيادة ووحدة أراضي أوكرانيا. وزادت على ذلك بأن الولايات المتحدة وحلفائها بمثابة التهديد الأكبر للسلم والأمن الدوليين، وأن السلام لن يحل في العالم أبدًا ما دام استمرت سياسة التفرد الأمريكي والمعايير المزدوجة.
هذه هي الصورة العامة لرؤية كوريا الشمالية للأزمة الأوكرانية. وهناك مجموعة من الملاحظات حول هذه الرؤية:
1- تلك الرؤية لا يمكن فصلها عن مجمل الرؤية الكورية الشمالية لواقع التفاعلات في المجتمع الدولي، ونمط التحالفات والشراكات. فمن المعروف أن ما قالته بيونج يانج بحق واشنطن ليس بالجديد وليس وليد الأزمة الأوكرانية، وإنما هو إدراك راسخ لديها على مدار عقود منذ نشأتها. وهذا الإدراك لم يتغير حتى في فترات التقارب النسبي كما حدث في نهاية الولاية الثانية للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، أو عندما عقدت قمتان بين الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج ـ أون والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في كل من سنغافورة وهانوي، وما سبقهما ورافقهما وتبعهما من مفاوضات على مستويات مختلفة.
2- يلاحظ أن كوريا الشمالية في الوقت الذي حمَّلت فيه واشنطن المسئولية كاملة لم تأت على ذكر أي مسئولية تقع على عاتق روسيا. وكأنها تقول إن روسيا هي الضحية التي لم تجد من سبيل للدفاع عن أمنها إلا ما قامت به. وهذا أيضًا يفهم في سياق العلاقات النوعية بين البلدين على مدار عقود. فروسيا ومعها الصين هما حائط الصد بالنسبة لبيونج يانج، سواء في المحافل الدولية أو على الصعيد الثنائي.
3- يستتبع ذلك بطبيعة الحال رفض فرض عقوبات على روسيا، خاصة وأن كوريا الشمالية مثلها مثل روسيا والصين ودول أخرى ترفض فكرة فرض عقوبات فردية من قبل الدول تجاه بعضها البعض. كما أن كوريا الشمالية تعتبر العقوبات التي فرضها مجلس الأمن عليها، والتي لكي تفرض لا بد من موافقة روسيا والصين أيضا، تعتبرها نوعًا من أنواع إعلان الحرب عليها. لكنها في ذات الوقت تدرك أن كلًا من موسكو وبكين يحدان من غلواء عقوبات المجلس من ناحية، ويمكناها من التغلب على آثارها من ناحية ثانية، كما أنهما يطالبان بتخفيفها تمهيدًا لرفعها إذا أريد لبيونج يانج أن تكون أكثر تجاوبًا بخصوص برامجها التسليحية.
4- ما ذكرته بيونج يانج حول مباديء احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شئونها يحمل نوعًا من التناقض. فإذا كانت الولايات المتحدة قد انتهكت هذه المباديء كما تقول بيونج يانج، فلا يعني ذلك أن تقوم غيرها من الدول بذات التصرفات، خاصة إذا ما كانت بيونج يانج تتحدث عن سيادتها بنوع من القدسية.
مستقبل السياسة الكورية الشمالية على ضوء الأزمة
هناك قضايا كثيرة برزت مع اشتعال الأزمة الأوكرانية، خاصة في مراحلها الأخيرة من بينها قضية الضمانات الأمنية، وما يمكن تسميته بجدوى امتلاك السلاح النووي. وهاتان قضيتان مركزيتان لدى كوريا الشمالية. وسيتناول هذا الجزء هاتين القضيتين بالإضافة إلى قضية علاقات بيونج يانج بالقوى الرئيسية صاحبة التأثير في شبه الجزيرة الكورية.
1- الضمانات الأمنية: كثر استخدام هذا المصطلح في الشهور الأخيرة من جانب قوة كبرى ممثلة في روسيا، والتي طلبت صراحة من واشنطن ضمانات أمنية مكتوبة ومتفق عليها وقانونية ملزمة. وقد أوضحت السطور الماضية موقف كوريا الشمالية من هذه القضية. بيونج يانج دائمًا ما تقول إن أمنها مهدد من قبل الولايات المتحدة بالأساس، وأن الأخيرة تريد القضاء عليها، والتخلص من النظام القائم فيها، وأنها تحشد كل أنواع الأسلحة بما فيها غير التقليدية لهذا الغرض، كما أنها تقيم شبكة تحالفات معادية في المنطقة، وتجري تدريبات دورية هي المستهدف الرئيسي منها.
ومن ثم فإنها كانت ومن قبل روسيا تطالب باحترام مصالحها الأمنية مطالبة بضمانات أيضًا. والآن وقد رفضت واشنطن التعامل الإيجابي مع مطالب موسكو الأمنية. فإن بيونج يونج ستفقد ثقتها أكثر وأكثر في واشنطن. ومن ثم فقد تتراجع أي فرص للحوار، علمًا بأنه منذ توقف الحوار على إثر فشل قمة هانوي فبراير 2019 ومع مجيء الرئيس جو بايدن أوائل العام 2021 فإن باب الحوار مشرع من قبل واشنطن وكذلك من قبل سول لكن بيونج يانج لم تتجاوب معه. وفي المقابل استمرت في تدعيم قدراتها العسكرية، وكثفت في الفترة الأخيرة سلسلة تجاربها الصاروخية. والتي ترافقت مع التصعيد الذي كان يحدث في شرق أوروبا، مما حدى بالبعض لاعتباره استغلالًا للظرف. وإن كان مثل هذا الطرح لا يمكن التسليم به كلية، خاصة على ضوء السياسة الكورية الثابتة فيما يتعلق بإيلاء الأولوية المطلقة لبناء قدراتها العسكرية بما فيها القدرات غير التقليدية. خاصة وأنها تعتبرها الضمانة الأهم لبقائها وسيادتها وكرامتها وأمنها.
لكن ما حدث في الحالة الأوكرانية يطرح مسألة ذات شقين فيما يتعلق بالضمانات الأمنية. فإذا كانت بيونج يانج ترى أن واشنطن لم تحترم متطلبات الأمن الروسي، ولم تقدم الضمانات اللازمة لروسيا، ومن ثم تصرفت روسيا على نحو ما تصرفت به حيال أوكرانيا، فإن هناك شقًا آخر للمسألة يتعلق بالضمانات الأمنية التي كانت قد قدمت لأوكرانيا من قبل روسيا ذاتها ومعها كل من الولايات المتحدة وبريطانيا في مقابل تخليها عن أسلحتها النووية، ومن ثم انضمامها لمعاهدة حظر الانتشار النووي.
2- جدوى امتلاك السلاح النووي: شهدت الأيام الأخيرة بروز بعض التلميحات الأوكرانية، ومن ثم تعليقات عليها حول التخلي عن فكرة عدم امتلاك السلاح النووي، خاصة على ضوء ما يعتبره الأوكرانيون نكوصًا بالوعود التي قطعت لهم مقابل تخليهم عن السلاح النووي، وهي ليست وعودًا شفهية كتلك التي تتحدث عنها روسيا فيما يتعلق بعدم توسع حلف الناتو شرقًا، وإنما مكتوبة ومسجلة ومودعة لدى الأمم المتحدة. هذه القضية تصب في صالح الطرح الكوري الشمالي الذي ما دام دافعت عنه، والمتمثلة خطوطه العريضة في أنها لم تكن تريد امتلاك السلاح النووي، وأنها قد اضطرت لذلك تحت ضغط التهديدات الوجودية الخارجية. وفي السابق كانت تقول إنها مستعدة للتخلي عن هذا السلاح لكن ليس دون مقابل ومن ضمن المقابل الضمانات الأمنية. تُرى بعد الذي حدث مع أوكرانيا هل ستستمر بيونج يانج في نهجها الخاص بإمكانية التخلي عن سلاحها النووي؟. أغلب الظن أن النتيجة تصب في اتجاه البعد عن هذا النهج تمامًا، والتمسك أكثر بالرادع النووي، ومن ثم السعي لتعزيزه. وعلى ذلك فلا يستبعد الإقدام على تجارب نووية جديدة، جنبًا إلى جنب مع الاستمرار في تطوير القدرات الصاروخية، بما في ذلك تلك بعيدة المدى، والتي تطلق من الغواصات، إضافة إلى كل جوانب دعم القوة العسكرية.
3- العلاقات مع كوريا الجنوبية والقوى الأربع الرئيسية: بالنسبة للعلاقات بين الكوريتين، فإن الأزمة الأوكرانية جاءت في ظل ما يمكن تسميته بوضع التجميد في تلك العلاقات، فبعد انفراجة العامين 2018 و2019 عادت الأمور إلى التراجع، وإن لم تبلغ مستويات التوتر العالية التي بلغتها في فترات سابقة. ويعود ذلك بالأساس إلى النهج التصالحي الذي تنتهجه إدارة الرئيس مون جي ـ إن، والذي استمر في الحديث عن فتح باب الحوار مع الشمال والاستعداد للقاء جديد مع زعيم كوريا الشمالية في أي وقت، ليس هذا فحسب بل وطرحه لفكرة الوصول إلى اتفاق سلام ينهي حالة الهدنة المستمرة منذ نهاية الحرب الباردة. كل هذا على الرغم من استمرار بيونج يانج في تجاربها الصاروخية، وتصرفات أخرى حيال العلاقات مع سول.
الآن وفي ظل تداعيات الأزمة الأوكرانية. والتي قد تزيد كوريا الشمالية تصلبًا في مواقفها، وعلى ضوء التباين التام في القراءة الكورية الجنوبية للأزمة الأوكرانية عن القراءة الكورية الشمالية، وكذلك في ظل انتظار رئيس جديد في البيت الأزرق بسول قد تكون توجهاته حيال الشمال مختلفة تماما عمًا عليه الحال إذا ما فاز مرشح حزب المعارضة الرئيسي، هذه العناصر مجتمعة قد تدفع بالعلاقات إلى مزيد من التوتر. لكن هل يصل هذا التوتر إلى حد الاشتباكات العسكرية؟ وهل تصل تلك الاشتباكات إلى درجة الحرب الشاملة؟ وهل يكون الهدف من تلك الحرب في حال نشبت توحيد شبه الجزيرة الكورية بالقوة؟. مثل هذه التساؤلات وغيرها طرحت بقوة على خلفية الأزمة الأوكرانية، تمامًا كما طرحت تساؤلات مشابهة بالنسبة للعلاقات بين الصين وتايوان. من وجهة نظر الباحث فإن هناك متغيرات كثيرة في شمال شرقي آسيا ليس هذا موضع الدخول في تفاصيلها تجعل مثل هذه السيناريوهات الحدية مستبعدة على الأقل في المدى القريب، وأن الأمور ستظل في نطاق إدارة الأزمات وتطويقها وليس تفجيرها عسكريًا كما حدث في أوكرانيا.
ينصرف مصطلح القوى الأربع الرئيسية في الأدبيات المعنية بالدراسات الكورية إلى كلٍ من الولايات المتحدة والصين وروسيا واليابان، وهي القوى صاحبة التأثير الأكبر بدرجات متفاوتة في شبه الجزيرة الكورية، ومن ثم فإنها كانت تشارك إلى جانب الكوريتين في المفاوضات السداسية المتعلقة بالبرنامج النووي الكوري الشمالي.
وإذا كان التحليل قد أشار بشكل مقتضب إلى ما يؤشر لطبيعة علاقات بيونج يانج بكل من الصين وروسيا من ناحية والولايات المتحدة من ناحية أخرى، فإن علاقات بيونج يانج مع طوكيو يمكن أن تصنف في ذات الخانة التي تصنف فيها علاقات بيونج يانج وواشنطن. وهنا يبرز الاتفاق الأمريكي- الياباني حيال الأزمة الأوكرانية. ولا يجب إغفال ما بين روسيا واليابان من خلافات حدودية قديمة أيضًا.
المحصلة في هذا السياق أن الأزمة الأوكرانية سترسخ من أنماط تفاعلات كوريا الشمالية مع محيطها الإقليمي المجاور جغرافيًا ممثلًا في كلٍ من روسيا والصين واليابان والمجاور استراتيجيًا ممثلا في الولايات المتحدة. وربما ستأخذها باتجاه ترسيخ نمط التقارب مع موسكو وبكين من ناحية والتباعد مع واشنطن وطوكيو من ناحية ثانية. ويمكن أن تخف حدة التباعد بعد فترة، خاصة إذا ما تم الاتفاق على تسوية الأزمة الأوكرانية في إطار تفاهمات في مناطق وقضايا مختلفة، ربما يكون من بينها تخفيف القيود عن كوريا الشمالية.