تفاصيل صفقات الإمارات والسعودية وقطر لشراء أكبر 5 شركات مصرية رابحة
ارتفعت حصة الدول الخليجية فى مصر بعدما قامت الإمارات والسعودية وقطر بضخ حزمة من الاستثمارات والودائع بالبنك المركزي المصري، في خطوة يراها بعض المحللين مثيرة للجدل، في حين يراها البعض بأنها إيجابية لدعم الاقتصاد المصري المتضرر بشدة من أزمات الحرب الروسية الأوكرانية، فضلًا عن سياسة الاقتراض التي بدأتها الدولة قبل أعوام ومستمرة فيها حتى الآن.
في البدء أعلنت الإمارات العربية المتحدة عن حزمة استثمارات بنحو 2 مليار دولار في 23 مارس، ومن ثم جاءت قطر، التي قالت في 29 مارس إنها خصصت 5 مليارات دولار للاستثمار في مصر، وقبل أيام، أعلنت المملكة العربية السعودية إيداعها 5 مليارات دولار في البنك المركزي المصري.
وكان الدعم والمساعدات الخليجية بلغت حتى عام 2019، نحو 92 مليار دولار على شكل دعم نقدي من خلال ودائع مالية دولارية في البنك المركزي، أو مساعدات نفطية أو مساعدات نقدية لا ترد، وفقًا لصحيفة فوربس.
ودائع خليجية
كانت بداية المساعدات الخليجية، ودائع مالية تقوم الدولة بإيداعها لسنوات، وبحسب البيانات الصادرة عن البنك المركزي في فبراير الماضي، كانت تراجعت قيمة الودائع السعودية في نهاية سبتمبر الماضي إلى 2.3 مليار دولار مقابل 5.3 مليار دولار في نهاية يونيو 2021.
وفي أكتوبر الماضي، قدمت السعودية وديعة بقيمة 3 مليارات دولار أخرى للبنك المركزي، فضلًا عن تمديد الودائع السابقة بمبلغ 2.3 مليار دولار.
ووفقًا لبيانات البنك المركزي، تراجعت قيمة الودائع الخليجية لدى البنك إلى 11.9 مليار دولار في نهاية سبتمبر الماضي مقابل 15 مليار دولار في نهاية يونيو الماضي.
وبحسب تقرير الوضع الخارجي للبنك المركزي، توزعت الودائع العربية بين 5.67 مليار دولار للإمارات العربية المتحدة، و4 مليارات دولار للكويت، و2.3 مليار دولار للسعودية.
فيما بلغت قيمة الودائع الكويتية 4 مليارات دولار يستحق منها مليارا دولار في أبريل 2022، وأخرى بقيمة ملياري دولار في سبتمبر 2022.
وبلغت قيمة الودائع الإماراتية في البنك المركزي 6.19 مليار دولار منها 5.67 مليار دولار ودائع و732 مليون دولار فوائد على هذه الودائع في أكتوبر الماضي، وتستحق أول شريحة من الودائع الإماراتية في النصف الأول من العام المقبل بقيمة 794 مليون دولار.
شراء أصول
لكن سياسة الودائع والمساعدات لم تدم طويلًا، إذ بدأت الإمارات تشترط شراء أصول وأملاك، إذ كانت الحكومة المصرية تحتاج إلى الأموال، وبدأت الإمارات خطتها عبر الاستحواذ على 18% من البنك التجاري الدولي، وتستهدف الإمارات شراء حصة الحكومة بالبنك ويمتلك البنك عددا من الشركات أبرزها فوري بلس، وفالكون للخدمات الأمنية.
كما اشترت الإمارات حصة في شركة فوري لخدمات الدفع الإلكتروني وتصل قيمتها السوقية إلى 17 مليار جنيه.
كما اشترت الإمارات حصة في شركة أبوقير للأسمدة وتبلغ قيمتها السوقية 32 مليار جنيه، وتأسست الشركة وفقًا للقرار الوزاري عام 1976 وتمتلك الشركة نحو 6 مصانع لإنتاج السماد واليوريا في الإسكندرية، وتعد أكبر منتج لسماد اليوريا العادي بمصر وشمال إفريقيا وتصدر الشركة سنويًا نحو مليون طن أسمدة، وحققت الشركة صافي أرباح يقدر بنحو 3.51 مليار جنيه العام الماضي.
كما اشترت الإمارات حصة كبيرة في شركة الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع وتصل القيمة السوقية للشركة 16 مليار جنيه، وبلغت أرباح الشركة حوالي 1.55 مليار جنيه العام الماضي.
فضلًا عن شراء حصة كبيرة في شركة مصر لإنتاج الأسمدة "موبكو" وتصل القيمة السوقية للشركة إلى 23 مليار جنيه، وهي أكبر مصنع لإنتاج الأسمدة النيتروجينية في مصر، وحققت الشركة أرباحا بقيمة 4.79 مليار جنيه العام الماضي.
وخلال أول أبريل الجاري، وقعت المجموعة المصرية للمحطات متعددة الأغراض، الذراع التجارية لوزارة النقل، مذكرة تفاهم مع موانئ أبوظبي، للإشراف على عمليات التطوير بميناء العين السخنة وإدارة عملياته، وفقا لبيان صدر من هيئة أبوظبي للإعلام.
استثمارات قطرية وسعودية
منذ عام 2011 وحتى مارس 2022، بلغ حجم الاستثمار القطري في مصر 2.7 مليار دولار، أبرزها في قطاعات البنوك والعقارات والطاقة، لكن بعد زيارة لوزير المالية والخارجية القطريين لمصر، أعلنت قطر اعتزامها ضخ استثمارات جديدة بقيمة 5 مليارات دولار في مصر.
وكانت العلاقات بين القاهرة والدوحة توترت في عام 2013 عقب الإطاحة بحكم جماعة الإخوان المسلمين وردت مصر وديعة قطرية كانت في البنك المركزي بقيمة 2 مليار دولار.
وقالت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط، إن جهاز قطر للاستثمار، والصندوق الثروة السيادي التابع له، سيجري الاستثمارات المقترحة طويلة الأمد.
وبعد يومين، من حزمة الاستثمارات، أعلنت شركة قطر للطاقة المملوكة لحاكم قطر، في بيان لها عن موافقتها على الاستحواذ على حصة قدرها 40% في منطقة استكشاف مملوكة لشركة إكسون موبيل في البحر المتوسط.
واستحوذت شركة الطاقة الأمريكية العملاقة على منطقة امتياز شمال مراقيا البحرية في أواخر عام 2019، وستواصل تشغيل النسبة المتبقية البالغة 60% بموجب الاتفاقية التي لا تزال خاضعة للموافقات التنظيمية.
وتأتي الاتفاقية بعد أشهر قليلة من دخول قطر للطاقة لأول مرة إلى قطاع التنقيب عن النفط والغاز في مصر، حيث أعلنت في ديسمبر استحواذها على حصة قدرها 17% في منطقتين للتنقيب عن النفط والغاز تديرهما شركة شل في البحر الأحمر.
كما تعهدت المملكة العربية السعودية بتقديم 15 مليار دولار لدعم مصر، لتُعد بذلك أحدث دولة خليجية تعلن انضمامها لدعم اقتصاد يتعرض لضغوط متزايدة من الحرب في أوكرانيا ويسعى للحصول على مساعدة صندوق النقد الدولي.
بيع الأصول حلول مؤقتة
من جهتها، قالت منى مصطفى، محللة الاقتصاد الكلي، إن سياسة بيع الأصول قد تنجح في توفير النقد الأجنبي، لكن بشكل مؤقت وغير مستدام، نظرًا لأن حصيلة البيع بمثابة دفعة إنقاذ قد تُستخدم في سداد الديون، وربما استيراد السلع الأساسية، ولن تستثمر في مشروعات تُدر عملات أجنبية، واصفةً هذه الآلية بـ«بالمسكنات».
وأضافت، أن مصر شهدت أزمة دولارية بسبب خروج نحو 15.8 مليار دولار من مصر منذ بدء الأزمة الروسية الأوكرانية، حسب «مصطفى».
وكانت مصر قد سجلت صافي أصول أجنبية بالسالب في نوفمبر الماضي نحو «-7.1 مليار دولار»، حسب بيانات البنك المركزي.
ويمثل صافي الأصول الأجنبية حجم ما تملكه البنوك من أصول بالعملة الأجنبية (ودائع، أوراق مالية…)، مخصومًا منه التزاماتها بالعملة الأجنبية، ويعني تسجيله قيمًا إيجابية امتلاك البنوك فائض نقد أجنبي يفوق التزاماتها، أما صافي الأصول الأجنبية بقيمة سالبة فيعني أن التزامات البنوك بالنقد الأجنبي تفوق ما تملكه منه.
وأشارت محللة الاقتصاد الكلي، إلى أن الأزمة الحالية لن يتم حلها لا بتحرير سعر الصرف ولا بيع الأصول، لكن من خلال تبني سياسات وخطط واضحة للتصنيع والإنتاج الحقيقي، لتلافي آثار «التضخم المستورد».
وحول توفر خيارات لتوفير النقد الأجنبي دون بيع الأصول قالت مصطفى: «لا يوجد إما بيع الأصول أو الاقتراض وكلاهما حلول مؤقتة».
الإسراع في إتمام صفقة الاستحواذ
إلى ذلك، يقول رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، إن قرار استحواذ صندوق ثروة أبوظبي على 18% من أسهم البنك التجاري الدولي لم يأت بين يوم وليلة، ولكنه جاء بعد دراسة اقتصادية من جانب الإماراتيين والمسؤولين المصريين أيضًا.
وحول توقيت إعلان الصفقة، يرى «عبده»، أنه قد يكون تمت عملية إسراع للصفقة، لكن الأساس أن الصفقة كانت تتم دراستها قبل هذا التاريخ، وتتوافق هذه الرؤية مع إعلان بنك أبو ظبي الأول، أكبر البنوك الإماراتية التي أعلن عنها في 9 فبراير الماضي، عندما أعلن عن تقديمه عرضًا لشراء حصة حاكمة في المجموعة المالية هيرميس القابضة، وهي إحدى أكبر بنوك الاستثمار في مصر والشرق الأوسط، إذ تنتشر بسبعة أسواق إقليمية، و13 دولة بـ4 قارات لتغطي خدماتها 75 سوقا مختلفا.
وبحسب المعلومات الخاصة بالصفقة، ووفقا لإفصاح «هيرميس» للبورصة المصرية، يسعى «أبوظبي الأول» للاستحواذ على 51% كحصة حاكمة من الشركة الرائدة في قطاع الخدمات المالية، بسعر مبدئي 19 جنيها للسهم، ما يسعر الصفقة عند 18.5 مليار جنيه أي نحو 1.2 مليار دولار.
ويُشير «عبده» إلى أن مصر تعاني من نقص في العملة الأجنبية «الدولار»، وبالتالي كان لا بد لها من البحث عن سبل أخرى، لتوفير السيولة الدولارية، خاصة وأن سوق السندات والأذون يعاني بعد رفع الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة بنسبة 0.5% خلال الأسابيع الماضية.
ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أن الاقتصاد المصري يُعاني من أزمة حقيقية، وبالتالي كان لا بد للحكومة من البحث أي مصادر لإدخال العملة الأجنبية، وهذا ما تم في هذه الصفقة، مشيرًا إلى إمكانية الاستفادة من الخبرات المتراكمة لدى الإماراتيين في مجال السياسات النقدية وإمكانية تعظيم الاستفادة من تلك الصفقة.
وحول تخوف البعض على أسرار العملاء، يُوضح رشاد عبده، أن البنك المركزي المصري يُشرف على هذه البنوك سواء الخاصة أو الحكومية بشكل مباشر، ويحق له خلال مرتين في العام مراجعة كل القوائم والحسابات الخاصة بالعملاء، من خلال وحدة إدارية تكون مهمتها الإشراف والرقابة على تلك البنوك.
ويُتابع، أن اللغط حول الأسرار وغيره، لم يحدث لما تم بيع الملاك الفرنسيين بنك سوسيته جنرال إلى قطر، أو لما تم بيع بنك عودة من ملاكه اللبنانيين إلى أجانب، لافتًا إلى ضرورة متابعة سوق النقد من جانب المتخصصين وعدم الالتفات للشائعات.