مخطط الرئيس الأمريكي بايدن لفرض الديانة الإبراهيمية على الشرق الأوسط
يعود الحديث مجددًا عن الديانة الإبراهمية، هذه المرة عن طريق الرئيس الأمريكي جو بايدن، في حفل البيت الأبيض بمناسبة عيد الفطر، وقال في كلمة بتلك المناسبة إن الأديان الثلاثة الرئيسية متشابهة فى نواح كثيرة.
وأضاف: «للمرة الأولى منذ عقود، تلاقت الأيام المقدسة للديانات الإبراهيمية الثلاثة في نفس الوقت، فكروا فى الأمر، وهذه رسالة يا رفاق وأنا أؤمن بهذا حقا»، وهو ما اعتبرها البعض دعوة صريحة من الرئيس بايدن لتبني فكرة الديانة الإبراهيمة بشكل صريح.
ووصل الأمر إلى خروج تقارير من البيت الأبيض عقب كلمة الرئيس الأمريكي تفيد بوجود محادثات بين الإدارة الأمريكية وعدد من القيادات والمؤسسات الدينية في العالم بخصوص طرح فكرة الديانة الإبراهمية الجديدة أو على الأقل نشر الأمور المتشابهة بينهم.
هذا الكلام طرح العديد من المخاوف لدى الشعوب الإسلامية، من أبرزها حول إمكانية فرض الرئيس بايدن الفكر الإبراهيمي على الشعوب وخاصة منطقة الشرق الأوسط كورقة لأحلام السلام بالمنطقة مع العدو الإسرائيلي، وهل هناك محادثات تمت بين الإدارة الأمريكية والمؤسسات الدينية في الدولة الإسلامية وخاصة الأزهر؟.
وكانت قد انتشرت وثائق تزعم بوجود مخطط جديد يتم إعداده في مطبخ الولايات المتحدة الأمريكية، يقوم على خلق ديانة جديدة تفرض على شعوب منطقة الشرق الأوسط، تعرف بـ«الديانة الإبراهيمية».
وهناك وثيقة بعنوان «الولايات الإبراهيمية المتحدة» وأن فكرة هذه الوثيقة بدأ العمل على تنفيذها من عام 2013، أي من سبع سنوات فقط، وأن التطبيق والتنفيذ على الأرض يتم بسرعة كبيرة من جانب الإدارة الأمريكية.
وفقًا للوثائق الأمريكية، فإن المخطط الجديد الذي يتم إعداده الآن في مطبخ الولايات المتحدة الأمريكية، يقوم على خلق ديانة جديدة على شعوب منطقة الشرق الأوسط، تعرف بـ«الديانة الإبراهيمية»، تكون حلًا لجميع مشاكل الشرق الأوسط، فجميع مشاكل الأديان الثلاثة، اليهودية والمسيحية والإسلام، جاءت بعد ولادة السيد المسيح والدعوة المحمدية، أي بعد سفر النبي إبراهيم أبو الأنبياء، وتسعى الولايات المتحدة لفرضها كحل دائم للسلام في الشرق الأوسط الجديد الذي أصبح على مشارف التحقق.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، بمناسبة مرور عام على توقيع «اتفاقيات إبراهيم»، إن هذه هي اتفاقيات غير مسبوقة وتشكل فصلًا جديدًا في تاريخ السلام في الشرق الأوسط.
وأكد «بينيت» أن دولة إسرائيل ترحب بإبرام الاتفاقيات الاستراتيجية التي تم التوقيع عليها بينها وبين دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين.
وشكر «بينيت» قيادة الإمارات والبحرين على شجاعتها وجرأتها اللتين سمحتا بإقامة العلاقات الدبلوماسية، كما شكر الإدارة الأمريكية التي سعت ودعمت ووسطت دون هوادة من أجل إنجاح ذلك، مشيرا إلى أن «العلاقات بين دولنا توجد مجرد في بدايتها، ولكنها قد حققت الآن ثمارًا كثيرة».
وأوضح «بينيت» أن حكومة إسرائيل ستواصل تطبيق هذه الاتفاقيات سعيًا إلى شرق أوسط مستقر وآمن ومزدهر، من أجل مستقبل أطفالنا -على حد وصفه-.
موقف الأزهر
من جانبه أفادت مصادر مُطلعة داخل مشيخة الأزهر لـ«النبأ» بعدم وجود أي مشاورات أو محادثات سرية أو علانية تمت بين الأزهر والإدارة الأمريكية أو حتى وساطة حول الديانة الإبراهيمية المزعومة، وأكدت المصادر رفض الدكتور أحمد الطيب أي حديث في هذا الأمر سواء بصفة ودية أو رسمية، خاصة وأن الأزهر لن يتراجع عن قراره برفض تلك المهارتات ـكما أعلن الطيب من قبل- حتى لو كان هذا الأمر سوف يحل القضية الفلسطينية، فلن يكون على حساب الإسلام.
ووجه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، رسالة حاسمة وقوية لكل الداعين لتوحيد الديانات الثلاث الإسلامية والمسيحية واليهودية فى ديانة واحدة تحت مسمى «الديانة الإبراهيمية»، وقال فضيلته خلال الكلمة التى ألقاها بمناسبة احتفالية بيت العائلة المصرية لمرور 10 سنوات على تأسيسه، إن هناك خلطًا بين تآخى الإسلام والمسيحية فى الدفاع عن حق المواطن المصرى فى أن يعيشَ فى أمنٍ وسلامٍ واستقرارٍ، وبين امتزاج هذين الدِّينين، وذوبان الفروق والقسمات الخاصة بكلٍّ منهما تحت مظلة دين واحد يسمى بـ«الإبراهيمية».
وأوضح «الطيب» أن أصحاب هذه الدعوات يطمحون لمزج اليهودية والمسيحية والإسلام فى رسالةٍ واحدة أو دِين واحد يجتمعُ عليه الناس، بحجة تخليصهم من بوائق النزاعات، والصراعات التى تُؤدى إلى إزهاق الأرواح وإراقة الدماء والحروب المسلحة بين الناس، بل بين أبناء الدِّين الواحد، والمؤمنين بعقيدة واحدة.
وقال شيخ الأزهر بشكل قاطع إن هذه الدعوى، مِثلُها مثل دعوى العولمة، ونهاية التاريخ، و«الأخلاق العالمية» وغيرها وإن كانت تبدو فى ظاهر أمرها كأنها دعوى إلى الاجتماع الإنسانى وتوحيده والقضاء على أسباب نزاعاته وصراعاته إلَّا أنها، هى نفسُها، دعوةٌ إلى مُصادرة أغلى ما يمتلكُه بنو الإنسانِ وهو: «حرية الاعتقاد» وحرية الإيمان، وحرية الاختيار، وكلُّ ذلك مِمَّا ضَمنته الأديان.
الورقة الرابحة لإسرائيل
من جانبه أكد الدكتور محمد منصور أستاذ العلوم السياسية، أن كل المؤشرات تؤكد تبني الإدارة الأمريكية الحالية لفكرة الديانة الإبراهيمية الجديدة وفرضها على دول الشرق الأوسط، حيث ترى الخارجية الأمريكية التى أعدت تلك الوثيقة، أنها هي الورقة الرابحة لصالح إسرائيل، فعن طريقها سوف يسود السلام الكامل بالمنطقة، وتحقيق دولتين وهي الإسرائيلية والفلسطنية.
وأشار إلى أن المساعي الأمريكية تهدف لتوقيع الدولة بالمنطقة وخاصة فلسطين وإسرائيل لوثيقة تدعو لنشر الأمور المشتركة للديانات الثلاثة وهي المسيحية والإسلامية واليهودية، من بينها السلام والمحبة والتبادل الاقتصادي بين الشعوب، والبعد عن آيات الكراهية لليهود وإسرائيل.
وتابع: «أمريكا تريد موافقة ولو مبدائيًا عن طريق الترحيب من جانب الأزهر والمؤسسات الدينية في دول بعينها بتلك الوثيقة، بحيث ينشر بيان بالترحيب بنشر الأمور المشتركة للديانات الثلاثة، بعيدا عن الكراهية للصهاينة ووجود إسرائيل».
وأضاف «منصور»، أن فكرة «الإبراهيمية» بدأت تتبلور منذ حوالي ثلاثين عاما في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكنها اتخذت على محمل الجد في العام 2013، وكانت إدارة أوباما تسعى لتطبيقها في عهد الإخوان، ولكن ثورة يونيو أجلت الفكرة، ولكن الرئيس بايدن وعد الإسرائيلين بتنفيذها قبل انتخابه.