السيناريوهات المتوقعة لسعر الدولار في البنوك بعد رفع الفائدة الأمريكية
أصبح ارتفاع سعر الدولار في البنوك، محل اهتمام جميع الشرائح من المواطنين سواء اقتصاديين أو مصنعين أو مستوردين أو المستهلكين، ولا سيما بعد قرار البنك الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة.
ووفقًا للبنك الفيدرالي الأمريكي، فأنه تم رفع سعر الفائدة الرئيسي على الدولار بمقدار نصف نقطة مئوية، بعد ساعات قليلة من ارتفاع عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات لأعلى مستوياته منذ نوفمبر 2018 عند 2.991%.
وأشار البنك المركزي الأمريكي، إلى البدء في تقليص الميزانية العمومية في أول يونيو، مشيرًا إلى أن خفض الميزانية سيبدأ بـ47.5 مليار دولار شهريًا.
وتوقع عدد من خبراء الاقتصاد، أن تقوم لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي باتخاذ قرار عاجل بشأن سعر الفائدة الحالي والذي يتجه نحو الزيادة بنسبة تقدر من 0.5% إلى 1%؛ لكبح جماح التضخم الخارجي والداخلي؛ الذي نتج عن الحرب الروسية الأوكرانية.
وكان البنك المركزي المصري قرر يوم 21 مارس الماضي رفع أسعار الفائدة بنسبة 1% بشكل مفاجئ وذلك في اجتماع استثنائي للجنة السياسة النقدية، ليسجل سعر الفائدة 9.25% على الإيداع و10.25% على الإقراض.
كما وافق في نفس اليوم لبنكي الأهلي ومصر على إصدار شهادة مرتفعة العائد 18% سنويا لمدة عام ويصرف عائدها شهريا التي جمعت أرصدة تقترب من 700 مليار جنيه حتى الآن بهدف السيطرة على الضغوط التضخمية المستوردة بسبب اضطرابات سلاسل الإمداد عالميًا.
كما توقع خبراء، أن قرار البنك الفيدرالي الأمريكي، سيتسبب في ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه، وهو الأمر الذي يؤثر سلبًا على أسعار السلع والخدمات في مصر خلال الفترة القادمة.
وجاء ذلك في الوقت نفسه الذي وصل فيه سعر الدولار في البنوك إلى 18.45 جنيه للشراء، و18.51 للبيع، وفقًا للبنك الأهلي المصري.
في هذا السياق، قال الدكتور علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد بمدينة العلوم والثقافة، إن الدولار سيرتفع خلال الفترة القادمة مع قرار الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة، متابعًا: «ولكن ما تردد عن وصول سعر الدولار إلى 30 جنيهًا ليس حقيقيا، والزيادات التي ستطرأ لن يتعدى فيها سعر الدولار الـ20 جنيهًا».
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه في حالة ارتفاع سعر الدولار سينعكس على معدلات التضخم بشكل مباشر، لافتًا إلى أن الفيدرالي الأمريكي سيصدر 5 زيادات أخرى خلال عام 2022.
وأشار «الإدريسي»، إلى أن الدولار والذهب سيشهدان زيادات خلال الفترة القادمة، قائلًا: «الدولار سيرتفع بسبب قرارات البنك الفيدرالي، والذهب سيرتفع بسبب الضبابية وعدم الاستقرار؛ نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية».
وأوضح أن الدولار يرتفع أمام الجنيه، أيضًا بسبب تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، وتراجع مصادر النقد الأجنبي، والصادرات المصرية، مشيرًا إلى أن هناك تراجعا ملحوظا في السياحة واستثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومي.
وتابع: «كل ما سبق يؤثر على الاقتصاد وينعكس على سعر الصرف، ويرفع من التكلفة الاستيرادية ويقل من قيمة الجنيه المصري، ولكن أتمني تكون الزيادة طفيفة بالنسبة لسعر الدولار؛ لأن الارتفاعات تظهر سريعًا على أسعار السلع والخدمات».
وواصل: «من المتوقع أن يقرر البنك المركزي خلال اجتماع السياسة النقدية المقبل رفع أسعار الفائدة بقيمة تتراوح بين 5% إلى 1%؛ نتيجة للتضخم الذي تشهده مصر مع قرار الفيدرالي الأمريكي».
واستكمل: «رفع سعر الفائدة في مصر ليس فقط للسيطرة على التضخم، ولكن للحفاظ على الاستثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومي وتشجعها».
وتوقع أستاذ الاقتصاد، أن تتحرك الحكومة والسياسة النقدية الفترة المقبلة، للسيطرة على ارتفاع سعر الدولار لمواجهة تداعيات الأزمة الأوكرانية الروسية، مثل مشاركة القطاع الخاص بـ10 مليارات دولار على 4 سنوات أي بمقدار 40 مليار دولار، بالإضافة إلى الحوافز للعاملين بالقطاع الخاص والصناعة.
وطالب «الإدريسي» بحوار وطني بين الحكومة والاقتصاديين يشمل التحديات والمخاطر التي تواجه الدولة خلال الفترة الحالية واستعراضها بكل شفافية وكيفية الخروج منها، قائلًا: «لا أحد ينكر ما تقدمه الدولة من جهود لتشجيع الصناعة والاستثمار ولكن هناك مجموعة من المستثمرين والمصانع لديهم أزمات تهدد بخروج بعضهم من السوق لذلك يجب الاستماع إليهم وحل مشكلاتهم».
من ناحيته، قال الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، إن البنك الفيدرالي الأمريكي قرر رفع سعر الفائدة لعدد من أسباب، أهمهم كبح جماح التصخم الذي لم يحدث منذ 40 عامًا في أمريكا.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن هذا بجانب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، التي تسببت في زيادة أسعار الطاقة والبترول، وتباطؤ سلاسل الإمداد والتوريد، وتراجع حجم التجارة الدولية ونقص في بعض السلع الأساسية، وارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع الغذائية، هو الأمر الذي أدى إلى حدوث موجة تضخمية عالمية بخلاف الآثار السلبية التي نتجت عن فيروس كورونا.
وأشار «الشافعي»، إلى أن حجم الدين الأمريكي وصل إلى 28.5 تريليون دولار، برغم من الدين المحلي 20.5 مليون دولار، قائلًا: «كل ما سبق أسباب تجبر الفيدرالي الأمريكي بأخذ قرار رفع الفائدة للحفاظ على أموال المستثمر داخل البلاد وعدم خروجها، وخفض القوة الشرائية والسيطرة على التضخم».
وتابع: «بالنسبة لمصر فإن وكالة بلومبرج أصدرت تقريرا حول السعر العادل للجنيه المصري أمام الدولار هو 17.50 جنيه، والذي من المتوقع أن يستقر عليه الدولار، وأعتقد الحكومة تأخذ حزم من الإجراءات خلال الفترة الماضية، مثل تحجيم الاستيراد وتوطين صناعات جديدة وتشجيع المنتج المحلي وتذليل العقابات أمام المستثمرين».
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن هذه الإجراءات تساعد على استقرار الدولار أمام الجنيه المصري، قائلًا: «إذا لم يتم انخفاضه فهو سيظل مستقرا، ولا سيما مع تراجع الدولار أمام الروبل الروسي».
وتوقع رفع أسعار الفائدة بين 0.5% إلى 1%، خلال اجتماع لجنة السياسية النقدية المقبل في 19 مايو 2022؛ لامتصاص الآثار السلبية التي تسبب فيها الحرب الروسية الأوكرانية.
ولفت «الشافعي»، إلى أنه من الإيجابيات التي حدث خلال الأيام القليلة الماضية، إعلان البنك المركزي ارتفاع الاحتياطي النقدي إلى 37.1 مليار دولار، وهو الأمر الذي يساهم في استقرار سعر الصرف.