رئيس التحرير
خالد مهران

أخطاء الحكومة تهدد بإفشال مؤتمر المناخ

أخطاء الحكومة تهدد
أخطاء الحكومة تهدد بإفشال مؤتمر المناخ

على بُعد أشهر قليلة من استضافة مصر لأهم مؤتمر عالمي يخص المناخ، وهو مؤتمر اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير مناخ «cop27»، والذي تستضيفه شرم الشيخ، خلال شهر نوفمبر المقبل، ومع تزايد الاهتمام العالمي بالتشجير، وزيادة الرقعة الخضراء، لما للنباتات والأشجار من قدرات هائلة على الحد من الانبعاثات الملوثة لظاهرة الاحتباس الحراري، إلا أن الكثير من مناطق الجمهورية خاصة مناطق القاهرة والجيزة شهدت عمليات قطع موسعة للأشجار الموجودة بالطرق من تقليص مساحات الجزر الوسطى لتوسعة الطرق القائمة أو إنشاء محاور مرورية جديدة.

وكشف تقرير عن تحديد نسبة احتياج الفرد للخضرة والأشجار من حوله ليتمتع بصحة جيدة، ففي كندا يصل نصيب الفرد فيها إلى 10136 شجرة، تليها جرينلاند الدنماركية 4964 شجرة، ثم في المرتبة الثالثة أستراليا بنصيب 3266 شجرة لكل مواطن هناك، ثم الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث نصيب الفرد 699 شجرة، فرنسا 203 شجرات، ثم إثيوبيا التي يصل فيها نصيب الفرد من الأشجار 143 شجرة، أما الصين 130 شجرة، ثم بريطانيا 47 شجرة، أما مصر فيأتي نصيب الفرد فيها بذيل القائمة، بمعدل شجرة واحدة.

وخلال الفترة الماضية، شهدت مصر، الكثير من الوقائع التي تشير إلى المجازر التي ارتكبتها الدولة بحق المساحات الخضراء، والتي كان من بينها أشجار تاريخية يزيد عمرها عن العقد، بدلًا من زيادة الرقعة الخضراء.

المعادي

تعد منطقة المعادي، من أكثر المناطق التي تشهد بين الحين والآخر القطع العشوائي لأشجار يعود تاريخها لأكثر من 150 عاما في أماكن متفرقة، والتعدي على المساحات الأمر الذي أشعل حملات الرفض والإدانة لحملات التعدي على طابع المدينة الأخضر.

العجوزة 

وقامت المحليات في يناير 2021، بعمليات قطع أشجار الكافور المعمرة التي يتخطى عمرها 100 عام ويعود تاريخها لعهد الخديوي إسماعيل، بكورنيش النيل بمنطقة العجوزة بمحافظة الجيزة، حيث اعترض عدد كبير من سكان منطقة العجوزة والمارة بكورنيش النيل بشارع النيل بالجيزة، من قطع عدد من أشجار الكافور الضخمة، واصفين قطعها بالمجزرة للأشجار المعمرة، والتي ردت عليهم محافظة الجيزة، بأنه عند الاستناد إلى التقارير والتوصيات التي تم إعدادها مسبقا من خلال لجان ضمت الجهات المعنية في هذا الشأن، والتي انتهت إلى أن بعض أشجار الكافور المعمرة بشارعي النيل ومراد والبالغ عددها 20 شجرة قد وصلت إلى مرحلة متقدمة من العمر وأصبحت تعاني من الضعف العام، وبعضها جاف والأخرى مصابة بالأمراض الفطرية والحشرية بالإضافة إلى وصول أنسجة الجذور ومنطقة التاج إلى حالة الموت، وما تحمله من أفرع ضخمة مما يعرضها للسقوط المفاجئ، وأوصت بضرورة قطع تلك الأشجار.

مجازر فى محافظات المحروسة

ولم تقتصر حملات القطع الجائر على مناطق القاهرة ولكنها امتدت إلى عدد من المحافظات بالجمهورية، والتي جاءت كالآتي:

السويس

تم تدمير الأشجار الكثيفة المعمرة من حديقة الخالدين أمام المحافظة، التي ترعرعت من سنوات، وتركت الحديقة كما يقول أهالي السويس «قرعة»، حيث تم التوسع بإزالة الأشجار من طريقي بورتوفيق على الجانبين وخلع الأشجار من الكورنيش، فضلا عن خلع الأشجار التي أصبحت معدومة في كل طرق السويس العامة بين القاهرة والسخنة والإسماعيلية وطريق النفق إلى سيناء.

بينما فوجئ مواطنو محافظة الغربية بإعلان محافظة الغربية عن قيامها بطرح أكثر 1500 شجرة للبيع بعد قطعها من الطرق  بمناطق مختلفة وطرق رئيسية بالمحافظة منها 895 شجرة كافور مختلفة الأقطار والارتفاع بنطاق مركز ومدينة طنطا على طريق محلة منوف.

كما تم قطع 77 شجرة متنوعة بنطاق حي أول طنطا، وعدد 591 شجرة بنطاق مركز ومدينة زفتى منها 541 شجرة بقرية سنباط، و50 شجرة بقرية الغريب.

وتم عرض الأشجار للبيع بالمزاد العلني طبقا لأحكام القانون لسنة 2018 إلى جانب اشتراط دفع مبلغ مالي لتأمين دخول المزاد العلني الذي يعقد بقاعة المجلس المحلي لمحافظة الغربية بمدينة طنطا.

المثير للتساؤل، أن كل هذه التصرفات الخاطئة تأتي في سياق إعلان الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، إطلاق مبادرة لتشجير الجمهورية كاملة، بالإضافة إلى إنشاء حديقة بكل محافظة، وهو ما يكشف عن تضارب واضح في سياسة الدولة تجاه البيئة الخضراء.

وفي هذا السياق، قالت النائبة، ندى ألفت ثابت، إنها قدمت طلب إحاطة قالت فيها إن الإسكندرية تعرضت لما يسمى بـ«مذبحة أشجار» بسبب عمليات قطع الأشجار الموسعة وخاصة في منطقة سبورتينج والمنتزه، فهناك كميات كبيرة جدًا من الأشجار التي تمدت  إزالتها والتي كان من بينه‍ا أشجار معمرة ظلت لسنوات طويلة جدًا.

ووصفت النائبة في تصريح خاص لـ«النبأ» عمليات قطع الأشجار بالأمر المحزن في الوقت الذي فيه مصر في عرض شجرة زيادة لما للأشجار من أهمية في حياة المصريين والهواء الذي يتنفسونه.

وتابعت: «حرام اللي بيحصل ده، وممكن نهتم بالشجر من خلال تقليمه ومراعاته بدلا من قطعه نهائيا، لكن المذابح التي تتعرض لها الأشجار والتي تصل لقطعها من جذورها تماما حرام يحصل».

وأشارت عضو مجلس النواب، إلى أنه لم تكن هناك فرصة لمناقشة طلب الإحاطة الذي تقدمت به بشأن عمليات قطع الأشجار بسبب انتهاء مدة دور الانعقاد وحصول المجلس على الإجازة السنوية الخاصة به.

وطالبت عضو مجلس النواب، بتشجيع الزراعة والتوسعة فيها وزيادة معدلات التشجير وتوسيع المساحات الخضراء لما لذلك من أهمية كبرى في جهود مواجهة التغيرات المناخية وتأثيراته السلبية على مصر.

وأكدت: «إحنا مش ضد التطوير وجهود الدولة لتوسعة الطرق وغيرها من المشروعات المهمة، لكن يجب الحفاظ على الأشجار، وفي مناطق مش داخلة في حيز العمران زي أشجار نادي سبورتينج في الإسكندرية».

وطالبت النائية ندى ألفت ثابت، بزيادة نسب التشجير في الميادين، وحتى في حالة تعارض الأشجار مع مشروعات معينة ضرورية يمكن التعامل بنقل الأشجار وزراعتها في مناطق أخرى، وليس قطعها كما يحدث.

ولفتت النائبة البرلمانية إلى ضرورة تدخل البرلمان بوضع تشريع يحفظ حقوق الأشجار ويحرم قطعها بشكل جائر، متابعة: «سأفتح الملف خلال الفترة المقبلة».

بدورها، قالت الدكتورة سوسن العوضي، أخصائية البيئة والتغير المناخي، إنهم يواجهون انتقادات من قبل خبراء ونشطاء البيئة في الدول الخارجية حينما تتحدث مصر عن استضافة مؤتمر المناخ وجهود الحفاظ على البيئة ومواجهة آثار التغيرات المناخية.

وأضافت سوسن العوضي، في تصريح خاص لـ«النبأ»، أن الأشجار لها دور مهم جدًا في التقليل من كميات الانبعاثات الكربونية الضارة في الهواء الناتجة من احتراق الوقود بالنسبة للمركبات ووسائل النقل المختلفة أو الناتجة عن تشغيل المصانع، بشكل كبير جدًا.

وتابعت أخصائية البيئة: «لما بسأل ناس من المسؤولين عن قطع الأشجار عن سبب ده، بيتقال إن دي خطط دولة في التنمية والتخطيط للطرق وفي حاجات ليها علاقة بالكاميرات في الشوارع وهو مرتبط بشق أمني، لكن في النهاية لو هنقطع أشجار لازم يبقى في خطة واضحة لإعادة زراعتها في أماكن أخرى».

وانتقدت «العوضي» قطع الأشجار الأثرية التي تجاوزت أعمارها فوق الخمسين عاما، وهو ما حدث في مصر الجديدة وهليوبوليس والتي تم قطع أشجار فيها تجاوزت أعمارها 100 عام.

وأضافت: «نشطاء البيئة أطلقوا عدة مبادرات لوقف قطع الأشجار، وأتمنى لخطط التنمية المختلفة والطرق والكباري أن تضع أهمية كبرى للحفاظ على الأشجار وحمايتها».

وتابعت أن الأشجار تساعد أيضًا على خفض درجات الحرارة: «المدينة اللي بيكون فيها أشجار بيقل فيها الإحساس بحرارة الشمس بصورة واضحة مقارنة بالمدينة التي لا تحتوي على أشجار».

وقالت الدكتورة سوسن العوضي، إن هناك حالة من الغموض، متابعة: «البيئة تقول ده مش تبعنا ده مع المحليات والمحليات تقول مش عندنا وفي النهاية مش هتقدري توصلي للمتهم الرئيسي في قطع الأشجار، وزيرة البيئة قالت إن قطع الأشجار مش مسؤوليتها، طيب مسؤولية مين!، وإيه مفيش تنسيق وليه منرجعش لوزارة البيئة كونها المختصة بشئون البيئة».

وأكدت أنه لا توجد إحصائية بشأن أعداد الأشجار التي تعرضت للقطع، موضحة أنه لا بد من وضع ضوابط وشروط لنقل الأشجار من مكانها حال تعارضها مع مشروع معين.

وناشدت بتخصيص جهة موحدة، تكون مهمتها الحفاظ على المساحات الحضراء، ويتم اللجوء إليها قبل اتخاذ أي قرار.